بهاءالدين قمرالدين يكتب : شهداء جهاز المخابرات فداء الوطن والثورة ولكن (٢)!
إنّ حادثة اغتيال ضباط وضباط صف وجنود جهاز الأمن والمخابرات الوطني على يد خلية داعش الإرهابية بضاحية جبرة جنوب الخرطوم الأيام الماضية؛ جريمة كبرى وخطيرة تكشف عن مخاطر كثيرة وأبعاد مرعبة وسيناريوهات دامية تحدق بالوطن والشعب السوداني؛ عنوانها الأخطر الموت والدمار والشر المُستطير؛ ويجب الوقوف عندها طويلاً والتأمل والتعمق في مجرياتها لسبر اغوارها وكشف أبعادها وقراءة تفاصيلها؛ حماية للبلاد والعباد؛ ولا يجب بأي حال من الأحوال وبأي شكل من الأشكال أن نعتبرها حادثاً عرضياً طارئاً تمت مصادفة أو خبط عشواء!
وتثور الأسئلة الكبرى والاستفهامات حول ذلك الحادث الدامي بإلحاح تبحث عن إجابات شافية وكافية حول مدبريها وأهدافهم وكيف تسلّلوا إلى السودان؛ وإعدادهم وعتادهم؟!
فكيف تسلّلت هذه الخلية الإرهابية الداعشية إلى بلادنا؟
والاجابة عن هذا السؤال المهم؛ تقرأ مقرونة بالواقع الذي تعيشه بلادنا اليوم بعد تفجُّر ثورة ديسمبر الظافرة والمجيدة؛ حيث عمّت وانتشرت الانفلاتات الأمنية
والفوضى تضرب بأطنابها في طول للبلاد وعرضها؛ وحدود البلاد الطويلة والممتدة مفتوحة في الغرب والشرق والشمال والجنوب؛ سهلت تسلل ودخول التنظيمات الإرهابية مثل داعش وبوكو حرام وغيرها؛ فلا رقيب ولا حسيب؛ في ظل السيولة الأمنية والفوضى الخلاقة !
وأخطر ما في هذه الحادثة الدامية انها وقعت في قلب الأحياء السكنية بالخرطوم المأهولة بقاطنيها من مواطنين، رجالاً ونساءً، شيوخاً وأطفالاً!
ولولا لطف الله وعنايته لوقعت مجزرة أفدح ولحدثت إصابات أكبر في ظل تبادل إطلاق النار بين أفراد الخلية وقوة جهاز الأمن والمخابرات العامة!
كما وأن مقتل ضباط وأفراد الجهاز يكشف عن التدريب العالي والتكتيك القتالي المتقدم والمحترف والإعداد الجيد والتسليح العالي والحديث لأفراد الخلية المتمرسة على المعارك والقتال !
كما دللت الحادثة على فقر وتواضع المعدات القتالية والأسلحة والعدة والعتاد لقوة جهاز الأمن والمخابرات العامة !
وفي تقديري، إن ضباط وأفراد الجهاز قاموا بهذه العملية الفدائية والبطولية بكل شجاعة وجسارة رغم قلة وفقر العتاد القتالي؛ فداءً للشعب السوداني؛ وقدموا أرواحهم الطاهرة حمايةً للوطن وتنبيهاً للناس ولفت الأنظار والأسماع لمثل هذه الخلايا والمجموعات الإرهابية الدموية التي تتربّص بالوطن والثورة المجيدة وإجهاض التحول الديمقراطي الذي تعيشه بلادنا اليوم؛ ولا نستبعد تورط فلول النظام السابق فيها؛ فهم الذين فتحوا البلاد من قِبل للجماعات الجهادية والشخصيات الإرهابية إبان حقبة التسعينيات من القرن الماضي؛ فدخل تنظيم الإخوان المسلمين وتنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن وأيمن الظواهري وحزب النهضة وبوكو حرام وحركة حماس الفلسطينية والقاتل المحترف كارلوس!
بل ومنحت حكومة الترابي آنذاك، تلك التنظيمات والأفراد الجنسية والجواز السوداني وخولتهم كل الصلاحيات؛ فنمت وكبرت وملكت المشروعات الاستثمارية الكبرى والأموال الضخمة واشتد عودها وقوي ساعدها وأصبحت قوة كُبرى ضاربة وخطرًا على البشرية جمعاء.
إذن فبلادنا السودان كانت ملاذًا آمنًا و(حاضنة إرهابية) لتلك التنظيمات الإجرامية الدموية إبان عهد حكومة الإنقاذ البائدة!
وحادثة خلية داعش بمنطقة جبرة جنوب الخرطوم؛ تكشف عن رأس جبل الجليد فقط؛ فلا شك أنّ هنالك الكثير من المنظمات الإرهابية قد تسلّلت الى السودان وهي تعيش في فترة ومرحلة بيات شتوي؛ تتخفى وتُراقب وتنتظر ساعة الصفر لشن هجماتها الدموية والقاتلة والانقضاض على البلاد والفتك بالعباد.!
ونواصل