انتقادات جبريل ومناوي لمجموعة الأربعة.. قضايا محورية أم غبائن لمن وضعوا السلاح؟
تقرير: عوضية سليمان
من اللافت ان الجسم الجديد الذي نشأ مؤخراً وأُعلن عنه عبر مؤتمر قاعة الصداقة, قد وضع ميزاناً سياسياً يتم عبره وزن الأوضاع السياسية داخل الحاضنة السياسية لحكومة الفترة الانتقالية, فمن سعوا لتكوين الجسم الجديد تحت ذات مسمى الحرية والتغيير, اكدوا ان مسعاهم جاء كخطوة اصلاحية داخل الائتلاف العريض الذي قاد الحراك الثوري وقننته الوثيقة الدستورية, فمن سعوا للإصلاح يرون أن قوى الحرية والتغيير أصبحت تسيطر عليها 4 أحزاب سياسية تتمثل في حزب الأمة القومي والتجمع الاتحادي وحزب البعث العربي الاشتراكي والمؤتمر السوداني ويرون أنها لا تمثل كل السودان.. غير ان اللافت ان الحراك الجديد تزعمته حركتا العدل والمساواة التي يتزعمها د. جبريل ابراهيم وحركة تحرير السودان التي يتزعمها مني اركو مناوي, وواقع الحال يؤكد انهما حركتان مناطقيتان ولا تمثلان كل السودان ولا يمكن مقارنتهما بأي حال من الأحوال بأحزاب قومية تنفتح على كل البلاد ولها أنصار في كل مدن السودان بما فيها إقليم دارفور.
رؤية كلية
ويرى مراقبون للوضع السياسي بالبلاد أن رؤية اختطاف قوى الحرية والتغيير تفتح باباً واسعاً للصراع السياسي, ما ينعكس سلباً على الوضع الداخلي, غير ان عددا منهم أشار لـ(الصيحة) أن التصريحات التي تخرج من حركات الكفاح المسلح حول قوى الحرية والتغيير لا تعدو كونها “فش غبينة” ممن كانوا يحملون السلاح تجاه المكونات المدنية, ولفتوا الى انهم يحتاجون الى وقت طويل لتغيير مناخهم السياسي كون ان صيغة الحرب لا تزال تلون أفكارهم.. وان كان المراقبون يجدون بعض العذر لحركات الكفاح المسلح, إلا أنهم يستغربون حديث أحزاب داخل مكونات الحرية والتغيير تصرح دوماً بأن الثورة مختطفة.
افتعال خلاف
ولعل تصريحات سابقة لحاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي قال فيها “إن أزمة السودان اليوم ليست بين المدنيين والعسكريين ولكنها أزمة داخل المكون المدني نفسه, حيث ان فئة قليلة اختطفت الدولة والقانون تحت مظلة مكافحة التمكين وخدمة الثورة”, تبين إلى أي مدى تتجذر الازمة خاصة عندما قال إن المكون المدني في الظروف الحالية غير مؤهل لاستلام السلطة في السودان ولو تركت الأمور للعناصر المسيطرة على هذا المكون لتفككت البلاد, وأضاف بأن 70% من مكونات الحرية والتغيير خارج المشهد السياسي السوداني وان الفئة القليلة التي اختطفت الثورة السودانية هي التي افتعلت الخلاف مع المكون العسكري دون العودة الى نص الوثيقة الدستورية التي تؤكد على مبدأ الشراكة بين المكونين الاثنين.
تشتيم حزب
وسبق أن وصف مراقب العملية السلمية في دارفور عبد الله آدم خاطر لـ(الصيحة), تصريحات حاكم إقليم دارفور حول مجموعة الأربعة التي اختطفت الثورة, تصريحات بأنها غبائن داخل صدور من وضعوا السلاح للتو, ولفت إلى انهم يحتاجون الى وقت لتغيير مناخهم وان يستعدل فكرهم السياسي, واستنكر حديثهم وقال ليس من حقهم شتم الأحزاب القومية, ورأي ان حركات الكفاح المسلح قامت بأسباب الغبائن التاريخية ضد المركزية التي صنعها المستعمر, والمركزية إساءات لكل أنحاء السودان, فبعض من كانوا يحملون السلاح كان كفاحهم اجتماعيا واقتصاديا وثقافي وكان ابرز انواع المقاومة لنظام الحكم المركزي بعد ثورة اكتوبر 64 كانت متمثلة في الأب فيلب غبوش وعدد من المناضلين الذين قادوا نضالاً دستورياً ومن ثم اجتمعوا في مؤتمر القوى الجديدة, مبينا ان هذه هي التطورات التي قبلتها ثورة ديسمبر المجيدة وعملت المبادئ الدستورية المعلنة أخيراً, لكنه أكد أن الاحتجاج على الأحزاب الكبيرة سواء نتج من أشخاص من دارفور أو من الشرق أو من غيرهم يُعتبر احتجاجاً مُزدوجاً باعتبار أنّ الأحزاب تمثل المركزية المطلقة, ومن الناحية الأخرى ان الاحزاب هذه لم تمثل الطموحات للأقاليم بشكل جيد.
مُزايدات
ويرى عبد الله آدم خاطر أن مثل هذه الاحتجاجات تنتهي بمرور الزمن وتحتاج لفترات زمنية متباينة, غير انه يقطع بضرورة ان لا تؤسس مثل تلك الخلافات لحروب جديدة, مقترحاً ان يكون هناك تضامن او تحالف سياسي يجمع مني اركو والناظر ترك والنيل الازرق وكردفان بحيث يظهر في شكل حزب قومي لا مركزي يحفظ حقوق كل السودانيين, ويشير خاطر إلى أنه ليس من حق حركات الكفاح المسلح أن تقدح في أي حزب باعتبار ان الحزب وعاء قومي وله علاقة مع كل المكونات بالسودان وخارجه, كما أن الأحزاب تعتبر إضافة للبلد ويستحيل ان يكون هنالك من يبني بلدا دون ان تكون هنالك احزاب قومية كبيرة, وقال “قصة ان اربعة احزاب اختطفت الثورة لا يعدو كونه مزايدات سياسية, لأن الثورة ليست مملوكة لحزب أو مجموعة انما هي نتاج للشعب وتعتبر حالة سودانية وليست قبيلة او حركة تمثل حالة قومية تجد التأييد من كل الأطراف السياسية”, وأضاف “القانون يجرم الأفراد الذين انتهكوا الحقوق العامة واستولوا على الممتلكات العامة التي يفترض أن لا تقوم مجموعة بتحويلها لمنافع ضيقة”.
انتهاك الوثيقة
ويرى عضو الحزب الاتحادي الأصل يس عمر في حديث لـ(الصيحة) أن حديث الحركات حول وجود مجموعة اختطفت الثورة حديث صحيح, وان الفترة الانتقالية حدث فيها اختراق واختطاف, وقال هذا واقع وليس تأييداً لحديث مناوي وجبريل, وأضاف بأن هنالك محاصصة تمت, بيد أن هناك أربعة أحزاب صغيرة تتحكم الآن في الحكومة الانتقالية, معتبراً أن ذلك في الأصل خطأ لجهة ان الوثيقة الدستورية أكدت بأن تتم تشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة من مُستقلين, ما يؤكد ان الوضع الحالي انتهاكٌ للوثيقة الدستورية بأن عملت أحزاب صغيرة وليست لديها قاعدة جماهيرية بالتحكم في الحكومة وسعت لاختطاف الثورة, كونهم يعلمون بأنهم ليست لهم فرصة في الفوز بالانتخابات القادمة, وأردف الوثيقة الدستورية تقول إن الفترة الانتقالية من المفترض أن تُدار عبر حكومة كفاءات مستقلة وليس أحزاب, لذا فمن المفترض الالتزام بالوثيقة.