خطاب مجلس السيادة.. أزمة جديدة في طريق قوى الحرية والتغيير
تقرير- محجوب عثمان
أزمة جديدة تفجّرت أمس بين القوى السياسية لتُضاف الى أزمات متلاحقة ظلت تظهر من حين لآخر وتضاف الى رصيد التشاكس في إدارة الفترة الانتقالية، فقد شهد يوم أمس “الجمعة” تداولاً كثيفاً لخطاب صادر من مجلس السيادة الانتقالي معنون لوزارة الخارجية يطلب من وكيل الوزارة دعوة البعثات الدبلوماسية المعتمدة في السودان لحضور الاحتفال المقام اليوم “السبت” بقاعة الصداقة للتوقيع على ما أسماه الخطاب “الميثاق الوطني لتوحيد قوى الحرية والتغيير”، وسبب انتشار الخطاب كان استغراب المتابعين من تدخل مجلس السيادة الانتقالي في شأن سياسي بعيد كل البُعد عن اختصاصاته، خَاصّةً وأنّ الخطاب جاء ممهوراً بتوقيع الأمين العام لمجلس السيادة الفريق ركن محمد الغالي علي يوسف.. ولكن قوى سياسية مضت اكثر من مجرد الاستغراب على اعتبار أن الأمر يمسها بصورة مباشرة، واعتبرت أن الدعوة التي خرجت من مجلس السيادة لم تكن غير محاولة أعضاء في السيادي لاختطاف الثورة.
رفض
وفور تداول الخطاب، سارع تجمع قوى الإجماع الوطني الذي يمثل احد اركان قوى الحرية والتغيير باعلان رفضه القاطع لتدخل مجلس السيادة الانتقالي في هذا الشأن، واعتبر ان ما حدث ما هو إلا واحدة من حلقات المؤامرة على الثورة، وحملت قوى الإجماع رئيس مجلس السيادة، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان التبعات المترتبة على إصدار الخطاب الذي وصفه بـ”غير المسؤول، وغير المتسق مع الوثيقة الدستورية”.
وأشارت قوى الإجماع الوطني الى أن الدعوة التي حملها خطاب رسمي، تكشف رعاية بعض أعضاء المجلس للعمل الانقسامي، لخلق حاضنة بديلة لقوى الحرية والتغيير، وتجاهل أن قوى الحرية والتغيير، تمثل الطرف الثاني، في اتفاقية الشراكة الثنائية، التي أبرمت تحت إشراف إقليمي ورعاية دولية، ممثلين في الإعلان السياسي، والوثيقة الدستورية، كما أن رئيس مجلس السيادة الفريق اول عبد الفتاح البرهان، يمثل للطرف الآخر وليس بمقدوره تغيير وضعية الطرف الأول بأيِّ شكل من الأشكال.
انتحال
ولفت بيان قوى الإجماع الوطني إلى ان الخطاب الصادر من الأمانة العامة لمجلس السيادة يكشف عن نهج وعقلية الاختطاف، ووصفه بأنه انتحال لاسم مجلس السيادة، وتساءل البيان عن هل المجلس على دراية تامة بهذا المسعى (السيادي) في دعم وبناء حاضنة سياسية بديلة تدعم مخطط الانفراد بالسلطة الانتقالية؟، وهل اطلع أعضاء المجلس كافة على مضمون هذا الخطاب الموجه لوزارة الخارجية، ووافقوا على محتواه؟ ومَن وجه الأمين العام لمجلس السيادة الانتقالي بكتابة هذا الخطاب وإرساله للخارجية؟ ثم هل ستلتزم الخارجية بتنفيذ موجهات هذا الخطاب، الذي جاء في فقرته الأخيرة موجهاً الخارجية بالإحاطة وإجراء اللازم؟! أم أن كل هذه الترتيبات الانقلابية على الحاضنة السياسية تتم في الخفاء باسم المجلس، ودون علمه، مما يؤشر على منحى خطير في التآمر الذي يستهدف الثورة والحكم الانتقالي وحاضنته السياسية.
توضيح الملابسات
ولم يجد مجلس السيادة ازاء التطور الكبير في مجريات الأحداث، غير ان يصدر توضيحا لملابسات اصدار الخطاب في بيان صدر عن إعلام مجلس السيادة الانتقالي بعد ظهر امس “الجمعة”، قال فيه إن بعض مواقع التواصل الاجتماعي تداولت صورة لخطاب موجه من الأمين العام لمجلس السيادة إلى وكيل وزارة الخارجية، لدعوة رؤساء البعثات الدبلوماسية والمنظمات الإقليمية والدولية المُعتمدة لدى السودان لحضور حفل التوقيع على الميثاق الوطني لوحدة قوى الحرية والتغيير يوم السبت بقاعة الصداقة.
ونود ان نوضح ان الخطاب مُرسلٌ من حاكم إقليم دارفور السيد مني أركو مناوي، يطلب فيه مخاطبة وكيل وزارة الخارجية لتقديم الدعوة للبعثات والمنظمات الإقليمية والدولية لحضور الحفل.
تعقيد
ولم يمضِ وقتٌ طويلٌ على إصدار بيان مجلس السيادة حتى خرج حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، وغرّد على صفحته بتطبيق “تويتر” مكذباً توضيح الأمانة العامة لمجلس السيادة حول مُخاطبة البعثات الدبلوماسية لحضور حفل توقيع ميثاق الحرية والتغيير، ودوّن مناوي بالقول “تابعت باستغراب خطابا متداولا؛ صادرا من مجلس السيادة للبعثات الدبلوماسية لحضور توقيع ميثاق الحرية والتغيير، ثم توضيح المجلس الذي أشار إلى أن الخطاب جاء بطلب مني لدعوة الدبلوماسيين وهو أمر طبيعي وهم مرحّب بهم، لكن أنا لم أطلب من المجلس بتاتاً توجيه أي دعوة للبعثات”.
تأكيد
ويؤكد حزب البعث العربي موقفه الداعم لقوى الاجماع الوطني كونه جزءا منها، اذ يرى الناطق باسم الحزب محمد ضياء الدين في حديث لـ(الصيحة) ان ما حمله بيان قوى الاجماع يعبر عنه بالكامل، مبينًا انه لا يدري من هم الذين يدعون لوحدة قوى الحرية والتغيير بالتحديد وما إن كانوا جزءًا من الحاضنة السياسية في الأصل ام لا، واشار إلى ان الظاهر منهم من بين قوى الحرية والتغيير رئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي وحركة العدل والمساواة ولا يعلم غيرهما احدا.
عدم تخوين
ورغم ما يثار عن تكوين حاضنة جديدة وما حواه بيان قوى الإجماع الوطني من لهجة حادة، الا ان الجهة التي دعت لـ”الميثاق الوطني لتوحيد قوى الحرية والتغيير”، أكدت أنها تمثل جزءًا من ذات التجمع وترتكز على ذات مُكتسبات من يصفونهم بأنهم يريدون شق صف قوى الحرية.
ويقول رئيس الحزب الوحدوي الناصري ساطع الحاج لـ(الصيحة) ان ما يدعون له لا يمثل حاضنة جديدة، وانه لن يكون هناك توقيع على اي ميثاق اليوم السبت، مبينا ان ما سيتم محض لقاء لتدشين حراك يفضي لوحدة قوى الحرية والتغيير ويدعو لعدم تخوين من يدعون لذلك واظهار الامر وكأن احزاباً سياسية تدخل تحت مظلة العسكريين في مجلس السيادة، قاطعًا بأن ذات النهج في دعوة السفراء لحضور الفعالية تم عند التوقيع الإعلان السياسي الذي تم في 12 سبتمبر بقاعة الصداقة، وقال “نفس الآلية تم اتباعها ونفس الشخص ارسل خطابا بنفس الطريقة لدعوة السفراء حينها”.
قوى حرية
واكد ساطع في حديثه لـ(الصيحة) ان ما يثار عن انضمام احزاب كانت مشاركة في الحكومة التي تمً إسقاطها في التوقيع على هذا الميثاق لا يعدو ان يكون افتراءً يهدف لتخوين الجهة التي تقوم بهذا الأمر، وقال بالتأكيد لن تكون هنالك مشاركة لاي من المكونات التي شاركت في العهد البائد، وقطع بان من يقومون بهذا الحراك من داخل قوى الحرية والتغيير ويعتبرون من المؤسسين للتحالف، واكد ان الحراك الهدف منه تدشين العمل للوصول الى مؤتمر تأسيسي لقوى الحرية والتغيير يفضي لجسم قوي مُوحّد.