في نفس هذا الوقت من العام الماضي, وقّعت الحكومة الانتقالية اتفاق جوبا لسلام السودان مع الحركات المسلحة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق, وقاد الوفد الحكومي لمفاوضات السلام بجوبا الفريق أول محمد حمدان دقلو نائب رئيس مجلس السيادة ورئيس الوفد الحكومي لمفاوضات السلام, كان التفاوض بإرادة قومية وأفق مفتوح تؤكد حرص الأطراف المعنية في التوصل إلى سلام حقيقي وشامل ينهي فصولاً طويلة من المعاناة والتشريد, وكنت حضوراً في ذلك اليوم المشهود. وشرّف حفل التوقيع عددٌ من رؤساء الدول والحكومات وقادة القوى السياسية والمنظمات الدولية, فضلاً عن الفعاليات الشعبية والرسمية من دولة جنوب السودان راعية المفاوضات.
ومرّت الذكرى الأولى على التوقيع ولم تُنفذ الترتيبات الأمنية ومسار الشرق مُجمّدٌ ولم تُشكّل المفوضيات, كما أن حكومة إقليم دارفور لا تزال تراوح مكانها, فقد تم تعيين حاكم للإقليم السيد مني أركو مناوي وهو مُستضاف في مكتب بقاعة الصداقة بالخرطوم ويسكن في منزل اليوناميد بالفاشر, والاتفاق نص على مشاركة أبناء دارفور في الوظائف بنسبة ٢٠٪, ولكن كل الذي تم هو لمنسوبي الحركات الموقعة ويقول المثل الشعبي “البكا بحررو أهلو.”
لكن تمر الذكرى وقد يكون بعضهم نسى مرور عام على الاتفاق, وشاركت الحركات باسم أهل دارفور والنازحين واللاجئين, ولم نشهد أي خدمات ملموسة ومشهودة سواء في مجال الطاقة والطرق والمياه والعودة الطوعية وتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية, بل يزداد الاستقطاب والتجنيد والتجييش، وكأن المشكلة في دارفور أزمة تجنيد في القوات النظامية, فكان على القوات المسلحة والشرطة أن تفتحا مراكز تجنيد مباشرة وانتهى الأمر, ويمكن القول إنّ الاتفاق أوقف نزيف الدم بين أبناء الوطن الواحد وهو في حد ذاته إنجازٌ كبيرٌ.
وفي ظل زخم الصراعات بين المكونين العسكري والمدني وانقسام موقعي السلام إلى فريق يناصر الحاضنة الحاكمة, وآخر يسعى للوصول إلى الكراسي وإحلال مكانهم, ولهذا من الطبيعي في ظل هذه الظروف أن يكون الاحتفال بذكرى السلام ليس من أولويات الدولة, وهذا يؤكد أن القوى السياسية هَمّها الكراسي والسلطة قبل الوطن والمواطن.
خارج النص
لا تزال بعض أحياء ولاية الخرطوم تُعاني انقطاعاً مُستديماً في خدمات مياه الشرب, وظللنا نتلقّى شكاوى المُواطنين ونقوم بنشرها, لكن هيئة مياه ولاية الخرطوم لا تستجيب ووالي الخرطوم لا يُتابع, ولا تزال المُعاناة مُستمرّة في نواحٍ متعددة!!
نأمل من سُلطات ولاية الخرطوم أن تُولِّي أمر المواطن الاهتمام, خاصةً محلية أم بدة ووحدة السلام الإدارية.