تحفُّظ البرهان على قائمة السفراء.. للملف أكثر من زاوية
تقرير- مريم أبشر
بعد فراغ دبلوماسي شارف على ثلاث سنوات في اكثر من 60 سفارة وبعثة دبلوماسية من سفارات وبعثات السودان الخارجية، وفي أعقاب سقوط نظام الإنقاذ وإعادة عدد من السفراء والدبلوماسيين للوزارة واستبعاد بعضهم من الخدمة بموجب قانون تفكيك نظام الإنقاذ، أعلنت وزارة الخارجية في وقت سابق اعتزامها ترشيح 30 سفيرا لسد الفراغ بالبعثات التي يسير دولاب العمل فيها قائمون بالأعمال، واشارت وفق تصريح سابق من وكيل وزارة الخارجية لـ(الصيحة) إلى أن ابتعاث السفراء سيكون عبر مراحل.
وحسب متابعات الصحيفة، انه بعد تعديلات وتبديلات اعتمد رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك قائمة تضم سبعة عشر سفيراً وتمت تسمية المحطات التي سيتولون رئاستها بدول التمثيل، غير أن ملف القائمة وقف عند مجلس السيادة بسبب تحفظات ابداها رئيس مجلس السيادة الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان، على حوالي ثمانية من القائمة المرشحة رغم انها تعد القائمة الأولى لسفراء ما بعد الثورة.
وقد استبعدت مصادر عليمة أن تكون الصعوبات المالية وراء التأخر، وألمحت إلى أن تأخُّر النقل بسبب تحفظات رئيس المجلس السيادي قد يتسبّب في خلق أزمة بين القصر ومجلس الوزراء، لجهة أن السفراء يتم ترشيحهم من وزارة الخارجية وتقع مسؤولية اعتمادهم بالشكل النهائي ضمن صميم مهام رئيس الوزراء.
معلومات جديد
معلومات جديده تحصلت عليها (الصيحة) كشفت ما وراء تحفظ رئيس مجلس السيادة على بعض المرشحين، فقد اشارت مصادر مطلعة إلى أن تحفظ رئيس مجلس السيادة حول ثلاثة أو أربعة من السفراء المرشحين على مشارف سن المعاش وسيُحالون مطلع العام الجديد من ضمن أحد عشر سفيراً وصلوا سن المعاش (65) وفق قانون الخدمة المدنية أو على مشارف مطلع العام 22 بالإضافة الى تسعة آخرين سيُحالون العام 2023م.
تحفُّظٌ موضوعيٌّ
واعتبرت المصادر تحفُّظ رئيس مجلس السيادة، جاء لأسباب موضوعية، خاصةً وانه لم يشمل كل القائمة وشمل بعضها فقط، باعتبار انه لا يمكن ابتعاث سفير وصل سن المعاش او على وشك لدول التمثيل المقرر وفق لائحة وقانون السلك الدبلوماسي الذي يحتم بقاؤه بالبعثة اربع سنوات، واستبعدت حدوث خلاف بين أجهزة الدولة حول هذا الأمر، لجهة ان التحفُّظ مبرر ما لم تعمل الوزارة مع الجهات المعنية التمديد لمن شملهم التحفُّظ لهذا السبب.
مياه تحت الجِسر
وبالنظر للخلافات والأوضاع التي تمر بها الحكومة الحالية بشقيها المدني والعسكري والخلافات في الحاضنة السياسية، تشير المصادر إلى أنّ مِيَاهَاً كثيرة جرت تحت الجِسر ولم تعد ما تطرحه قوى الحرية والتغيير في ظل تشظيها الراهن يمرر كما هو، وان بعض ملاحظات الشق العسكري قد تجد بعضًا من المرونة والمعقولية.
رفض الديوان
وحسب المعلومات، فإن وزارة الخارجية طلبت من ديوان شؤون الخدمة العامة التمديد لبعض السفراء الذين شملتهم قائمة النقل وانتهت مدة خدمتهم أو اقتربت وآخرين يعملون بالسفارات لذات الأسباب، الا ان ديوان شؤون الخدمة رفض طلب تمديد الفترة وآثر الالتزام بنص القانون طالما وصلوا سن المعاش، لجهة ان التمديد مخالف للوائح وقوانين الخدمة المدنية.
محاولة إظهار الضعف
مصدر دبلوماسي مهم قال لـ(الصيحة) إن مجلس الوزراء هو الذي يحدد من يرشح وإلى أيِّ بلد، وإن مسؤولية مجلس السيادة تشريفية بحسب الوثيقة الدستورية، غير انه أضاف لكن من الممكن ان يكون الرفض قد تم في إطار الهجمة الأخيرة على المكون المدني بغرض إظهار ضعفه.
محاصصة سياسية
وحسب الوثيقة الدستورية، فإن ترشيح السفراء من اختصاصات رئيس مجلس الوزراء وان مجلس السيادة يعتمد الترشيح فقط هذا ما يراه الخبير والناطق الرسمي السابق باسم الخارجية السفير الصادق المقلي، ويضيف “لا أعتقد أن التحفُّظ على بعض السفراء هو قرار من رئيس المجلس بمعزل عن بقية أعضاء المجلس، لأن قرارات مجلس السيادة تُتّخذ بإجماع أعضاء المجلس، حسب الوثيقة الدستورية”، وأضاف “النظام الانتقالي في السودان يعمل على غرار النظام البرلماني وليس النظام الرئاسي الذي ينفرد فيه الرئيس بقرارات رئاسية وبالتالي يمكنه اعتماد وحتى ترشيح او تعيين السفراء بقرار رئاسي”، ويمضي المقلي موضحاً “في اعتقادي ان هذا التحفُّظ إذا كان صحيحاً فهو قرار بإجماع المجلس، اضف الى ذلك المشاكل المالية الحرجة التي تُعاني منها البعثات الدبلوماسية في الخارج سواء على صعيد مخصصات أعضاء البعثات أو عدم إيفائها بالالتزامات التي تتعلّق بتسيير عمل البعثات من مرتبات العمالة المحلية أو الإيجارات، لافتاً الى ان كل تلك العوامل ربما تكون السبب لتحفُّظ مجلس السيادة، واشار الى ان هناك عاملا آخر لا يُستبعد ان يكون من بين اسباب هذا التحفُّظ، وهو ما رشح من اتجاه الحكومة الانتقالية لتعيين سياسي وفق محاصصة سياسية والتعيين السياسي ونظام معمول به حتى في الديمقراطيات الغربية بأوروبا وأمريكا، لكنه يتم في نطاق ضيق لا يتعدى العشر سفارات حسب تقدير الحزب أو الائتلاف الحزبي الحاكم، فضلاً عن تخصيص بعض مناصب السفراء لشركاء السلام وفق ما نصت عليه اتفاقية جوبا من تخصيص نسبة معيّنة في الخدمة المدنية في إطار التمييز الإيجابي.
التشاكُس حاضرٌ
وفي سياق الحديث عن مخالفة التحفظ لمهام الحكومة التنفيذية، يرى خبير دبلوماسي ان تفسير النصوص خاصة بعد صياغتها بصياغات معممة تفتح باب التأويل، وقال السفير عبد الرحمن ضرار لـ(الصيحة) لا أعتقد أن البرهان سيقبل أن يكون مجرد “كبانية” بلا رأي، خاصة وهو الذي سيصدر ويوقع على أوراق اعتماد السفراء ويودعهم قبل المُغادرة، ولن يعدم – بالطبع – من يفسر له تلك النصوص لصالحه بشكل ما خاصة في هذا الجو المشحون بالتشاكس بين المكونين العسكري والمدني، واضاف “لم يتم الكشف عن أسماء السفراء بعد، ولكن ربما حرصت الأحزاب المتمكنة في الحكومة على تمكين “ناسها” في القائمة المرفوعة.