الغالي شقيفات يكتب : العام الدراسي
يدفع التلاميذ والطلاب في السودان فاتورة عالية من تذبذب العام الدراسي, والذي بدوره يتسبّب في ضياع سنوات من عمرهم ومستقبلهم, وفي كل مرة تقوم وزارة التربية والتعليم بتأجيل العام الدراسي وتقصير اليوم الدراسي بأسباب مُختلفة, ففي إحدى السنوات خسر الطلاب سنة كاملة بسبب الحروب الجهادية في الجنوب, إضافةً للدفاع الشعبي والخدمة الإلزامية أو الإجبارية, وتُغلق المدارس هنا بسبب الرغيف والتخوفات الأمنية أو أعمال الشغب.
والملاحظ أنه لا ضمان لأي تقويم دراسي, فطلاب الطب في ولايات دارفور تخرجوا في تسع سنوات, وزملاؤهم في نفس العمر من بلدان أخرى أصبحوا أخصائيين.. وطلاب في إحدى الكليات بدأوا الدراسة سنة ٢٠١٤ ما زالوا إلى الآن في الصف الرابع, فهذا ضياعٌ لعمر أجيالنا وإهدار للوقت والطاقات بدواعي ظروف البلد.
وقد نشرت الزميلة أم بله النور رئيس قسم التحقيقات بـ”الصيحة”, تحقيقاً صحفياً أكّدت فيه هجرة الكثير من الطلاب والطالبات للدراسة بالخارج.
والعالم من حولنا أيضاً يعاني.. وفقاً لمنظمة اليونسكو، شهد العالم العربي “ارتفاعاً مضطرداً في عدد الطلاب المتوجهين للدراسة في الخارج خلال السنوات العشر الماضية، ما يُمثّل 7٪ من الإجمالي العالمي”, وتكلفة التعليم في الخرطوم أصبحت عالية, خاصة الجامعات الخاصة, قد تكون الدراسة في الهند ومصر أقل من الخرطوم, إضافةً إلى الفرق في المناهج والكورسات, كانت الجامعات السودانية أرخص الجامعات.. عندما كنت طالباً في ماجستير الإعلام عام ٢٠٠٤ كانت الرسوم ثلاثة آلاف جنيه “ثمن كيلو اللحم, الآن ما بتدخّلك أولاد أم درمان”، والآن وزارة التربية والتعليم مطالبة بتقويم واضح تلتزم به، فلا يُعقل أن تسأل طالباً جامعياً تتخرج متى ولا يعلم؟ وتسأله متى تفتح الجامعة وأيضاً لا يدري!
كما أن الحكومة مُطالبة بتوفير حصة كبيرة من ميزانيتها الاتحادية لقطاع التعليم كل عام، وذلك من أجل توفير خدمات تعليمية ذات جودة عالية تُلبي احتياجات البلد وتعزز مسيرة الدولة نحو اقتصاد قائم على المعرفة والتطور حتى لا يشتكي أولياء الأمور ومديرو المدارس من عدم توفير الكتاب المدرسي والوسائل الأخرى, كان التلاميذ يوزع لهم البسلة والساردين، “والآن ما لاقين ساندوتشات الطعمية والبيض وكباية الموية يشرب به عشرات التلاميذ”, والبيئة المدرسية حدِّث ولا حرج.. الوطن يحتاج إلى الكثير من الإصلاح في شتى المجالات.!