دول الترويكا تتدخل في قضية الشرق.. من ينزع فتيل الأزمة؟
تقرير- محجوب عثمان
الأزمة في شرق السودان أعمق بكثير من حصرها في الثالوث البغيض “الفقر والجهل والمرض”، فشرق السودان تتمظهر أزمته في عدة مظاهر, أهمها المظهر القبلي رغم أن شرق السودان يحوي كل العالم, وشرق السودان لا بد ان تحدث فيه تنمية حقيقية وهناك ازمة حتى في التمثيل السياسي في شرق السودان, وقضية الشرق عادلة ونحن لسنا في مقام لنقول ان الشرق لا توجد به ازمة, ولكن نحن ضد استغلال هذه الازمة, فما الذي يجعل من سرقوا اموال صندوق الشرق يطالبون الآن بتنمية الشرق ونحن متفقون ان يكون هناك حل لقضية الشرق بصورة عاجلة.. بتلك الكلمات رد الناطق الرسمي باسم قوى الحرية والتغيير جعفر حسن في حديث له امس الاول تعليقا على ازمة الشرق التي ظلت ومنذ 17 سبتمبر الماضي تتفاقم يوما بعد يوم, لدرجة ان يكون الشرق بوابة للتدخل الدولي, فقد أصدرت دول الترويكا “الولايات المتحدة الأمريكية والنرويج وبريطانيا” بياناً ظهر امس الجمعة طالبت فيه بحل عاجل لقضية الشرق.
احتقان
تخطت ازمة الشرق إغلاق الميناء والطرق القومية وخنق بقية الأقاليم بتسبيب الندرة في السلع الاستراتيجية لتدخل في نفق الاحتقان القبلي, خاصة بعد ان لوّح الفصيل الموقع على اتفاق جوبا بالدخول في حرب أهلية حال تم إلغاء مسار الشرق وهو ذات ما ساندته حركات الكفاح المسلح التي وقعت على اتفاق جوبا, عندما اشار رئيس حركة العدل والمساواة د. جبريل إبراهيم الى ان إلغاء مسار الشرق يعني إلغاء اتفاق جوبا كله من واقع ان مسار الشرق جزء من الاتفاق وان إلغاء جزء منه يعني إلغاء الكل, وهو ذات ما ذهب اليه حاكم اقليم دارفور رئيس حركة تحرير السودان مني اركو مناوي, بينما اتحدت مكونات تنسيقية نظارات البجا والعموديات المستقلة بشرق السودان لتؤكد انها لن تدخل في حرب, لكنها تصر على إلغاء مسار الشرق الذي تم توقيعه في اتفاق السلام بجوبا, فيما يظل الوضع على أرض الواقع محتقناً تتضح بجلاء اشكال احتقانه في الحشود والحشود المناوئة هنا وهناك, ما ينذر بانفجار للأوضاع حال لم تتم معالجة الأوضاع بأعجل ما يكون.
مطالب دولية
وأمس الجمعة, دعت دول الترويكا “الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج” لضرورة إنهاء حصار الموانئ والبنية التحتية للنقل في شرق السودان، وأيّدت في بيان مشترك, الحكومة الانتقالية في اتجاهها لحل القضية سلميا ودعمت مساعي رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك لإجراء محادثات سياسية لإنهاء الاحتجاجات في الشرق, واكد البيان ان الاحتجاجات تهدد اقتصاد السودان وشعبه, وقال البيان “يتعين على الزعماء السياسيين في شرق السودان قبول عرض حكومتهم لحل مشاكلهم عبر حوار سياسي ملموس، بدلاً من الانخراط في أفعال لن تؤدي إلا للإضرار باقتصاد البلاد”.
وذكر البيان “رغم إدراك أن هذه مسألة داخلية, فإن الترويكا تحث المجتمع الدولي على تقديم الدعم الكامل لجهود الحكومة السودانية لحل هذه المسألة وإنهاء الحصار المستمر”.
ووقعت حكومات الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج, اتفاقية جوبا للسلام في العام 2020 في إشارة إلى الدعم السياسي للاتفاقية التي اعتبرت انفراجًا في الصراع الذي شهد صدامًا بين الفصائل والقوات الموالية للحكومة وبين متمردين أغلبهم من غير العرب.
تحويل وجهة
وربما امتد خطر اغلاق الميناء ليؤثر على حركة النقل العالمية, كون ان مئات البواخر لا تزال تنتظر الدخول الى الميناء او غيرت وجهتها, فقد اعلن عدد من الشركات وقف الشحن لميناء بورتسودان. بينما أكد مصدر مطلع في الموانئ البحرية ان عددا من الشركات التي تعمل في مجال النقل اتجهت لموانئ البحر الاحمر في جمهورية مصر, على ان يتم نقل البضائع عن طريق معبر أرقين عبر شريان الشمال، وبدوره أشار رئيس اتحاد غرفة نقل البترول بولاية البحر الأحمر السر حسن كرار إلى أن البواخر الموجودة داخل حوض الموانئ السودانية في ميناء بورتسودان الرئيسي تعاني من أوضاع صعبة, لجهة أن عربات الشحن لم تتحرك للتفريغ, مبيناً أنّ سُمعة الميناء أصبحت سيئة جداً مقارنة بالموانئ الأخرى, وقال ان باخرة المعونة الأمريكية مُحمّلة بـ(40) ألف طن قمح في انتظار تفريغها، لأن كل المواعين مليئة من عربات إلى مخازن وحتى المستودعات.
بحث عن حلول
كل تلك التداعيات ربما أدّت لتكون هناك محاولات للمعالجة, فقد اتفق رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان ورئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك, على ضرورة إيجاد حلول عاجلة لقضية الشرق ومعالجة ازمة اغلاق الموانئ والطرق, فقد عقد الجانبان اجتماعا نهاية الاسبوع اتفقا خلاله على اهمية ابعاد قضية الشرق عن التجاذبات التي تحدث الآن والتشاكس بين المكونين المدني والعسكري ومن ثم البحث عن حل عاجل للقضية, وفي ذات الإطار عرض رئيس دولة جنوب السودان سلفا كير ميارديت التوسط لحل الازمة بمقترح تبني منبر تفاوضي في جنوب السودان.
حمدوك يبحث
وفي طريقة لإيجاد حلول سريعة وناجعة للأزمة, اجتمع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك بقيادات قوى الحرية والتغيير بغرض الوصول لحل لقضية الشرق, واطلعهم على تفاصيل اللقاء الذي تم بينه وبين رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان وأعضاء من المكون العسكري, وكشف لهم عن لجنة كوّنها رئيس مجلس السيادة يترأسها حمدوك والبرهان من أجل مناقشة قضية الشرق في ظل تعثر مؤسسة الدولة ضمن الشراكة, وأكد اللقاء على التأمين بوجود قضية لأهل الشرق, وقال يجب التعامل معها بجدية وتقديم معالجات جادة لها.
تدخلات داخلية
وبتدخلات العديد من الجهات الاجنبية في قضية شرق السودان, اتخذت القضية منحىً آخر بتدخل عدد من المكونات السياسية, ففي الوقت الذي أكد فيه الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل دعمه الكامل لقضية شرق السودان, بدأ حزب الأمة في التوسط لحل القضية بإرساله وفداً ضم رئيس الحزب فضل الله برمة ناصر ووزيرة الخارجية مريم الصادق المهدي وعدداً من قيادات الحزب لبحث أفق الحل مع تنسيقية نظارات البجا.