في قضية التصرُّف في أصول النقل النهري.. المتهم الأول: خصخصة النقل النهري تمّت بمُوجب عطاء
الكشف عن توقيع عقد بإيجار الموانئ والأرضيات والآليات لمدة (50) عاماً دون تحديد قيمة الإيجار
(35) مليون دولار أمريكي ظل سدادها مُعلّقاً بسبب تعديلات على العقود
الخرطوم- محمد موسى
استأنفت المحكمة الخاصة أمس، محاكمة وزير المالية الأسبق في العهد البائد علي محمود عبد الرسول، وآخرين بتجاوزات مالية بالتصرُّف في بيع أصول النقل النهري.
مثول محقق بديل
ومثل أمام محكمة جنايات الخرطوم برئاسة القاضي حامد صالح حامد، المحقق البديل في القضية وكيل أول مكافحة الفساد وجرائم الأموال العامة جلال سنين كناني، وأفاد المحكمة بأنه تولى إجراءات التحري في الدعوى الجنائية بتاريخ 30/9/2019م بالرقم (63/2017م) بمُوجب قرار النائب العام السابق تاج السر الحبر، وذلك حسب ما ورد بمستند اتهام (1) المُودع بطرف المحكمة، منوهاً إلى أنه وبموجب ذلك تولى التحريات ابتداءً في البلاغ المدون ضد المتهم الأول الشركة السودانية للنقل النهري والمتهم الثاني وزير المالية الأسبق علي محمود محمد عبد الرسول، تحت نص المادتين (177/2) والتي تتعلّق بخيانة الأمانة للموظف العام والمادة (180) التملك الجنائي وذلك من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991م، وأكد المحقق للمحكمة بأنه ظلّ محققاً في القضية الماثلة أمام المحكمة حتى تاريخ إحالتها للمحكمة ولم يتولَ التحريات فيها أي شخص آخر سواه.
حينها أوضح قاضي المحكمة للمحقق بأن المحكمة سبق وأن مثل أمامها المحقق الأول في القضية وكيل النيابة أحمد سليمان العوض عبد الله، وشرع في تقديم البلاغ للمحكمة وفقاً لمستند اتهام (1) المودع بمحضره – إلا أن وكيل النيابة جلال سنين، أكد للمحكمة بأنه هو المحقق الوحيد في القضية, وأنّ قرار النائب العام المودع كمستند اتهام بمحضر المحاكمة لم يحدد أحمد سليمان، أو غيره كمحقق, إنما حددهم جميعاً كأعضاء للجنة تحرٍ شكلها النائب العام للتحقيق في التصرف في أصول النقل النهري.
تدوين دعوى جنائية
وقال المحقق جلال سنين للمحكمة, إنه وبتاريخ 2/9/2019م قرّرت النيابة فتح دعوى جنائية تحت نص المادتين (2/177، 180) من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991م في مواجهة الشركة السودانية للنقل النهري، منوهاً الى أن النيابة بذات التاريخ أمرت بإضافة وزير المالية الأسبق علي محمود، كمتهم ثان في القضية، وكشف المحقق للمحكمة عن مخاطبة النيابة للمسجل التجاري وذلك للإفادة حول مجلس إدارة الشركة السودانية للنقل النهري والمساهمين فيها، منبهاً الى أن النيابة تلقت ردّاً من المسجل التجاري يبين بأن المتهم الأول صلاح الدين إدريس علي، هو رئيس مجلس إدارة الشركة، موضحاً للمحكمة بأن إفادة المسجل التجاري أوضحت للنيابة كامل أعضاء مجلس إدارة الشركة وملاكها وأسهم كل شريك فيها، ملتمساً من المحكمة إمهاله فرصة لإحضار إفادة المسجل التجاري وتقديمها كمستند اتهام في الدعوى الجنائية وذلك لعدم وجودها بمحضر التحري بحد قوله للمحكمة.
خصخصة وعدم سداد
وافاد المحقق للمحكمة، بأنه وبتاريخ 28/10/2019م تم القبض على المتهم الأول مدير الشركة السودانية للنقل النهري, وتلى المحقق أقوال المتهم الواردة بيومية التحري عليه, وأقر بها جملةً وتفصيلاً، وأفاد خلالها بأن إجراءات خصخصة النقل النهري تمت بموجب إعلان عطاء بالصحف اليومية بمُوجبه حصلت شركتا عارف الكويتية ورابطة الخليج 70% من أسهم شركة النقل النهري, فيما احتفظت حكومة السودان على 30% من أجمالي أسهم الشركة السودانية للنقل النهري، منبهاً في أقواله بأن إجراءات خصخصة النقل النهري تمّت بموجب إبرام (3) عقود ابتداءً بعقد بيع الشركة السودانية للنقل النهري, إضافةً إلى عقد إيجار الموانئ بجانب عقد المساهمين بالشركة لتكوين شركة جديدة بنسبة 70% لشركة النقل النهري وشركائها و30% لحكومة السودان، وافاد المتهم الأول بأن بيع (70%) من اصول الشركة السودانية للنقل النهري تم بمبلغ (73.5) مليون دولار سددت منها (38.5) مليون دولار أمريكي لحكومة السودان، مؤكداً في أقواله بأنّ (35) مليون دولار من مقابل بيع أسهم الشركة لم يتم سدادها لحكومة السودان وأرجع ذلك لتعديلات طرأت على الاتفاقيات ظل بموجبها متبقي مبلغ السداد وكافة الالتزامات المتعلقة بالبيع معلقة، منوهاً إلى أن الشركة السودانية للنقل النهري بعدها تم تحويلها لشركة النيل للنقل النهري، وكشف المتهم عن توقيع عقد إيجار لكافة الأرضيات والموانئ والآليات والمعدات التابعة للشركة السودانية للنقل النهري لشركة النيل لمدة (50) عاماً دون تحديد قيمة للإيجار، كما نفى سداد شركة النيل للنقل النهري رسوم مقابل إيجار تلك المباني, معللاً ذلك لعدم وجود الموانئ المدونة في كراسة العطاء على الطبيعة باستثناء ميناء كوستي بولاية النيل الأبيض وموانئ أيضاً بجنوب السودان اعترضت عليها حكومة الجنوب، وأكد المتهم الأول خلال أقواله بالتحريات بأن أصول النقل النهري قُدِّرت قيمتها بمبلغ (3) ملايين جنيه سوداني وقتها, فيما قدرت قيمة المعدات وادوات المناولة بمبلغ (6) ملايين جنيه، وأكد المتهم بأن الشركة السودانية للنقل النهري مملوكة لحكومتي السودان وجنوب السودان, بجانب المجموعة الدولية للاستثمار والشركة السودانية للنقل النهري، كما أوضح بأن شركة النيل للنقل النهري مملوكة ويساهم فيها شركتا عارف الكويتية للاستثمار ورابطة الخليج والشركة السودانية للنقل النهري، وكشف المتهم الأول خلال أقواله بالتحريات عن امتلاك شركة النيل للنقل النهري حسابين مصرفيين, أحدهما ببنك المال المتحد بجانب امتلاكها كذلك جرارات وصنادل بميناء أبو قصيصة, اضافة الى امتلاكها قطع أراض.
مخاطبة وإفادة المسجل التجاري
ونبّه المحقق للمحكمة بأنه وبتاريخ 28/10/2019م خاطبت النيابة المسجل التجاري وذلك للإفادة حول مجلس إدارة شركة النيل للنقل النهري والمساهمين فيها، منوهاً للمحكمة بأنّه تلقّى إفادة من السجل التجاري تُبيِّن ملاك الشركة والمساهمين فيها, متلمساً إمهاله للجلسة القادمة لإحضار المستند، حينها نهض المحامي عماد جلجال، ممثلاً للدفاع عن المتهم الأول في القضية من مقعده ملتمساً من المحكمة إمهال المحقق جلسة أخرى لإحضار المستندات والاطلاع على محضر التحري حتى يتسنى له تقديم كل مستند على حدة وعرضه عليهم وإبداء رأيهم حوله إما بقبوله أو الاعتراض عليه.
طلب المحقق
من جهته, أكد المحقق جلال سنين كناني، للمحكمة بأنه انتهت علاقته بمحضر التحري في القضية الماثلة أمام المحكمة في مايو 2020م وطوال تلك الفترة لم يطلع على المحضر – إلا قبل نحو (4) أيام عقب صدور قرار بتكليفه بتقديم البلاغ للمحكمة، ملتمساً من المحكمة إمهاله جلسة أخرى للاطلاع على محضر التحري والاطلاع على المستندات وترتيبها لتقديمها للمحكمة في الجلسة القادمة، من جانبه لم يبد أيٌّ من مُمثلي الدفاع عن المتهمين أي اعتراض على طلب المحقق في القضية.
إلزام المحكمة للأطراف
في وقت استجابت فيه المحكمة لطلب المحقق بإمهاله جلسة أخرى للاطلاع على محضر المحاكمة وترتيب المُستندات، وحدّدت جلسة مطلع الشهر المقبل لمواصلة سماعه في القضية، في ذات الوقت ألزمت المحكمة أمس, هيئتي (الاتهام والدفاع) بإحضار كشوفات أمامها تحتوي على أسماء كل هيئة على حدة حتى يتسنى لها إيداعها بمحضر المحاكمة, مع إلزام الأطراف بتدوين أسماء الحاضرين أمام المحكمة عند انطلاق كل جلسة فقط دون تضمين أسماء هيئات الدفاع والاتهام المتغيبين عن الجلسة والاكتفاء بالكشوفات المُودعة بطرفها.