قرأت للدكتور عبد الله قلندر محافظ مديرية الخرطوم قبل أيام قصيدة بعنوان (الخنفس) فيها رأي غاضب على ظاهرة الخنفسة, وهذه القصيدة المتسلسلة ذكّرتني برأي لزاهد هندي شاب اسمه (ماهار يستي) قاله سنة 1968م تعليقاً على ظاهرة الهيبيين والخنافس التي اجتاحت امريكا وانجلترا.. قال إنه يرى العالم وقد كثر فيه الشد والجذب الى الحد الذي نغص على الناس حياتهم بالحروب باردة أحياناً وساخنة أحياناً ومحال ان يتغيّر هذا الوضع في العالم ما لم يتغيّر الأفراد, إذ كيف يمكن للغابة أن تكون خضراء في عمومها اذا لم تكن الشجرات الفردية خضراء شجرة شجرة..
فالزاهد الشاب هنا تناسى شيئاً أساسياً وهو أنّ ثورة الشباب على الكبار وبتلك الصورة كانت شيئاً طبيعياً في مُجتمع لا يتيح مُشاركة حقيقية لكل فرد في إعداد القرارات التي يرتبط مصيره بها.. ومن هذا تتفجّر الجرائم الاجتماعية.. ويغيب القانون وتعم سلبية الشباب وتكثر حركاتهم الرافضة للنظام وللعرف وللتقاليد ولكل ما هو مألوف وكائن شكلاً وموضوعاً..
وما ظاهرة الهيبز والبيتلز وما شاكلها من حركات في المجتمعات ذات النظم الرأسمالية إلا مظهر طبيعي لأزمة الإنسان وضياعه في هذه النظم المهترئة, فهناك في غرب أوربا مجتمعات رأسمالية لا يحس الانسان فيها بإنسانيته مطلقاً ولا يجد أي قدر من الاهتمام والرعاية.. فهو بالتالي يجد نفسه في حاجة لأن يصرخ بأعلى صوته وصراخه وحده لا يكفي.. فأخذ يرتدي غريب الثياب ويطيل شعره بطريقة ملفتة ويلون وجهه أحياناً بخطوط ورسومات غريبة.
الذي سلف هو ما يسود عالم الشباب في المجتمعات الرأسمالية, ولكن التساؤلات المهمة والأساسية والتي أريد أن اطرحها بمناسبة قصائد الدكتور قلندر هي:
نحن لا نستطيع أن نعزل المجتمع السوداني ما يدور في العالم أو أن نمنع التأثر بما يدور.. فقط علينا أن نضع في الاعتبار حالة المجتمع والمفاهيم والقيم التي تسوده.. مسلحين شبابنا بقدر كاف من المعرفة والوعي.
الظواهر الاجتماعية السلبية التي تصلنا عن طريق السينما والتلفزيون والزيارات لا نستطيع ان نمنعها بمجرد أن نرفضها بعصبية قد تساعد في تعميق روح التمرد لدى الشباب المراهقين بالذات.
هل الشباب السوداني يعيش ظروفاً كالتي في العالم الرأسمالي الضياع.. هل يعيش غربة وأزمات اجتماعية وتجاهلا تجعله يتفنّن في لفت انظارنا وانتباهنا له بهذه الوسائل, أعني إطالة الشعر ..الخ.
في رأيي اذا وجدنا أو حاولنا أن نجد أجوبة لهذه التساؤلات نكون قد عالجنا القضية بموضوعية أكثر.. ومن ثم تحتم علينا مناقشة هؤلاء الشباب بهدوء لعلنا نجد لديهم أسباباً قد نكون مسؤولين عنها, وهذه وجهة نظري فما رأي الآخرين؟
من أمثالنا:
خوة قرقر ما بتقع في الشر
شرح المثل:
أي الصديق الذي يُضاحك دائماً ولا يقدم النصيحة والمشورة لا يقف وقت المصائب والمشاكل ويشرح هذا المثل مثل آخر يقول:
(اسمع كلام مبكيك ولا تسمع كلام مضحكك)
من التراث:
في غرب السودان تقول فتاة واضعة رأيها في مشكلة اختيار الزوج قائلة:
أمي في بال.. وأبوي في بالو بال.. وأنا في بالي بال.. أبوي داير البستر الحال.. وأمي دائرة البجيب المال.. وأنا دائرة الصبي القدال..
مقطع شعر:
من ديوان صلاح عبد الصبور (أقول لكم) والشرح قد يفسد هذا المقطع:
جلَّ جلالها-الكلمةْ
ألم يرووا لكمْ في السِّفر
أن الحقّ قوّالُ
ولكني أقول لكم بأن الحقَّ
فعّالُ
أقولُ لَكُمْ: بأن الفِعلَ
والقولَ جناحان عليّان
وإن القلبَ إن غَمْغَمْ
وإن الحلْقَ إن همهم
وإن الريح إن نقلت
فقد فَعَلَتْ، فقد فَعَلَتْ!!
كتائبُ فوق طوق الحصر
مسرجةٌ على الأفراس
طوّافةْ وطوقُ لجامِها
الكلماتْ