خطاب رئيس الوزراء ..هل يمثل هبوطاً ثورياً ناعماً؟
تقرير: نجدة بشارة
تباينت ردود الفعل وسط الأوساط السياسية بين ناقدين ومؤيدين ومرحبين ورافضين لخطاب رئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك.
ووصف البعض الخطاب بالموضوعي، والسّهل والخالي من التعقيد، وأن الخطاب رسم خارطة طريق لإنهاء الأزمة التي وصفها حمدوك في خطابه “بأسوأ وأخطر” أزمة سياسية تهدد الانتقال على مدى عامين…
في المقابل, قلل آخرون من الخطاب ونعتوه بخطاب التهدئة وأقرب للعلاقات العامة، لا سيما وأن حمدوك استبق مليونية 16 أكتوبر المُعلن عنها أمس, وتساءلوا هل خطاب حمدوك يمثل هبوطاً ثورياً ناعماً لما حواه من إشارات لمعالجة الأزمة السياسية ورسم خارطة طريق لتجاوز الخلافات، ولما حواه الخطاب من إشارات لقبول بعض المطالبات التي يرفعها الآخرون مثل توسعة قوى الحرية والتغيير ومعالجة اخطاء لجنة إزالة التمكين.
ترحيب ولكن؟
في الأثناء, رحب حزب الأمة القومي بخطاب رئيس الوزراء؛ عبد الله حمدوك, وقال الحزب في بيان مُهر بتوقيع الأمين العام الواثق البرير, إن رئيس الوزراء قدم خطاباً ضافياً للشعب السوداني, وأضاف “وقد تميّز الخطاب بالوضوح والشفافية اللازمة في مثل هذه الأوقات”.
وأكد الحزب دعمه لما ورد في الخطاب من خطوات, مبيناً أنها تمثل الطريق الصحيح نحو التحول الديمقراطي وحل قضايا الانتقال الراهنة, وتابع “وعقولنا منفتحة نحو الحوار البنّاء الذي يعضد وحدة قوى الحرية والتغيير ويمنع مخططات قوى الردة المستهدفة لثورتنا المجيدة”.
هل يسهم في استقرار البلاد؟
في المقابل, يرى خبراء ومحللون ان الخطاب وضع 10 نقاط وخطوات من شأنها أن تساهم في استقرار الأوضاع السياسية بالبلاد، وتحقق غايات ثورة ديسمبر المجيدة دون إبطاء، لا سيما الإشارة الى ضرورة الوقف الفوري لكافة أشكال التصعيد بين جميع الأطراف والتأمين على أن المخرج الوحيد هو الحوار الجاد والمسؤول حول القضايا التي تقسم قوى الانتقال.
مع التأكيد على الالتزام بالوثيقة الدستورية وجعلها مرجعية للتوافق بين مكونات السلطة الانتقالية.
يقول الكاتب والمحلل السياسي معتصم بخاري, إن حديث عبد الله حمدوك مباشر وسهل وخال من التعقيد والتقعر اللغوي, وأرسل رسائل واضحة في كل بريد وسمى الأشياء بأسمائها, كما حمّل كل جهة مسؤولياتها وبيّن أخطاءها وعلّلها ولم يستثن نفسه من النقد.
تهدئة الشارع
في مقولة سابقة للناظر تِرِك, قال رئيس الوزراء يبدو “كاتل ضلو لكنه خطير جداً”, وبالرجوع إلى مرجعية خطورة رئيس الوزراء هل رمز ترك، الى حنكة حمدوك السياسية، أم لقدرته على التصدي وحسم المواقف؟
ويجيب القيادي بالحزب الشيوعي كمال كرار في حديثه لـ(الصيحة) أن خطاب حمدوك لم يضف جديداً للمشهد السياسي، لكن الخطاب أظهر حرصه على التوافق السياسي من خلال تأكيده على التمسُّك بالوثيقة الدستورية, وأردف لكن فيما يتعلق بالازمة السياسية التي تحدث عن حمدوك في الخطاب، يرى كرار أن الأزمة تحتاج الى قرارات جريئة من جانب رئيس الوزراء وليس حديثاً لدغدغة المشاعر، وقال كان حريٌّ أن يطرح الخطاب حلولاً للمشكلات الآنية مثل قضية شرق السودان؛ ويرى أن الحديث السردي للخطاب جعله أقرب لخطابات العلاقات العامة التي تُلقى في مناسبات احتفائية. وفيما يتعلق بالمليونية التي انتظمت أمس السبت، قال إن الخطاب ظهر بمظهر التهدئة للشارع السوداني أكثر من خطاب لحل الأزمة!!
خطاب باهت!!
من جانبها, أعلنت اللجنة القيادية المُفوّضة لقوى الحرية والتغيير, عن دعمها لخطاب رئيس الوزراء المُنحاز للتحول المدني الديموقراطي, جاء ذلك خلال بيان لها, وقالت اللجنة إن موقفها من حلّ الحكومة واضحٌ, وإنه قرار ملكٌ للحرية والتغيير وبالتشاور مع رئيس الوزراء وقوى الثورة، ولن يأتي نتيجة لإملاءات فوقية.
لكن التنسيقية العليا لكيانات شرق السودان, وصفت خطاب د. حمدوك بـ”الباهت”.. وقال القيادي بالتنسيقية مبارك النور لـ(الصيحة): كنا نتوقع خطاباً قوياً وموضوعياً ويحمل بين السطور الحلول لأزمة البلاد، انتظرنا خطاب حمدوك وكنا نأمل في خطاباً يعلن حل ال
حكومة الحالية, ويُعلن عن حكومة تكنوقراط، وأردف كان لحمدوك فرصة تاريخية كبيرة ليقفز إلى جانب الشعب السوداني في خطابه, وقال إن حمدوك أرخى أذنيه للمستشارين من حوله وهم من أفشلوا الخطاب في هذه الفترة التاريخية، وقال رغم ذلك نحن إلى جانب التسويات السياسية التي لا تستثني أحداً، ولذلك نتطلع من حمدوك قرارات جريئة تُجنِّب الفتن وتحفظ الوحدة والتنوُّع والتناغُم في البلاد.
في المقابل, انتقد خبراء انحياز حمدوك في الخطاب لأحد أطراف الصراع.. وقوله في خطابه بأن الصراع ليس بين المدنيين والعسكريين، بل هو بين معسكر الانتقال المدني الديمقراطي ومعسكر الانقلاب على الثورة، وهو صراعٌ لست محايداً فيه أو وسيطاً.. موقفي بوضوح وصرامة، هو الانحياز الكامل للانتقال المدني الديموقراطي.
وتساءلوا عن ماهية ردة فعل المكون العسكري من الخطاب, ومدى تأثيره على الفترة القادمة على المشهد السياسي؟ مؤكدين أنّ الأيّام القادمة ستكون حُبلى بالكثير