ما حدث..
فهذه هي التتمة الخبرية لعنواننا هذا… ولأي حدث..
والخبر نفسه له ظاهر وباطن… سر وجهر… علن وخفاء… تصريح وتلميح..
فليس كل ما يُعرف يُقال..
وليس كل ما يُقال حضر أهله؛ وليس كل ما حضر أهله حان وقته..
وليس كل ما حان وقته صح قوله..
والقول هذا يُنسب إلى علي بن أبي طالب؛ فقد كان رجلاً حكيماً..
وقول الله عز وجل – عبر كتابه الكريم – بدأ بـ(اقرأ)… وانتهى بـ(اليوم أكملت لكم دينكم)..
انتهى تشريعا؛ وليس حدثاً… وحديثا..
وما بين البدء والإكمال نحو ثلاث وعشرين سنة..
وما كان يُعجزه – رب العزة – أن يُنزله دفعة واحدة… وإنما لحكمة يعلمها..
فلكل حادثٍ حديث؛ وهكذا أراده الله متفرقا..
رغم إن أي (حدث) كان يعلمه بعلمه الأزلي… ولكن البشر لا يعلمون..
وربما قالوا – لو سبق قول الله الأحداث – إنها مقدرة سلفاً..
ثم تساءلوا: إن كان حدثاً يستوجب الوعيد فلم يغضب منا الله وقد كتبه علينا؟..
كما إن من حكمة هذا التدرج أن نتعلم نحن البشر..
نتعلم أنْ لا نستعجل تقييم الأحداث؛ ولا على صنعها بغير تدبر… وتعقل… وتمعن..
تماماً كخلق الكون في ستة أيام؛ قبل الاستواء على العرش..
كما أن في الإكثار من التدبر – والتعقل – تنشيطٌ للعقل وصولاً إلى (اليوم أكملت لكم فهمكم)..
هو شيء مثل الرياضيات؛ فرضٌ… فنظرية… فبرهان..
وانظر فقط – على سبيل المثال – إلى المتفرق من الآيات بشأن موسى وفرعون..
فهي تضيف إلى بعضها البعض… وتكمل بعضها البعض..
ثم تتسق مع بعضها البعض؛ ولو كانت من غير عند الله لوجدنا فيها اختلافاً كثيراً..
والآن نخلص إلى ما أردنا قوله اليوم..
فمنذ فترة ونحن نضيف قولاً إلى قول بشأن بعضٍ من (أحداثنا) السياسية الراهنة..
فيبدو وكأنه قولٌ متفرق… والناس – بطبعهم – يتعجلون النهايات..
أو إن منهم من يتوق – بكثير ضيق – إلى لحظة (اليوم أكملت لكم قصتكم)؛ قصة الحدث..
و(الحدث) تحتفي – قبل فترة – بحدثٍ ما..
وهو حديث عن فشلٍ…. فانهيار…. فعجز…. فـ(تغيير)..
وقبل ذلك – بأيام – نكتب خاطرةً أسفيرية عجلى تحت عنوان (لغز فلان)..
وكثيرٌ من قرائنا يضيقون ذرعاً..
فهم يودون معرفة: من فلان؟… وأي لغز؟… ونحن لا نقدر على الجهر في موضع السر..
ولا نقدر – كذلك – على تجاهل بعض الحدث… ترقباً لكل الحدث..
ويقولون إن زمن (الدسدسة) قد ولى… يريدون كل (الحدث) دونما نظر إلى أجزائه..
والأجزاء إنما تأتي متفرقة… وتباعاً..
ولو سبقناها – توقعاً – لوقعنا في المحظور ربما؛ ولقيل لنا: من قال لكم؟..
احتفت (الحدث) – إذن – بالحديث هذا… والحدث..
وقد تحتفي – عما قريب – بحدثٍ آخر؛ بعد اكتمال ثلاثية: فرض… فنظرية… فـ(برهان)..
عنوانه: وحدث………
ما حدث!!.