خرجت علينا قبل يومين إحدى ناشطات قحت وهي تولول بأن أساتذة الشهادة السودانية الذين كرّمهم الفريق أول محمد حمدان دقلو النائب الأول لرئيس مجلس السيادة بعد الفراغ من تصحيح الشهادة السودانية بأنهم” باعوا الثورة بالرخيص”, وعلى الرغم من مخالفة قول تلك الناشطة للواقع, نطرح عليها سؤالاً مَن الذي باع ومَن الذي اشترى؟ فإن كان الأساتذة هم الذين قد باعوا نقول لك صحيح ولكن ماذا باعوا؟ وسوف أجنبك مشقة الإجابة وأعطيك الرد, لقد باع الأساتذة راحتهم واهتموا بتعليم أمثال تلك الناشطة التي لم تتأدّب في حضرة من علّمها الحرف والكلم، قولي لي بربك مَن الذي باع أعظم ثورة، ثورة الوعي التي ألجمت مَن أراد اللعب على حبال العُنصرية وأرسلت له ذلك الهتاف الداوي “يا عنصري يا مغرور كل البلد دارفور”.. مَن الذي باع وجرحى الثورة يتسوّلون ليجدوا ما يُعالج جروحهم بعد أن كانوا شباباً تملأ أرواحهم الشجاعة والإقدام والحلم بوطن واحد عزيز وشامخ..؟
مَن الذي باع دموع الثكالى أمهات الشهداء وهن ينظرن يومياً إلى ما آل إليه الوضع فأصبح الألم والجرح مُتلازميْن على فقد فلذات أكبادهن وضياع الثورة..؟
مَن الذي باع العهد والميثاق الذي وحّد كل قوى الثورة..؟ ومَن الذي ركل رفاق الأمس بعد أن اعتلى الكرسي المذهب وامتطى الفارهات..؟ نعود إلى الذي اشترى وتقصد تلك الناشطة أنه الفريق أول حميدتي, وهنا أيضاً سوف أريحك من الإجابة, لقد اشترى حميدتي بتكريمه لكنترول الشهادة السودانية دعوات الأمهات اللائي ينتظرن من كان سلاحه الطباشير وسيارته أرجل أنهكها المسير وهو يمضي ليضيئ شموع العلم والمعرفة، لقد اشترى حميدتي, ضحكات الصغار الذين ينتظرون الأب عند المواعيد وهو يحمل شيئاً من حلوى أو فاكهة، اشترى حميدتي إدخال السرور في نفوسٍ مُؤمنةٍ تنتظر رباً كريماً وليس سياسياً لئيماً، أتعلمين أيتها الناشطة أن الفرق بينكم وحميدتي أنه يفعل وأنتم تتحدثون وهذا لعمري فرق الليل والنهار.
كنا نتمنى أن تذهبوا إلى مواقع تصحيح الشهادة لتقفوا على معاناة هؤلاء النفر فهم منا ونحن منهم، هل علمتِ كيف ينامون وماذا يأكلون وماذا ينقصهم وما هي ظروف أسرهم؟ لا أظن أن هذه الأسئلة قد خطرت على قلب أحد منكم، إذن كيف تنكرون على عمل كل ذلك؟ ووقف مع أساتذة بلاده هذا الموقف المشرف وهو ليس غريباً على إنسان ود بلد مثل الفريق أول حميدتي, فقد أعطى ولم يستبق شيئاً ولم ينتظر شكراً من أحدٍ, وإنما قدم من تلقاء نفسه وما يمليه عليه ضميره، وهذه الميادين كثيرة وفيها التنافُس مشروع، ولكن الحقد والبغضاء يسدان أعين الكثيرين, خاصةً إذا ربط أي شيء بدوافع ومنطلقات سياسية وربما عُنصرية وغابت عنه الإنسانية، تخيل لو أن ما قام به الفريق أول حميدتي قام به شخصٌ آخر؟ هل سيكون الرد والأسلوب بتلك الطريقة..؟ لا أعتقد لأن ما تعرّض له الفريق من حملات قصدها وهدفها تشويه كل ما يقوم به وربطه بأهداف من وحي خيالهم لن يتوقف. ولكننا نقول للناشطة بأن هذه الدنيا فيها أصناف وأنواع من البشر, منهم من يصنع الحدث مثل النائب الأول لرئيس مجلس السيادة, ومنهم من يتفاعل مع الحدث, ومنهم ينتظر عمل الآخرين ثم يجهز أسلحته للنقد غير البنّاء.
أخيراً, نقول لك نعم الفريق أول حميدتي اشترى رضاء نفوس أبية رغم الشُّح والقل, لم تقف في أبواب مسؤولي آخر الزمان وإنما قاموا بواجبهم الذي يمليه عليهم ضميرهم وهم يؤدون رسالتهم السامية والنبيلة, فكان واجب النائب الوقوف معهم ومنحهم القليل مما يستحقون، فلو منحنا الأساتذة كل أموال الدنيا ما أوفيناهم حقهم علينا.
كل يوم نحن ننتظر منكم عملاً يدل على أن قلوبكم على البلد, ولكننا نرجع خائبي الرجاء ونصطدم بترهات وهرطقات تدل على خواء فكري عميق, وكل يوم نتيقّن بأنكم أقل من قامة هذه الثورة بآلاف السنين الضوئية, فقد أتيتم على حين غرة, ولكن سوف تذهبون كما أتيتم وتبقى الثورة ذاك الفعل العظيم الذي قدّمه الشعب السوداني للعالم.