الخيانة متعددة الأنواع والضروب، منها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، وكذلك المواقف فيها مختلفة والذين يمارسونها كثرٌ وهي قد تكون اجتماعية كخيانة زوج لزوجته أو زوجة لزوجها او صديق لصديقه او أخ لأخيه وتطول القائمة. او خيانة اقتصادية كأن يسرق الموظف او يرتشي او ينقص المكيال او يبدِّل المواصفة او يعلي السعر لمصلحة هذا، وغير ذلك من الخيانات الاقتصادية.
ولكن الخيانة العظمى هي خيانة الأوطان وهذه في زمننا هذا صارت اكثر من كبيرة ويمارسها علية القوم، بل يمارسها مرات قادة المجتمع ومستنيروه، ويقوم عليها قادة احزاب وعلماء ومفكرون وساسة وكُتّاب مشهورون وقادة رأي ومحللون سياسيون، بل يمكن ان يكون فيهم قادة جيوش. بل رؤساء دول، وكثيرًا ما ترتبط الخيانة في مثل هذه الحالات بالعمالة.
وفي التاريخ الحديث والقديم شواهد كثيرة وسِجِلٌ من المخازي، ولكن نهاية الخيانة بعمالتها الى الهلاك والمذمة، وفي الاشخاص الانتحار او القتل. ومهما استمتع الخائن او العميل بثمن هذا العمل، فهو في عذاب وهو بين ضمير غائب وعقل معذب. واخيراً مصير الى مجهول. وكم من خائن وعميل استغنى عنه من عمل لصالحه ثم لفظه كلفظ النوى من البلحة طرداً أو قتلاً او جنوناً، والامثلة لذلك كثيرة آخرها (طلبت ادارة بايدن من كازخستان وطاجيكستان واوزبكستان استضافة تسعة آلاف من العاملين الأفغان مع القوات الأمريكية كي لا تستهدفهم طالبان بعد الانسحاب الامريكي من افغانستان نهاية هذا الشهر).
لاحظ أن أمريكا لم تحملهم معها الى الولايات المتحدة الامريكية رغم الأعمال الجليلة التي قدموها لها ضد وطنهم وبني جلدتهم وضد بلادهم، بل بحثت لهم عن ملاذ آمن ولم تأخذهم معها لأنهم لا يستحقون ذلك، لأنها تعلم ان من يخون بلده ووطنه قطعاً سيخونها.
أيها السادة، حافظوا على أوطانكم وبلادكم، لأنها ملاذكم الآمن وحصنكم المتين الحصين، وإياكم وخيانة اوطانكم لانها سترمي بكم الى مزبلة وقمامة التاريخ والعار يطارد أبناءكم وأحفادهم الى يوم الحشر.
ولكم في شواهد التاريخ عبرة، فما بين عمر المختار وابراهيم الغربان درس لأُولي الألباب واصحاب العقول، وكل دخل التاريخ من باب، الاول سجله التاريخ بطل والاخر سجله التاريخ خائناً ومازال الاول في القمة، وذهب الآخر الى القاع.
أيها السادة، الخيانة كالمعصية تذهب لذتها ويبقى عقابها وعرة الوطن وشموخه بطولة يذهب تعبها ويبقى ثوابها وريعها.
أيها السادة، اختاروا ما شئتم لتسجلوا في سفر التاريخ كما تشاءون.