محمد البحاري يكتب: دار جنوب.. بؤرة الإبداع والمبدعين!!
بدون أدنى شك أن (دار الخرطوم جنوب) هى بؤرة للإبداع والمبدعين, يشهد لها بذلك المختصون والمستمعون والمهتمون بهذا المجال واستطاعت أن تلعب دورا كبيرا في الحركة الفنية, واستطاعت أن تحافظ على هذا الإبداع على مر السنين, ومما يحسب على الدار أنها اشتهرت بفرقتها الموسيقية وتجويد الموسيقى أكثر من الفنانين وحتى على مستوى المهرجانات كان تفوقها دائما بالفرقة الموسيقية وهذا يحتاج لوقفة لماذا الفرقة الموسيقية دون الفنانين رغم وجود كثير من الفنانين المبدعين الذين لديهم البصمات الواضحة وإسهاماتهم الكبيرة على المستوى الفني.
إذا أخذنا واحدة من التجارب التي لها ظلال واضحة على (دار الخرطوم جنوب) وهي تجربة الملحن الراحل (محمد سراج الدين) فهي تجربة ارتبطت بالدار, فهو قد مر على رئاسة الدار في دورتين, الأخيرة كانت حتى وفاته فهي تجربة لحنية متفردة تمتاز بكثير من الصفات.
أول من استمعت لهم من الفنانين هو الفنان (محمد ميرغني) وكان أكثر ما جذبني له تلك الأدائية المتفردة التي تحمل كثيرا من عمق الإحساس وكانت أجمل الأغنيات المحببة لدى نفسي هي (أغنية تباريح الهوى) التي تزين اسم هذا العمود وهي كلمات (التجاني حاج موسى) وألحان (محمد سراج الدين)، فهي أغنية تحتشد فيها كثيرٌ من الأحاسيس والمشاعر الدفيقة كلمة ولحناً واداءً وهي واحدة من روائع الراحل (محمد سراج الدين) وتجربته اللحنية مع (محمد ميرغني) وحدها كافية لتجعل منه ملحناً ذاً لونية مختلفة ميزتها أنها تخاطب القلب والوجدان مباشرة, ورغم أن هذه التجربة اللحنية متميزة, لكن تختلف تماماً عن تجربته مع الراحل (مصطفى سيد أحمد) لأنه راهن عليه في الوقت الذي وجد فيه (مصطفى سيد أحمد) في بداياته كثير من الصعوبة لإثبات وجوده من خلال أغانيه الخاصة التي يغلب عليها طابع الرمزية التي تخاطب القضايا من خلف جدر, غير ذلك طريقة أدائية (مصطفى سيد أحمد) التي تمتاز بالجمود المسرحي وهذه اللونية قبولها صعب جداً للجمهور, ولكن رغماً عن ذلك نجحت التجربة لحد الإبهار ويطول الحديث عن هذه التجربة المختلفة, لكن شاهدي في التجربة هي مراهنة الراحل (محمد سراج الدين) َكان قدر التحدي وصنع من الراحل (مصطفى سيد أحمد) فنانا كامل الدسم وهذه التجربة تحتاج كثيرا من التحليل بشئ من العلمية.