طارق عبد الله الريح يكتب : جمال عبد الرحيم.. الشاعر الخلاق
ولد الشاعر الكبير جمال عبد الرحيم عبيد بقرية دبروسة بالولاية الشمالية ونشأ في أسرة بسيطة تعمل في مجال الزراعة، وكان والده عليه رحمة الله بجانب عمله في الزراعة كان يتقن فن البناء والمعمار، والشاعر جمال عبد الرحيم وقتها كان مهتماً بالقراءة والاطلاع خصوصاً الشعر العربي القديم، فكان يقرأ للمتنبي وبدر شاكر السياب وفاروق جويدة ونزار قباني ومحمود درويش وأحمد شوقي وحافظ إبراهيم شاعر النيل.
تفتحت موهبته الفذّة في كتابه الشعر منذ وقت مبكر وهو في ريعان الصبا، كانت مراحله الدراسية بقريته دبروسة حتى المرحلة الثانوية العليا في تلك الفترة نضجت موهبته تماماً وقاده طموحه للسفر إلى العاصمة، حيث يوجد الإعلام والصحف ومنابر الشعر رغم قناعته بأنّ درب الشعر يحتاج إلى صبر وقوة عزيمة، إلا أنه قَبِلَ التحدي وكانت رحلته الأولى لمحطة الوطن الكبير عطبرة والتي صاغها شعراً في قصيدته عطبرة التي تغنّت بها مجموعة عقد الجلاد الغنائية.
والمتأمل لأغنية عطبرة يجد أن الشاعر جمال عبد الرحيم انتهج أسلوباً ميّزه عن بقية الشعراء من أقرانه في تلك الفترة، وجمال عبد الرحيم كتب بصدق وبأسلوب السهل المُمتنع وجسّد ما حوله من صور أدهشته بتعبير صادق نابع من قلب شاعر يمتلك ناصية الكلام وذخيرة معرفية ناضجة بقواعد وأصول الشعر، فكانت عطبرة.
لم تتوقّف رحلة الشاعر جمال عبد الرحيم في محطة عطبرة، بل تجاوزها وتحرّك به القطار صوب العاصمة، مروراً بمحطات كسلا وهيا وأروما، فكتب شاعرنا عدة قصائد مُستصحباً تلك المحطات في قصيدته المشهورة هدندوية والتي تغنى بها فيما بعد الفنان عباس جزيرة.
مكث شاعرنا في الخرطوم بضعة أشهر في منزل شقيقه الأستاذ والمربي الراحل تاج الدين عبد الرحيم، ولكن لم تكن الخرطوم كما توقّع، فقرر التقدم صوب الجزيرة ود مدني وفعلاً تحرك إلى ود مدني ويحدوه أملٌ كبيرٌ في أن يجد ضالته المنشودة في أرض الجزيرة الخضراء.. وصل مدينة ود مدني والتي كانت نقطة انطلاقة ومحطته الأخيرة وكانت البداية بزيارته لاتحاد الفنانين بود مدني فوجد الترحاب من أسرة الاتحاد خصوصاً من الفنان الكبير الرشيد كسلا الذي تغنى بالعديد من أشعار جمال عبد الرحيم، وامتدت العلاقة بين جمال الشاعر كما يحلو لنا أن نسميه ورفيق دربه الفنان الرشيد كسلا وانضم إليهم الموسيقار والملحن صلاح جميل.. في تلك الفترة التحق جمال الشاعر بوزارة الري وعمل بها وتدرّج في العمل الى ان وصل مهندس قياس ثم نزل للمعاش قبل خمسة أعوام.
تزوج الشاعر الكبير جمال عبد الرحيم وله ابن دكتور فياض جمال عبد الرحيم وابنته فدوى جمال عبد الرحيم مهندسة زراعية.. طاب له المقام بود مدني وأصبح رمزاً من رموزها ومن مؤسسي اتحاد الفنانين منذ عام 1975 وظل إدارياً بالاتحاد الى يومنا هذا.
له العديد من الأعمال الشعرية الغنائية واشهرها اغنية العصفور التي تغنى بها الفنان الكبير النور الجيلاني، وغنى الفنان حيدر بورتسودان عددا من الأغنيات آخرها أغنية الريدة البخافها وتغنّت له مجموعة عقد الجلاد بعدد من الأغنيات عطبرة وصوت الاستحالة وبطن الحوت وغنى له الفنان الرشيد كسلا عددا مقدرا من الأغنيات والفنان عمر جعفر نمة حب وعدد من الأغنيات، كذلك غنى له فتاح السقيد اغنية الياسمينة وأغنية مدني التي يقول مطلعها (جيتي من وين يا بنية وناوية على وين السفر قلتي لي مدني الجميلة مدني يا أجمل خبر)، كما غنى له الفنان عمار السنوسي والفنان عبد السلام السنوسي والفنان أحمد طابت والفنانة فهيمة عبد الله وآخر أعماله أهداها للفنان الكبير الطيب عبد الله في طور التلحين وسترى النور قريباً بإذن الله.
.