منى أبو زيد تكتب : أليس هُناك فَرق..؟!
“التمثيل الشخصي بيِّن والتمثيل الرسمي بيِّن، وبينهما أمورٌ مشتبهات، تتنزَّل على انطباعات الأفراد ومواقف الحكومات”.. الكاتبة..!
الزميلة “رشا عوض” امرأة استثنائية “أنْسَنت” حضورها في العامل العام عوضاً عن “تأنيثه”، ونجحت بكفاحها النوعي الحكيم في عبور سياج الأنوثة إلى رحابة الانتماء الإنساني الجليل، فصارت أيقونة تُحتذى للسيدة السودانية الواعية المستنيرة، بحضور سياسي قوي يُحسب لها، ويَحسب له الآخرون ألف حساب، وبفكر متين وقلم صحفي رصين وجرأة في الطرح وموضوعية في التناول، وهي – لأجل ذلك كله – عندي جديرة بالمحبة والتقدير والاحترام..!
أنا أحب زميلتي “رشا عوض” واحترم حضورها الفكري والسياسي – دعنا نتّفق على هذا أولاً – وأثق برجاحة عقلها وبالحكمة التي تنطوي عليها مواقفها الفكرية ووقفاتها الإنسانية – دعنا نتّفق على هذا أيضاً – وكل هذا الاحترام والاحتفاء لا علاقة له باختلافي أو اتفاقي معها في بعض الآراء أو المواقف. فاختلاف وجهات النظر شأن طبيعي كما تعلم..!
قبل ساعات قرأتُ خبراً بعنوان “المتحدثة باسم مبادرة حمدوك: تكوين حاضنة سياسية انقلاب جديد من البرهان”، ولأنني أعلم أن الزميلة “رشا عوض” هي تلك المتحدثة, فقد أدهشني بعض ما جاء في متن الخبر الذي نقل تحذيرها من تكوين حاضنة سياسية جديدة لانقلاب مرتقب بقيادة الفريق البرهان، وكيف أنها لا تستبعد أن يكون هذا المخطط بدعم مصري”..!
لم أندهش من الحديث عن الانقلاب, لأنني لا أوافقها بشأن طبيعة الاتهام من عدمه، فقد يكون لها من العلم والأدلة في هذا الشأن ما لم يتوافر لي. ولم استنكر اتهامها مصر برعاية المخطط – أيضاً – فقد يكون لها من العلم والأدلة في ذات الشأن ما لم يتوافر لي. لكن الذي أدهشني هو ربط صياغة الخبر بين مضمون تصريحات الزميلة “رشا عوض” ومبادرة حمدوك التي تتحدّث هي باسمها. فهل يفهم من ذلك أن اتّهام رئيس مجلس السيادة بالتخطيط للانقلاب – واتهام الحكومة المصرية برعايته – يمثل رأي المبادرة، من أطلقها ومن تقلد عضويتها ومن كان متحدثاً باسمها..؟!
الراجح عندي أن “رشا” قد كتبت على صفحتها ما تراه في هذا الشأن باعتبارها شخصية سياسية وكاتبة صحفية، كما تفعل دائماً، لكن مُقتضيات حضورها العام الأخير كناطقة باسم المبادرة تضع كل ما تكتبه أو تقول به في دائرة ضوء التصريحات الرسمية، فيكون بذلك عرضةً للأخذ به كرأي يمثل مجموعة المبادرة..!
والحقيقة أن الشرعية الثورية والفوضى الخلاقة التي أعقبت الثورة قد ساهمت في شيوع ظاهرة التصريحات ثنائية الأبعاد – على طريقة “اثنين في واحد” – فتجد أن حضور القيادي بالحرية والتغيير يتغوّل على حضور الوزير، أو تجد أن حضور القائد العسكري يتغوّل على حضور العضو السيادي، وهكذا. والسبب تصريحٍ يصدر عن ذات الشخصية بِلُغة حضورها الآخر. لذا وجب التنويه دَوماً، لأنّ هُنَاكَ فَرْقٌ..!