عبد الله مسار يكتب : مليونية السبت
بعد خروج ملايين البشر السوداني من كل أطيافه في مليونية السبت 16/ 10/ 2021م والتي ملأت دنيا الخرطوم وشوارعها بشراً, وسكنت في شارع الجامعة والقصر والجمهورية وكل الشوارع في وسط الخرطوم, وكانت ملحمة وطنية كبيرة هزّت عرش قحت الرباعية وأذيالها, بل أدركت قحت وحكومتها أنها راحلة بحمدوكها أو بدونه, ولذلك اضطرب القوم وأصابتهم الهستيريا والكاروشة.
لأنهم بدأوا يهضربون ويقولون إنها مليونية مدفوعة الثمن, وإنها من الكيزان والفلول, وإنها جاءت من الدولة العميقة, وبعضهم نعت حركات الكفاح المسلح بأسوأ النعوت وهم الذين كان يسمونهم حركات الكفاح المسلح. أما كانوا محتاجين لهم وإنهم إخوانهم في الكفاح, وإنهم شركاؤهم في الثورة ووصفوهم لما كانوا محتاجين إليهم بأحسن الألقاب والأسماء وأحب الصفات، إنها الانتهازية في أوسع صورها وأبهى معانيها.
بدأوا في حملة مسعورة يسبون ويشتمون في جدادهم الإلكتروني, ويقولون عن المليونية كل قبيح, وجمعوا كل مناصريهم وكُتّابهم وروائييهم وقاصيهم وشعرائهم ومشايعيهم, بل ملأوا الأسافير بغث الكلام والحديث عن المليونية، وفبركوا الصور والفيديوهات, وأقاموا منصات إعلامية لدفن الحقيقة, وحاولوا أن يجيروها لدعاية كاذبة ومُغرضة, وطبعاً استعملوا هذا الأسلوب إبان الاعتصام الأول ويعتقدون أنه ناجح في كل حين, بل هو أسلوبهم من لدن نميري وحتى الآن يفلحون في التضليل والتهويل والقتل المعنوي, بل حتى الكذب البواح!
ولذلك لما رأوا بعيونهم هذا الفيض من الشعب وهم لم يحتملوا مثل هذا، ولم يمر عليهم بل لم يتوقعوه كراهية فيهم, لأن الشعب خرج بهذا الكم الهائل كراهيةً لهم ولجدادهم الإلكتروني، ونسوا وتناسوا أن الشعب لم يعد يطيقهم بعد أن أجاعوه وشرّدوه وأذلوه وضيّقوا عليه في أمنه ومعاشه ورزقه وكَدِّه, وفصلوا الكم الهائل بجراير مُختلفة وخربوا بيوتاً وشرّدوا أسراً وأضاعوا الدين وأفقروا المجتمع، وكلما يتحرّك الشعب يُلوِّحون بعصا المجتمع الدولي، بل جابوا البعثة الأممية لحمايتهم وحكومتهم, ولوّحوا بأنهم ذاهبون الى السفارات يشتكون الشعب ويطلبون من دول الغرب إدخال الشعب السوداني في بيت الطاعة القحتاوي والوصاية, وأكثروا من الضجيج, وملأوا الأسافير والوسائط بساقط القول والشائعات حتى يرجع الشعب لبيت الطاعة القحتاوي, ولكن الشعب بعد الضيق في كل شئ من المعاش وحتى الانفراط الأمني, وتكالبت على الشعب مصائب الحياة, وعاش الفقر والمسغبة والمرض وسوء الأخلاق والكذب البواح، وكلما شعروا أن الشعب تضايق قالوا والله نشتكيك للمجتمع الدولي, وأساءوا الى المؤسسة العسكرية ولأنهم أقلية يختلقون الدعايات هذا كوز, وهذا ذيل, وهذا حركة مسلحة، وهذا دولة عميقة! ولكن الشعب كشف زيفهم وقرّر استعمال سلاحهم مسيرة منهم بعشرة أمثالها، وشارع منهم بعشرة شوارع, ووقفة احتجاجية منهم بعشر وقفات، واعتصام بقدره عشر مرات، وفلول مقابلها يسار وعلمانيون وهكذا، ولستك بعشر لساتك، والمجد للتروس واللساني يقابله نفس القانون لكن بعشرة اضعافه.
إذن أيها القحاتة جماعة الأربعة ومن شايعها.. أمامكم خياران لحكم الشعب, خيار الشارع إذا أخرجتم شخصاً مقابله عشرة أشخاص والشعب يقول كلمته, عشان ترتاحوا جيبوا الخواجات شهوداً وبحواسيبهم ليعدوا من معه الشعب أو نذهب الى الانتخابات ونتخلّص من حكم الفهلوة والاستهبال السياسي والتخوين والتجريم!
أحزاب من الاستقلال وحتى اليوم لم تحصل على مقعد نيابي واحد باسم كذبة عاوزة تحكم السودان وتحول موارده وإمكانياته ووظيفته العامة لصالحها وتعيث فيه كما تشاء باسم الثورة ومحاربة الكيزان والفلول وهم لا علاقة لهم بذلك غير مصالحهم, وكل يوم يطولوا في الفترة الانتقالية عشان يتمكّنوا ويمكنوا أحزابهم, بعد كل هذا شتم لكل شخص أو مؤسسة لها رأي في هذا ولم تسلم حتى المؤسسة العسكرية صاحبة النضال والتضحيات وشريكتهم في الوثيقة الدستورية والتي كان لها القدح المعلى في التغيير.!
وكلما قال لهم الشعب قوله ذهبوا الى السفارات والمجتمع الدولي ليحميهم.
يا هؤلاء الشعب وعى الدرس “حكم ميطي مافي تاني”
الخيارات أمامكم, إما حكم الشارع أو حكم صندوق الانتخابات.
أما الدكتور حمدوك عليك أن تختار الوقوف مع أكثرية الشعب وتبقى, أو مع قحت الرباعية وترحل، هذه خيارات الشعب السوداني. مافي مسك عصا من النص, الشعب أوعى من قحت الرباعية ومن كل متربص, خذ ما تراه والشارع موجود والشعب موجود!
ثلاث سنوات دورة حكم انتهت الى الفشل وقطعاً لن يسمح الشعب باستمرار الفشل..!