الكلية لم يتم اعتمادها وحُذفت من دليل القبول
طلاب: ندرس منهجاً غير مجازٍ وآخر ملغي منذ أكثر من 18 عاماً
تفاجأنا أن كلية الطب بجامعة شرق كردفان أُسِّست لدراسة الأمراض التي تنتشر بتلك المنطقة فقط
وزارة التعليم العالي ترفض الحديث عن القضية
الخرطوم: أم بلة النور
منذ اندلاع ثورة ديسمبر المجيدة والتي جاءت بفضل تضحيات الشباب، إلا انهم أكثر الفئات التي تضررت خلال الثلاث سنوات الماضية، جَرّاء الإغلاق المستمر للجامعات، والتي نتجت عنه هجرة كبيرة للطلاب للبحث عن مقاعد دراسية بالخارج ومنهم من اتجه لسوق العمل الحر والأعمال الهامشية، إلا أن هناك طلاباً كانت لديهم مشكلات من نوع آخر داخل الكليات التي تم قبولهم بها، لا سيما الكليات العلمية مثل طلاب الطب بجامعتي السلام وشرق كردفان والتي اعتصم طلابهما أمام مباني وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الأيام الماضية حتى يئس طلاب جامعة السلام وهجروا مقاعد الدراسة بالجامعة وبحثوا عن جامعات وكليات أخرى داخل وخارج السودان، غير أن طلاب كلية الطب والعلوم الصحية بجامعة شرق كردفان ما زلوا متمسكين بقضيتهم والتي نتناولها في سياق التقرير التالي…
حبر على ورق
بحسب حديث مجموعة من طلاب كلية الطب والعلوم الصحية بجامعة شرق كردفان “للصيحة”، إن كلية الطب والعلوم الصحية هي عبارة عن كلية على الورق فقط وليس لها اساس على ارض الواقع، جاء ذلك الحديث بعد ان تم قبولهم والذهاب لمقر الكلية بمنطقة ابو جبيهة بشرق كردفان، تفاجأوا بعدم وجود قاعات، وكل ما هو متوفر عبارة عن فصلين دراسيين من مدرسة بالمنطقة، ولا تتوفر فيهما معامل ومشرحة وغيرها من البنيات الاساسية لكلية طب وعلوم صحية، وقال الطالب محمد الطيب إن الفصلين لا تتوفر فيهما خدمات الكهرباء أو المياه، لأن المنطقة عمومًا لم تصلها خدمة الكهرباء وتعمل بالمولدات فقط لمدة ساعتين في اليوم، لينقطع التيار اثناء المحاضرة.
وأضاف محمد أن الكلية أيضًا لم تتم إجازتها من قبل اللجنة الطبية بوزارة التعليم العالي والتي تقوم بدورها بعمل زيارة ميدانية للكليات الطبية وتقف على جاهزيتها ومن ثم منحها التصديق والمنهج وإدراجها ضمن قائمة دليل القبول العام، وزاد قائلاً: كل تلك الإجراءات لم تتم بل تم تصديقها على الورق وإدخالها الدليل، الامر الذي انهى مستقبل اكثر من 350 طالبا بكليتي الطب والجراحة العامة وكلية التمريض العالي والذين تم قبول دفعتين منهم خلال العامين 2018 و2019م ليجدوا انفسهم في كلية ليس لها وجود على أرض الواقع، واضعين بذلك اللبنة الأساسية في سلم الضياع الشامخ.
حل مؤقت
وكشفت الطالبة إسلام محمد الحاج، أنه وبعد استئناف الدراسة والتي لم تستمر لأكثر من شهر لعدم وجود تقويم دراسي واصطاف دراسي, ظلت الكلية تعتمد على الأستاذ الزائر الذي لا يداوم بالكلية إلا أياماً محددة ويقوم بتدريس الكورس في يوم أو يومين فقط، في حين يتم تدريس ذات الكورس في ثلاثة أشهر في الجامعات الأخرى، وقالت: بعد أن وصلنا إلى قناعة بأن الدراسة مستحيلة بمنطقة ابو جبيهة تواصلنا مع وزارة التعليم العالي بالخرطوم وقامت بتوفير قاعات لنا بجامعتي بحري والزعيم الأزهري ووجهت الجامعتين باستضافتنا لحين إنهاء الأزمة وتهيئة بيئة الكلية، إلا أن هناك إشكالات كبيرة واجهتنا خلال تلك الاستضافة والتي مقرر لها عامين, حيث ظلوا يقومون بتجديدها كل ثلاثة أشهر ولا يتم تجديد الاستضافة إلا بمتابعة من قبل الطلاب، وأشارت إلى مشكلة أخرى واجهتهم تمثلت في عدم وجود اسطاف خاص بالكلية حيث يتم تدريسهم في ساعات فراغ أساتدة تلك الجامعات ولا تسمح لهم إدارة جامعتي بحري والزعيم الأزهري الدخول للمعامل إلا بعد دخول طلابهم في الإجازات الرسمية, الأمر الذي عطّل دراستهم لأكثر من عامين.
حذف وعدم اعتماد
وأوضحوا في شكواهم أنهم عند مقابلة المجلس الطبي لعرض قضيتهم تفاجأوا بعدم اعتماد تلك المناهج التي يدرسونها بكلية الطب والجراحة العامة, كما أن مقرر كلية التمريض العالي هو مقرر لطلاب الدبلوم وتم إيقافه منذ العام 2003م ولا يصلح للدراسة، وان منهج كلية الطب والجراحة من قام بوضعه مجموعة غير مختصة، وعند تخرجهم لا يعتمد المجلس الطبي تلك الشهادة للجلوس لامتحان مزاولة المهنة وغير معتمدة لأداء القسم، وأرجع مجلس المهن الطبية ذلك القرار إلى ان كلية الطب بجامعة شرق كردفان اسّست لدراسة الأمراض التي تنتشر بتلك المنطقة فقط وهذا الأمر جعل خريج تلك الكلية غير مؤهل للجلوس لامتحان مزاولة المهن الطبية.
بعد أن تأكد لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي عدم وجود الكلية على أرض الواقع, درج مكتب القبول على حذف الكلية من قائمة دليل القبول لهذا العام دون أن يتم حل قضية الطلاب القدامى.
غياب إداري
وقال الطالب عبد الله عباس لـ(الصيحة) إن هناك غيابا تاما لإدارة جامعة شرق كردفان ولا يلتقون بمسجل الكلية إلا عند بداية العام الدراسي والذي يقوم بتسجيل الطلاب وجمع الرسوم منهم ويختفي بعد ذلك، كما أنهم توقّفوا عن الدراسة خلال الفترة الماضية نسبةً لاستقالة عميد الكلية، وطوال الفترة الماضية لم يلتمس الطلاب أي اهتمام من قِبل إدارة الجامعة التي ينتمون إليها.
لا نتائج للامتحانات
ومن الإشكالات التي اشار اليها الطلاب في حديثهم لـ(الصيحة) أيضاً هي الانتقال دون استخراج نتيجة للامتحانات التي جلسوا لها خلال الفترة الماضية، الأمر الذي يجعل هناك صعوبة في عملية التحويل لجامعة أخرى, كما لم تتح لهم الفرصة لتقديم استقالتهم والتقديم مرة أخرى في الجامعات والكليات للدراسة على النفقة الخاصة واستخراج رقم جامعي جديد, الأمر الذي يجعلهم يقفون مكتوفي الأيدي أمام كافة تلك التحديات.
مطالب مشروعة
وقال الطلاب إنهم وبعد أن وجدوا أنفسهم أمام تحدي الخروج من مؤسسات التعليم العالي اتجهوا للوزارة وقاموا ونظموا اعتصاماً مفتوحاً أمام مباني الوزارة اعتباراً من الخامس من سبتمبر وحتى الآن، مطالبين بحل قضيتهم وقاموا بمخاطبة وزارة التعليم العالي، ومجلس المهن الطبية, كما قاموا بمخاطبة رئيس مجلس الوزراء دون أن يكون هناك ردٌّ من أي منهم, وذكروا أن الوزارة كانت وعدتهم بتهيئة البيئة وتعيين اسطاف, إلا أنها تراجعت نسبةً لعدم وجود مقر للكلية، كما أن وكيل الوزارة بروف سامي شريف صرّح لهم شفاهةً أن قضية توزيعهم على الجامعات فوق مستوى اختصاصاته وتحتاج لقرار سيادي، وعلي الرغم من عدد الخطابات التي تم توجيهها للمسؤولين لم تكن هناك استجابة من كافة الجهات, واضافوا ان اعتصامهم مُستمرٌ حتى حل قضيتهم, بعد أن رفعوا سقف مطالبهم وهي أن يتم توزيعهم على الجامعات الأخرى ولا يريدون حلولاً أخرى.
عدم استجابة
وللوقوف على القضية من وجهة نظر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي, قامت (الصيحة) بالوصول لمباني الوزارة, إلا أنها لم تجد الوزيرة انتصار صغيرون ووكيلها بمكاتبهما, كما قمنا بالاتصال بوكيل الوزارة سامي شريف لأكثر من أسبوع دون أن تكون هناك استجابة منه, وقال مصدر مطلع بالوزارة إن الوكيل والوزيرة انتصار صغيرون يتجنبان الحديث للإعلام نسبةً لمطالبة العاملين بإقالتهما.