بنك السودان والذهب… سياسة تدمير الاقتصاد
تقرير: إنصاف أحمد
أدت السياسات الأخيرة التي أعلنها بنك السودان تجاه بيع الذهب إلى دخول التجار في إضراب عام، والتي قضت بإيقاف البنك عمليات شراء الذهب الخام من التجار بعمارة الذهب بالخرطوم لرفضهم سياسة البيع التي وصفوها بالظالمة، واتهم التجار البنك المركزي بتغيير سعر الشراء للكيلو بنسب كبيرة تراوحت ما بين (300-400) جنيه كل يوم دون أن يلتزم بسداد المبالغ المالية للتجار، واحتج التجار أمام نافذة بنك السودان، وطالبوا بدفع حقوقهم وتثبيت سعر متقارب مع اسعارالدولار العالمية، مشيرين إلى أن اسعارالذهب غير مجزية ولا تتماشى مع السوق العالمية، حيث شهدت أسعاره محلياً تذبذبا ملحوظا، ما أدى إلى خسائر فادحة للتجار جراء البيع بأسعار مخفضة رغم عدم التزام البنك بالسداد ، وانتقد التجار سياسة البنك بعدم شرائه الذهب الذي يقل عن 500 جرام، ومن المعلوم أن البنك المركزي ظل لفترات طويلة يحتكر عمليات بيع وشراء الذهب الأمرالذي أدى لانتقاده من العديد من الجهات واتهم بالتسبب في رفع نسب التضخم والدولار، ودعا خبراء الاقتصاد لإنشاء بورصة للمعادن لعمليات شراء الذهب ، حتى يمكن منح السعر العادل ويتم التداول عبرها وفقاً للسعر العالمي، فضلاً عن أن التداول في الذهب يكون بالأموال الحقيقية من داخل الاقتصاد وليس من أموال يضخها بنك السودان المركزي، وفي السابق شهدت سياسات المركزي في صادر الذهب شداً وجذباً ما بين محتكر للشراء مرة وبين فك الاحتكار ومنح المهمة لشركات خاصة بعمليات البيع والشراء، حيث عزا بنك السودان الخطوة للحد من عمليات التهريب، وتوقع أن تجذب السياسات الجديدة جزءاً مقدراً من الكميات المنتجة، بيد أنه لم يمض على سياسة كثير من الوقت حتى أصدر قرارا قضى بإلغاء تراخيص عدد من شركات القطاع الخاص وأسماء أعمال مرخص لها شراء وتصدير الذهب، وقرر البنك المركزي مؤخراً شراء الذهب الخام مباشرة من مناطق الإنتاج بأسعار عالية، وانتقدعدد من التجار تلك الخطوة ووصفوها بأنها ساهمت في توقف عمليات البيع والشراء لتذبذب الأسعار وانتقدوا سياسة البنك المتقلبة، الأمرالذي يضر بالوضع بشكل عام، حيث اوضح التاجر محمد ابراهيم بسوق امدرمان، أن البنك المركزي حدد مبلغ1900 جنيه للشراء للشركات خلال الأسبوع المنصرم، ورغم ذلك لم يقم بتسديد المبالغ للتجار، لافتاً أنه خلال اليوم الثاني قام بإصدار سعر جديد للشراء والذي حدد له مبلغ 2250 جنيها، حيث شرع مباشرة في الشراء من التجار، وقال خلال حديثه (للصيحة) إن التجار الذين لم يتم سداد مبالغهم رفضوا الخطوة الأخيرة وذلك لتكبدهم خسائر فادحة، حيث أدى للدخول في نقاشات مما دعا الى أخذ القضية طابعا ثورياً رافضة لسياسة البنك وأفضى إلى إغلاق السوق بصورة كاملة وتوقف عمليات البيع والشراء، مشيراً الى اتجاه البنك مرة أخرى إلى وضع سعر جديد وهو مبلغ 2550 جنيهاً ، لافتا إلى أن الخطوات التي يتخذها البنك تتسم بالضبابية، واصفاً السياسة التي يتبعها البنك بالسالبة لتأثيرها على عمليات بيع الذهب، ونوه لرفض اتحاد الصاغة وجود أي كيان غير التجار مما له أثر كبير على الاقتصاد، مشيرا إلى أن دخول الشركات الخاصة في عمليات البيع يكون العائد كبيرا، وقال في السابق طالبنا بخروج الشركات الأمنية والتابعة للحكومة من عمليات البيع وترك العملية للتجار فقط لإسهامها في محاربة التهريب وتأثيرها الإيجابي على الاقتصاد وذلك لفترة لا تتجاوزالـ6 شهور، لكن الخطوة قوبلت بالرفض من النظام السابق، ولفت إلى أن السياسة التي يتبعها البنك المركزي سياسة قديمة لا تخدم الاقتصاد في ظل التطور الحاصل اليوم، ولفت لعدم اتجاه جهات الاختصاص للنظر في قضيتنا الحالية ومعالجتها خلال الأيام القادمة .
من جانبه وصف الخبيرالاقتصادي د.عز الدين إبراهيم سياسة البنك المركزي خلال السنوات الأخيرة بأنها غير مستقرة، ما أدى إلى اضطراب في القوة الشرائية بجانب عدم استقرار الدولار، مشيرًا إلى مساهمته في إحجام عدد كبير من التجار عن عمليات البيع، وقال خلال حديثه لـ(الصيحة) أدت تلك الخطوة إلى تقليل الكمية المتوفرة لدى البنك المركزي حيث بلغت في الفترة الأخيرة 22 طناً بدلاً عن 36 طناً في السنوات الماضية، وقال إن السياسة غير مجزية ما أدى الى نشاط عمليات التهريب من قبل المعدنين لضعفه في توفير سياسة جاذبة للتجار، ولفت إلى عدم نجاح الشركات الكبيرة رغم الامتيازات الممنوحة لها، إلا أن عمليات التعدين الأهلي حققت نجاحا منقطع النظير، وأشار إلى ضرورة أن يستقر البنك المركزي في سياسات تكون جاذبة ومجزية بالنسبة لعمليات البيع والشراء .