*في أحد خطابات الراحل الزبير محمد صالح النائب الأول للرئيس الأسبق عمر البشير قال: “لو شُفتُونا بنينا عمارات معناها سرقنا”.. وبعد سنوات من رحيل الزبير سجّل الراحل حسن الترابي اعترافاً صريحاً في برنامج “شاهد على العصر” بقناة الجزيرة الإخبارية بأنّ الإنقاذ فسد أهلها، وقال بالحرف الواحد: “استلموا السُّلطة ووجدوا القروش بالأطنان”.
*لا نُريد الخوض في فساد الحكومة السابقة باعتبار أنّ المجلس العسكري الآن بدأ في حَملة جادّة لمُحاربة هذا الفساد واسترداد الكثير من أموال الشعب التي ذَهبت في غير موضعها، ولكنّني تذكّرت حديث الراحل الزبير وبساطته في لقاءاته الجماهيرية التي كَانت تجد الإعجاب حتى لدى مُعارضي الحكومة السّابقة.
*كان رجلا بسيطاً يتعامل دُون تكلُّفٍ ولا تنميقٍ للعبارات، وقرأت من قبل حواراً مع أحد أساتذة ابنه مصعب في مدرسة العمارات، قال هذا الأستاذ إنّ الزبير قال لهم: “لا تعاملوا مصعب كابنٍ للنائب الأول للرئيس، وإنّما كطالبٍ أن أخطأ يُعاقب”.
*هذه البساطة وقُوة الشخصية نلمسها اليوم بعد رحيل الإنقاذ عن الحكم، في نائب رئيس المجلس العسكري الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي”، الذي كان له الأثر الكبير والواضح في نجاح ثورة ديسمبر منذ اندلاعها في الـ (19) منه.
*حينها قال قائد قوات الدعم السريع “حميدتي”، إنّ قواته ليس من مهامها تفريق المُتظاهرين ولا ضربهم، وإنّما مُهمّتها حفظ أمن البلاد ومُطاردة المُتفلِّتين.
*وحينما بدأ الاعتصام أمام القيادة العامة في السادس من أبريل الحالي، لم يرفع جُنود الدعم السريع العصا أمام المُعتصمين لتفريقهم، وكَانت هذه القوات تَسعى لحفظ الأمن والاستقرار ضد المُتفلِّتين، وحتى بعد سُقُوط الإنقاذ واستلام المجلس العسكري للحكم، قال “حميدتي”: إنّ قُوّات الدعم السريع مع حفظ أمن المُعتصمين ومطالبهم حتى تتحقّق.
*بلا شَك أنّ أحد نُجُوم هذه الثورة هو نائب رئيس المجلس العسكري “حميدتي”، الذي نَجَحَ حتى الآن في حفظ مُكتسبات الثورة وهو يحقِّق في كل يوم مطلباً جماهيرياً يريده المُعتصمون.
*وأكثر ما أعجب المُواطنين، هو بساطة هذا الرجل في حديثه ووضوحه، فهو لا يعرف تنميق الحديث ولا مُراوغة السِّياسيين، وإنما يُحَدِّد هدفه ويطلقه بعفوية أولاد البلد الأصيلين.
*نجح “حميدتي” في قيادة قوات الدعم السريع في تحقيق الكثير من المكاسب للسودان، بدءاً من تأمين دارفور وتحقيق الأمن والاستقرار فيها، حيث بالإمكان الآن التِّجوال في كل قُرى ومُدن دارفور الكُبرى دُون خوفٍ من نهب مُسلّح أو مُتفلِّتٍ، وهذا تَحَقّقَ قبل قيام ثورة ديسمبر.
*لتنتقل هذه القوات إلى مراحل مُتقدِّمة في مُحاربة تجارة البشر والمُخدّرات على حُدُود السودان المُختلفة، إلى جانب مُشاركتها في حرب اليمن، لتحقِّق الكثير من المكاسب للسودان.
*بساطة قائد قوات الدعم السريع ووضُوحه هي السِّمة البارزة لحُكّام السودان السّابقين منذ الاستقلال وحتى آخر نموذج “الزبير محمد صالح”، وهذه البساطة ترتبط معها النزاهة والوضوح، وكلّنا يعلم ماذا تَرَكَ الرئيس الراحل جعفر نميري وهو الذي حكم السودان ستة عشر عاماً غير السِّيرة الحَسَنة دُون مُمتلكات يرثها أهله.. وماذا تَرَكَ إسماعيل الأزهري غير ذات السِّيرة.. جميعهم تركوا سيرة حَسَنة ببساطتهم ونزاهتهم.. واليوم يسير “حميدتي” على دربهم.