عوض عباس يكتب: مسيرة العودة لمنصة التأسيس
البلاد تُواجه أوضاعاً قل ما تُوصف بها, إنها كارثية وبعد أن تجدّدت الضائقة المعيشية في ظل انعدام وشُح سلعة الدقيق والخبز, وتصاعد أسعار السلع الاستهلاكية لأرقام فلكية أضحت معها حياة المواطن بؤساً وشقاءً.
وفي ظل الانفلات الأمني في المدن والأرياف, وازدياد حركات الاحتجاج في الأطراف والتي تلوّنت بطابع مطلبي وقبلي كانت نتيجته إغلاق الطرق والميناء الرئيسي في بورتسودان من قِبل أنصار الناظر محمد الأمين تِرِك مع ورود أنباء عن إغلاقات أخرى في كردفان والشمالية زادت الأوضاع المأزومة أصلاَ تعقيداً مُضاعفاَ.
المهم ومع هذه التراجيديا المُحزنة في مسرح العبث السوداني والتي تسأل عنها الحكومة المركزية ممثلةً في شقيها المدني والعسكري والذي يُعاني حالة من التشظي والكيد المُدمِّر وغير مسبوق, تصبح معها أحلام دولة التنمية والوحدة والاستقرار ضرباً من الخيال والوهم.
وأمام هذا الواقع المُزري والذي في خضمه ضاعت أماني الثوار الذين دفعوا المهر غالياً من أجل إزاحة طغمة البشير الغاشمة في إقامة سودان الغد الذي يحلم به كل سوداني غيور على تراب وطنه.
الاثنين الماضي لبّيت دعوة مجموعة الحرية والتغيير المنصة التأسيسية لمؤتمر صحفي بقاعة الصداقة بعنوان مسودة الوفاق الوطني لوحدة قوى الحرية والتغيير بمكوناتها والمُشكّلة من قوى سياسية وحركات مسلحة وقوى مدنية أطلقت ميثاقا جديدا, يرى الحل في توسيع الحاضنة السياسية للثورة وسط اتهام قوى الحرية والتغيير (جماعة الأربعة + واحد) بالسعي للتفرد بمشاركة الجيش في السلطة وإقصاء باقي التيارات المدنية.
خلال المؤتمر والذي حضره لفيفٌ من القنوات الفضائية العالمية والمحلية والإذاعات والصحف, نعى المؤتمر وحدة قوى الثورة وأعلنت مولد تنظيم متناغم مع بقية القوى السياسية غير الموقعة على ميثاق قوى الحرية.
ويضم الكيان الجديد (الإصلاح), مجموعة من أحزاب وحركات التحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية والحزب الاتحادي/ الجبهة الثورية، وحركة تحرير السودان بزعامة مني أركو مناوي، وحركة العدل والمساواة بزعامة جبريل إبراهيم، وكيان الشمال والحزب الاتحادي بممثله محمد سيد أحمد الجكومي وأيضاً الأستاذ التوم هجو رئيس مسار الوسط، وحزب البعث السوداني والحزب الناصري وممثلين آخرين لكيانات سياسية موقعة على إعلان الحرية والتغيير.
أنصار التيار الجديد للحرية والتغيير منصة التأسيس يرون أن تأييد هذه الخطوة هو تصحح مسار الثورة والشراكة الفعالة للفترة الانتقالية والانتقال السلس إلى حكومة مدنية ديمقراطية بانتخابات حرة ونزيهة في نهاية الفترة الانتقالية.
وأعتقد أن بمقدور التحالف الجديد أن يقود إلى انفراج حالة الاحتقان السياسي في البلاد. وإيجاد حلول لمشكلة شرق السودان والوصول إلى سلام مع قوى الكفاح المسلح, الحركة الشعبية بقيادة القائد عبد العزيز الحلو وحركة جيش تحرير السودان قيادة عبد الواحد محمد أحمد النور ويساعد في إسراع تنفيذ اتفاقية سلام جوبا وتحسين الوضع المعيشي للمواطن.
كما أن مجموعة الحرية والتغيير الإصلاح بإمكانها أن تتوافق مع المكون العسكري بصورة أفضل من شراكة جماعة الأربعة التحالف الحالي, و تصريح الفريق عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي، مؤخراً أمام ضباط وضباط صف وجنود منطقة بحري العسكرية يؤكد هذا التوافق عندما قال البرهان إنهم حريصون على التوصُّل لتوافق وطني وتوسيع قاعدة المشاركة، وذلك بإشراك كل القوى الثورية والوطنية عدا حزب المؤتمر الوطني المحلول.
واكد: أنّ القوات المسلحة ستحمي الفترة الانتقالية حتى الوصول إلى انتخابات حرة ونزيهة يختار فيها الشعب السوداني مَن يحكمه.
بالتالي هناك تناغمٌ بين المكون العسكري ومجموعة الحرية والتغيير الإصلاح والتي يمكن أن تقود ما تبقى من فترة الانتقال إلى حين إقامة انتخابات حرة ونزيهة تتأتى بالمفوضين من الشعب بشكل رسمي لإدارة الحكم في البلاد وليس بطريقة الاختطاف الحالية.
مسيرة السبت التي ينظمها تحالف قوي الحرية والتغير بشارع الجامعة سيكون لها ما بعدها في حال أن نجح التحالف في حشد مكوناته السياسية والشعبية وايصال رؤيتها للجماهير وترتيب المشهد بما يتماشى مع طموحات الوحدة والعدالة والاستقرار وتجنيب البلاد شروراً غير مرحب بها اصلاً.
نعتقد أن رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك هو من يمسك ببوصلة الأحداث وبإمكانه تحديد الخيارات الأصلح التي تحفظ استقرار فترة الانتقال وإخراج البلاد من حالة الفوضى الحالية وإنهاء التشاكس بين طرفي الوثيقة الدستورية.