د. يعقوب عبد الكريم نورين يكتب : نقطة الالتقاء
تعدّد أحزابنا السِّياسيَّة وتختلف مُيُولنا واتّجاهاتنا، تتباين ثقافاتنا وتتمايز مناطقنا، ولكلٍّ منا ما يُميِّزه إضافة الى ما يميز الآخرين, ولكنه ليس خصماً على أحدٍ, وإنما إضافة فيها كل معاني التنوع والتلاقي الذي يُشكِّل السودان الوطن الكبير، وطن غنيٌّ بإنسانه وموارده أفقرناه بسياسات رعناء محورها الأول والأخير حُب الذات وتضخيم الأنا، وطن يعض الغرباء أصابع الندم عليه حسرةً لعدم وعي وإدراك أهله للكنز الذي عُميت الأبصار والبصائر عن الوصول إليه، وطن تُمزِّقه الزعازع والقلاقل ولا أحد يجرؤ على أخذ زمام المبادرة بأن هلموا لإخراج الوطن من وهدته وكبوته.
هذا الوطن أكبر من النفخات الكاذبة والادّعاءات الفطيرة.
ربما لا نتفق على كثير من الأشياء وهذا لا يعني بأني ضدك, وإنما اختلافٌ طبيعيٌّ نتيجة لأشياء كثيرةٍ, منها اختلاف الرؤى والأفكار والتنشئة وغيرها، فلماذا دائماً نجعل أن الخلاف والاختلاف هي الحرب بيننا؟ لماذا لا نترك مساحة للتلاقي نعود إليها في لحظات الحاجة المُلحة، نحن في هذا السودان كما قال الراحل دكتور جون قرنق لا يمكن أن يوحدنا الدين ولا اللغة ولا الثقافة وإنما توحدنا الهوية السوداناوية، وأنا أقول أكبر مكان يوحدنا هو السودان, فإذا علمنا أن نقطة الالتقاء هي السودان وتنازلنا عن الأنانية والبغضاء والحقد الأعمى, فإنّنا سوف نمضي في ركب الدول المُتقدِّمة.
كل الشخوص والأسماء والسلطات زائلة، وتبقى هذه الأرض الولود شامخةً في أوجه الأعاصير العاتية, تمضي نحو العُلا يقودها تاريخٌ ناصعٌ وضعه رجالٌ جعلوا قبلتهم لهذه الأرض, وكتبوا تاريخاً شهدت عليه الحضارة الإنسانية بالعُمق التليد، حضارة تمتد لأكثر من 7 آلاف عام, وعلينا نحن أجيال اليوم أن نُحدِّد نقطة التقائنا ونعمل سويّاً من أجل هذه الأرض وإنسانها.
إن اختلافنا ليس نهاية المطاف وربما يكون بداية التواضع نحو التوافق المُجتمعي والسياسي.
هذا الوطن مِلْكٌ لنا جميعاً, نبنيه معاً، ونموت من أجله معاً, ونحقق طموحاته وتطلُّعات شعبه معاً.
وعلى حب الوطن نلتقي