مصانع السكر.. أضرار مستمرة
تقرير: أحمد جبريل
في مطلع السبعينيات قامت مصانع السكر بهدف اعاشة اهالي النيل الابيض وتوفير الخدمات بإنشاء المجمعات السكانية التي نشأت جوار المشروعات, إضافةً إلى توفير سلعة السكر والمساهمة في تخفيف الاستيراد الذي يستنزف الخزينة العامة من العملات الصعبة, ولكن هذه المصانع مع التطور التكنولوجي تمددت وتوسعت على حساب البيئة والانسان والحيوان، فولاية النيل الأبيض تزدحم مشافيها بالمرضى من المناطق المتضررة مباشرةً بمخلفات صناعة السكر خاصةً في قرى التقابة والهجرة وام القرى بكنانة وربك وحجر عسلاية والجزيرة ابا بمحلية ربك, حيث مصنع سكر عسلاية, عدد من المذكرات الاحتجاجية وصلت الى ادارة الشركات عدة مرات لكنها لم تجد سوى الوعود بتركيب فلاتر على مداخن مصنع كنانة مثلاً ولم يتم تنفيذه.
أمراض مزمنة
قال الناشط محمد علم الهدى من منطقة التقابة لـ(الصيحة): من المعروف سلفا أن الصناعات لديها أضرار بيئية تسعى الشركات لتلافيها قبل أن تعمل ماكينات المصانع, ولفت بانه في ولاية النيل الأبيض ولاية السكر, آخر اهتمامات هذه الشركات هي المعالجات البيئية الآمنة لمخلفات المصانع ولم تنجح الشركات الحكومية والخاصة في تطوير نظام معالج للمخلفات, وضرب علم الهدى مثالاً بشركة كنانة, مشيراً الى انها ليس فيها نظام معالجة للأدخنة وتترك الأدخنة يتنفسها مواطنو التقابة والمدينة السكنية, وأضاف بأن المخلفات الكيميائية الجامدة تبذل في العراء بين المصنع والتقابة وتحترق ذاتياً وكذلك مياه الراجع تجدها في العراء لتؤذي الإنسان والسابلة, كذلك الصرف الصحي لاتزال الشركة تنقله بالوابورات وتدلقه على مسافة أمتار من المدينة السكنية.
معالجات عاجلة
فبدلاً من السعي للمعالجات, تطارد الشركة من يتناول اخطاءها البيئية للتقصي عن المرضى وعددهم والموتى الذين أصيبوا بالسرطانات والكبد الوبائي والحساسية, فمثلاً في الفترة من 2011م الى 2016 أُحصي عدد (41) وفاة بالسرطان والكبد الوبائي, أما الآثار الأخرى فهي تقتضي دراسات كيميائية لمعرفة درجة تأثر النيل بالمياه الراجعة من كنانة وعسلاية فقد تكوّنت لجنة في العام ٢٠١٥ وأثبتت وجود تلوث في منطقة الجزيرة أبا, لكن اللجنة طالها الاسكات, ومنذ العام ٢٠٠٦ توقف انتاج الزراعة البستانية في شمال غرب النيل الأبيض بسبب مخلفات الايثانول, وكذلك تراجع إنتاج الألبان ونُفقت الثروة الحيوانية والسمكية, وتضرر سكان هذه المنطقة مما يتطلب معالجات عاجلة وليس مسكنات أو تجميلا اعلاميا أو تصوير كل من يتناول قضايا حياة الناس ودرجة تأثرهم بمخلفات هذه المصانع أنه متآمر أو ضد الاستثمار والشركات وإدارتها.
التزام الصَّمت
شركة سكر عسلاية لاذت بالصمت التام ازاء مياه صرفها الصحي ومخلفات غسيل القصب التي تصب في النيل الابيض مباشرة مؤدية الى نفوق أعداد ضخمة من الاسماك عند منحنى النيل بالجزيرة أبا, حيث كشف المواطن محمد اسحق من الجزيرة أبا لـ(الصيحة) عن تضرر الجزيرة بمخلفات الصرف الصحي لشركة عسلاية وقال ان اعداد السمك قلت ونفوق كميات ضخمة منه بالنيل الأبيض عند منحنى النيل, ويضيف أسحق انتشرت أمراض السرطان وسط مواطني المناطق المجاورة للسكر وهو ما قادنا الى تنظيم أنفسنا كمتضررين من مصانع السكر في حركة احتجاجية من عمد ومشايخ القرى والكنابي, وتوحدنا تحت راية واحدة لرفع مظلمتنا الى الخرطوم طلباً للحل.
عدم الالتزام بالمسؤولية
المواطن معاذ عبد المولى من ربك أكّد لـ(الصيحة) أنّ أضرار البيئة متواصلة, تتنصّل ادارات الشركات عن معالجتها ولا تلتزم بملف المسؤولية الاجتماعية, حيث يعاني أهالي المجمعات السكانية من انعدام مياه الشرب النقية والطرق والمدارس والمستشفيات، ويضيف بحّت اصواتنا ونحن نحتج سلمًا وكل عام توعدنا الإدارات بالمعالجات ولا تفعل, ونجد ان ملف مناطق جوار مشروعات السكر يحتاج الى معالجات سريعة وحاسمة قبل ان يتحوّل الى ملف يشبه ملف ازمة الشرق, حيث يتحدث المحتجون عن تصعيد كبير قبل انطلاق موسم الإنتاج فى حال لم تحل الحكومة المركزية الازمة, وهو ما يؤشر الى فشل موسم الانتاج الجديد الذي يبدا في نوفمبر المقبل، اذ تعطل موسم الإنتاج الماضي بكنانة إثر اعتصام كنانة الشهير، وتنفق الشركات ملايين الدولارات في الاستعداد لمواسم الإنتاج الجديدة بشراء مدخلات الإنتاج وصيانة المصانع والآليات المستخدمة في نقل القصب وأي حراك طابعه مطلبي سيقود الى تعطيل موسم الانتاج وهو ما يرفع فاتورة استيراد السكر لدى المالية الاتحادية ويفاقم مشكلات الاقتصاد الوطني.