د.عثمان البدري يكتب :مَجّانيّة التعليم والعلاج.. إن فعلنا هذا فنحن دولة مُتحضِّرة فنعم وإلا فلا.. (١ – ٣)
إذا وفرت الدولة العلاج المجاني والتعليم المجاني, فهي دولة متحضرة أياً كان رئيسها ورئيس وزرائها, سواء كان الرئيس الملكة اليزابيث الثانية أو البرهان أو الإدريسي أو الحفيان أو حميدتي أو فدوى عبد الرحمن أو التعايشي أو الميرغني أو المهدي أو تِرِك أو ماركو أو برطم وأيا من كان رأس إدارتها التنفيذية حمدوكا كان أو مريما أو عبد الرحمن أو الهندي الصديق أو خالد أو حمزة بلول أو غيرهم من الفور أو الزغاوة أو الكواهلة أو البجا أو المحس والعربان وغير أولئك من خلق الرحمن وإن لم تفعل فهي دولة مُتخلِّفة وحكومة أكثر تخلُّفاً, سواء أكانت مكاتبها في غردون باشا أو القصر الصيني أو المديرية أو السرايا أو من جاوروا مستشفى الأسنان التعليمي وسواء امتطت الانفينتي أو الكروزر أو البسكليت أو اللا ندروفر أو المرسيدس أو الحافلات أو (حداشر خ) أو قام بالإدارة عن بُعد بالنت ومن خلال تطبيق أنظمة الحكومة الإلكترونية… التي ما زالت تراوح مكانها والتى نرحو أن نفرد لها حيِّزاً قريباً إن شاء الله.. وبدون مكاتب فخيمة أو نفقات ونثريات وسواء تقاضوا رواتبهم بالدرهم أو اليورو أو الجنيه أو الدولار وسواء أكانوا أصحاب جنسية واحدة أو عدة أو لا جنسيات.!
التعليم بكل مراحله ونوعياته هو أساس قيام المجتمعات والدول وتحضرها وتقدمها وتفوقها وهو الأساس المتين الذي لا حياد عنه ولا مندوحة منه لبناء الفرد المؤهل القادر على الكسب والتنافسية والمشاركة وهو من أوائل أجندة التنمية المستدامة والذي وقعت عليه وتبنته كل الدول, وهو من أساسيات حقوق الناس كما درسنا له أساتذتنا في القانون والذي لا مندوحة عنه لبناء الفرد والمجتمع والدولة والأمة والدين والدنيا. وإذا راجعنا مسيرة التعليم في العالم على مر التاريخ من لدن القدماء من الإغريق والرومان والصينيين والفرس والدولة الإسلامية ودول الخلافة وغيرها وفي جامعات القيروان والأزهر والمغرب والمدرسة النظامية وفي دمشق وقرطبة وحتى انتقاله إلى أوروبا عن طريق بعوث ملوك الافرنج لأبنائهم لجامعات الأندلس وعند بداياته المنتظمة عندنا هنا في دولة السلطنة الزرقاء والفور والمسبعات ومشيخة آربجي وخشم البحر والخلاوي والمسايد منذ زمان وإلى الآن سواء أكانت عند شيخ عبد القادر فتاي العلوم وخلاويهم المنتشرة في أم رباح وغيرها وخلاوي ومسايد الكسواب والشيخ البرعي والشيخ أبو عزة أو الشيخ الياقوت أو ود بدر أو المكاشفي أو الإدريسى والتيجانبة وخلاوي الكتياب وشرق السودان وكلي وكلية غردون والمعهد العلمي والى بدايات القرن العشرين وقبله ذلك بقليل إلا ما ندر, فقد كان التعليم مجانياً, بل كل معيناته تأتي للتلاميذ والطالب ويتحمل المجتمع كل التكلفة.. وهو الأصل سواء أكانت الدولة شيوعية أو اشتراكية أو إسلامية أو ليبرالية راشدة, اللهم إلا ما طرأ عليها من مذاهب النيوليبرالية والريقانية والثاتشرية ووصفات صندوق البؤس الدولي ومن شايعه.
وكل النخب تقريباً منذ ما قبل الاستقلال والى الحاكمة الآن استمتعوا بتلك المنح والسكن في الداخليات, ومُنِح المصاريف والبعض سكن في الداخليات منذ المرحلة الدولية والوسطى والثانوية والجامعية, فكيف يبرِّرون أنفسهم أخلاقياً جعل التعليم بتكلفة عالية، تعجز عنها أغلب الأسر.. هذه الحكومة التزمت على لسان مسؤوليها بمجانية التعليم بل وبالوجبة المدرسية.. وقد تناول أكثرهم كل وجباتهم الدسمة مجاناً وبالداخلية كذلك.
* مُدرِّس تحليل السياسات العامة واستشاري التخطيط الاستراتيجي