(دو)
عوض أحمد خليفة.. شاعر صاحب مفردة خاصة جداً.. مفردة مُترعة بالجمال والعاطفة الدافقة.. كل أغنياته التي كتبها تُعبِّر تعبيراً دقيقاً عن شاعر سلك طريقاً مختلفاً عن حال السائد من اللغة الشعرية الغنائية.. وبالتأمُّل في أغنيات مثل (ناكر الهوى).. (دنيا المحبة).. (عشرة الأيام) يجد نفسه أمام شاعر يرسم ولا يكتب.. فهو بارع جداً في تصوير حالته الشعرية من خلال حشدها بالتعابير السهلة ولكنها في ذات الوقت عميقة ومتجذرة في الأرض.
(ري)
لذلك يظل الشاعر اللواء (عوض أحمد خليفة) واحدا من أنضج الذين كتبوا الشعر الغنائي.. فهو رغم أنه لم يسلك درب الحداثة الممعنة في الرمز، ولكنه اختار مفردة جزلة وفيها الكثير من البراعة والتمكن.. وليس أدل من ذلك حينما نعاين لأغنية شاهقة مثل (عشرة الأيام).. فهي كانت عبارة عن حالة وجدانية خاصة بشاعرنا الجميل ولكنه منحها خاصية الشيوع والافتضاح.. وكما يقال إن للعطر افتضاح.
عشرة الأيام ما بصح تنساها
كأنو ما جيتك وكأنو ما عشناها
وضمّانا أحلى غرام
ليه فجأة دون أسباب
من غير عتاب أو لوم
اخترت غيري صحاب
وأصبحت قاسي ظلوم
هان ليك فراقي خلاص
وأنا برضي حولك أحوم
(مي)
وهو يحكي (كانت أجمل المحطات عشرة الأيام، وهي انتهاء قصة عاطفية رُفضت من قِبل أهل من أحب لأنهم اشترطوا أن أسافر لإنجلترا ومعي هذه المحبوبة، لكني رفضت نسبةً لسفري للدراسة وسافرت فتم تزويجها من خلفي جاءني خبر زفافها فكانت (عشرة الأيام) في قطار من جلاسكو الى لندن وغنيتها وبالمناسبة أنا مُلحِّن هذه الأغنية والموسيقى لعثمان حسين، وقد غنّى معي كل من في القطر وغناها ثنائي عثمان حسين والحويج، (وأنا لمن أعمل خلف دور ما برجع)..
(فا)
ويقول اللواء إبراهيم الرشيد عنه (ولمن لا يعرفون سعادة اللواء عوض هو اليوم إمام وخطيب جامع «الأدارسة» الشهير بأم درمان حي الموردة رجل علم ودين وتقوى، ويُذكر أنه أبكى المصلين بالمسجد في خطبة الجمعة التي كان إمامها وخطيبها، وبعد انتهاء الصلاة وعندما كان في طريقه للخروج من المسجد قال له أحد المصلين:
«لقد أبكيتنا اليوم يا عوض بهذه الخطبة العصماء» فَرَدّ عليه مولانا عوض ممازحاً: “الليلة بكيتكم وأمس بكيتكم”.