الفلاسفة يقولون يجب (أن تنظر الى نصف الكوب المُمتلئ) كدلالة على وجود أمل دائم في أحلك الظروف بأن كل شئ لا يخلو من عيوب وسلبيات وإيجابيات.
هذه المرة أريد أن أكون متفائلاً في رؤيتي الى توقيع عدد من الكيانات والأحزاب وحركات الكفاح المسلح الموقعة على اتفاقية جوبا للسلام وتنظيمات أخرى على تكوين وتوسيع وإصلاح الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية بأنه عملٌ يمكن أن يضع الجميع في الاتجاه الصحيح، هذه التظاهرة الحاشدة ينظر لها الفريق المناوئ للحكومة بانها تكريسٌ لحالة الانقسام والتشظي والضعف التي تعيشها قوى إعلان الحرية والتغيير كأنما ينظرون الى الجزء الفارغ من «الكوب» وهو تعبيرٌ شائعٌ وجملة مأثورة تُستخدم بلاغياً بالإشارة الى موقف معين أن يكون من شأنه سبباً للتفاؤل (نصف مُمتلئ) او متشائماً (نصف فارغ)، هنا سؤال مُلحٌ يفرض نفسه لماذا لا تنظر قوى الأربعة احزاب التي استأثرت بكل شيء، المال، والمواقع التنفيذية المتقدمة، بأنها تباين واختلاف في وجهات النظر وليس التفافاً أو انقلاباً مدنياً أبيض او ان هذا العمل صنيعة «كيزانية»؟.
أعتقد أن ما حدث في قاعة الصداقة أمرٌ إيجابيٌّ او يجب أن ننظر له كذلك، كلا الطرفين مجموعة الاربعة ومجموعة قاعة الصداقة إن جاز لنا ذلك كلاهما يدعو الى تنفيذ شعار الثورة حرية.. سلام وعدالة، واستكمال مؤسسات الدولة التشريعية والعدلية وفقاً للوثيقة الدستورية الحاكمة، ومحاربة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة، أعتقد أمام مجموعة «الأربعة» إما القبول والتسليم بمخرجات مؤتمر قاعة الصداقة أو الاستمرار في حالة التوهان والمكابرة وتخوين كل من يعترض على ممارسات الحكومة. يقيني أن هذا الطريق لا يقود إلا لطريقٍ مسدودٍ، ويجعل من الخيارات الأخرى ممكناً سواء كان ذلك عبر الانقلاب العسكري أو إعلان حالة الطوارئ وتعطيل العمل بالوثيقة الدستورية وحل الجهاز التنفيذي لا مناص، ولا بد من الاعتراف والانخراط والقبول بمخرجات قاعة الصداقة، وهذا من شأنه أن يعطي الوثيقة الدستورية الحاكمية والسمو وبالتالي الاستمرارية، اما عدم الاعتراف هذا ما سوف يجعل الوثيقة الدستورية في مهب الريح، وتعطي المكون العسكري ذريعة التحلل من الشراكة، وفي هذه الحالة يكون الجميع وضعوا أنفسهم في استشكال وانهيار دستوري.
التسليم بمخرجات قاعة الصداقة يُعيد الجميع بسلام الى منصة التأسيس، ومن ثم تكوين حكومة كفاءات غير حزبية ومناطقية، وهذا ما سوف يُمهِّد الطريق الى توحيد الحاضنة السياسية وتأسيس دولة القانون.
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل،،،