الزبير عوض الكريم يكتب : قضية الجزيرة نواوي وتأرجح الحسم
خلال أعوام سلطة العهد البائد, ظلت قضية الجزيرة نواوي العادلة في تجوال صادم وممل بين منصات المماطلة الإخوانية دون طائلٍ غير التأرجح اقتراباً من الحسم وابتعاداً عنه بفضل تدخلات بعض منسوبي النظام وإعاقتهم لأي تحرك نحو الحسم, لعلمهم وعلم الكافة قبلهم أنه ليس في صالح ذوي القربى بأي حالٍ من الأحوال, كما أن الأمانة تقتضي بعيداً عن التملق والتوسل والاستجداء أن نعترف لولاية نهر النيل بقيادة الوالي د. آمنة المكي أفضل خيارات الثورة مع أجهزتها الأمنية والقضائية والإدارية, أنها قد أولت هذا النزاع الدامي الاهتمام الإيجابي والمسؤول وأنقذته من الموت السريري المُمنهج, ولم يكن هذا مُستغرباً من ولاية تتربّع على قمة إدارتها ثائرة عُرفت بمواقفها الوطنية الصلبة ضد الفاشية الإخوانية في أقسى ظروف استبدادهم وقهرهم وتنكيلهم بالمُعارضين، كما اشتهرت في كل المواقع التي عملت بها بالتزام جانب الحق قولاً وفعلاً دون تراجع مهما كانت عواقب ذلك ونتائجه, ويكفي دليلاً على تميزها اللافت للنظر أن استهداف الفجور الإخواني لها ما توقف لحظةً, بل وصل عدم موضوعيتهم تحميلها مسؤولية انهيار الاقتصاد العالمي والغلاء المتفشي حتى في كبريات الدول في مُحاولةِ للتهرب من الواقع الذي أبان لهم الفارق المُذهل كفاءةً وطهراً ونزاهةً بينها وكوادرهم التي تعاقبت على هذا الموقع الرفيع وإحالته مقراً دائماً للوشاة والمُخبرين وتنفيذ ما تحتويه التقارير اليومية التي اُرتكبت في حق هذا الوطن والمُواطنين الكثير الذي يرقى إلى الجرائم, ويكفي حال السكة حديد الماثل تأكيداً وبرهاناً, كما لا يُمكن نسيان الكثير من القضايا الحيوية التي قُبِرَت بالإهمال المُتعمِّد وقضية هذه الجزيرة لم تكن استثناءً، ولولا جُهُود ولاية الثورة التي بذلتها في جدية وحزم لما تمكنت من إحياء هذه القضية والتدرج بها في نزاهة عادلة أوصلتها قرار الحسم وتحديد ميعاد جلسة النطق به، ولكن, تشاء الظروف أن يصدر قرار نقل القاضي الموكلة إليه القضية في أكثر الأوقات أهميةً لوجوده ليتأجّل النطق بقرار الحسم النهائي وإنهاء هذا النزاع الذي استطال بلا مبرر وكلَّف من الخسائر ما لا يُحصى ومن الأرواح ما لا يُعوّض، ورغم القناعة الراسخة في عدالة القضاء ونزاهته إلا أنّ التجارب الأليمة التي مرت بها هذه القضية خلال العهد الإخواني وتنقلها بين العديد من المنصّات وتسببها في غياب الحسم هي التي تُثير المخاوف من أن تعود القضية بعد نقل مُتابعها إلى البداية بعد أن وصلت مرحلة القرار، وبما أنه من الطبيعي أن يختلف أسلوب تحقيق العدالة بين قاضٍ وآخر, فإن نقل القاضي المواكب لها مهما كانت أهمية أسباب النقل ودواعيه من شأنه أن يُؤخِّر مسار القضية الذي شارف نهايته. وبلا شك فإنّ البديل الذي سيتولاها لن يبدأ من حيث توقف سلفه, ولكن من الطبيعي أن يشرع في الدراسة والتمحيص واستخلاص ما يعينه على استكمال مُهمّته العدلية وهذا يستغرق وقتاً إن طال أو قصر سيؤدي حتماً إلى ضياع الموسم الزراعي الحالي لتتضاعف مُعاناة المُزارعين الذين أرهقهم تراكُم الديون نتيجة ضياع مواسم مثيلات كُثُر, رغم أن الأرض المحرم عليهم الاقتراب منها هي لهم بكافة الوثائق الرسمية والمُستندات القانونية التي يَحملونها والمَوجودة أيضاً بأجهزة الولاية ذات الصلة، ولا يراودني هاجسٌ من الشك في أنّ جهازنا القضائي الموقر يدرك المخاطر التي قد تنجم عن قرار نقل القاضي وإلجامه قبل النطق بقرار الحسم المرتقب بسويعات في مثل توقيت انحسار النيل والتأهُّب للزراعة، وما ينجم من مُناوشات وصدامات قد تكون خُطورتها هذه المرة أشد وأفظع بعد أن طال الانتظار ونفد الصبر وتفاقمت الاحتقانات، غير أنّ كل ذلك يمكن تداركه إذا اتيح للقاضي المُتابع لها والمُدرك بحيثياتها وتفاصيلها عقد الجلسة الختامية التي سبق أن حدّد توقيتها حتى لو استدعى ذلك إحضاره من موقع عمله الجديد إن سبق له تنفيذ النقل، فقرار إنهاء هذا النزاع تستوجبه مع العدالة التي اندلعت الثورة لتحقيقها دواع إنسانية وأمنية جديرةٌ بالاعتبار فحواهما رد الحق لأهله ووضع حدٍّ للاقتتال.