دُونكم.. ضُباط رتبة النقيب فما دُون
*كنت أتصوّر أنّ القوات النظامية هي آخر من يُفكِّر في الالتحاق بثقافة المواكب والإضرابات، غير أنّني فُوجئت مثل الآخرين بإضراب ضباط الشرطة، (رتبة النقيب فما دون)، صحيحٌ أنّ الإضراب كان ليومٍ واحدٍ غير أنه سيبقى في أضابير تاريخ الأجهزة الأمنية لآلاف السنين.. كونه يُعتبر سَابقة في تاريخ البلاد.
*ونحن كقطاع مهني يَشتغل بعمليات تجميع المعلومات وتفكيكها، الآن استدرك بأنّنا قد سمعنا كثيراً قبيل حُدُوث التغيير عبارة (ضباط رتبة النقيب فما دون)، بحيث كان نشطاء المهنيين وأحزاب الحرية والتغيير يُردِّدون بكثافة عبارة (الضباط الصغار) ويؤكِّدون بأنّ أصحاب الرُّتب الصغيرة من الضباط الشباب لن يصمتوا وربما يلتحقون بمواكب الثورة، وبالفعل قد شاهدنا ضباطاً شباباً على شاشات الفضائيات وهم يُردِّدون شعار الثورة.
*رأيت هنا أن أقول بأنّ الشّواهد تدل على أنّ ثمة علاقة تجمع منظومة المهنيين مع هؤلاء الضباط من ذوي الرُّتب الصغيرة، لطالما رَدّد نشطاء المهنيين عبارة (ضباط برتبة نقيب فما دون)!! على أنّ هؤلاء الضباط من ذوي الراتب الصغيرة قد التحقوا بمواكب الثورة مرّتين، المرة الأولى عندما انضم ضباط من الجيش برتبٍ صغيرةٍ إلى ميدان الاعتصام وهم يُردِّدون هتافات الثورة، والمرة الثانية تمثلت بامتياز في إضراب ضباط الشرطة رتبة التقيب فما دون…
*وهنا ثمة مفارقة تكمن في أنّ واحدة من مطالب هؤلاء الضباط الشرطيين، تتمحور حول (تصفية مؤسسة الشرطة من الانتماءات الحزبية)، وهو مطلب مشروع، غير أنّ ذات المُطالبين تُلاحقهم شبهة علاقة بكيانات سياسية، لطالما رَاهَنَ عليهم تجمُّع الحرية والتغيير ولطالما كانوا عند حُسن ظنه بهم.
*لا أعرف إن كان إضراب رتب النقيب فما دون يدخل ضمن عمليات الضغوط على المجلس العسكري، أم أنّ هذا الإضراب بالفعل صُمِّم لصالح مَطالب مهنية لا علاقة لها بأيِّ منظومة أو مكاسب سياسية، في ظل ثقافة استخدام الميادين والمواكب سلاحاً ضد المُؤسّسة العسكرية التي تمسك بمقود قيادة البلاد في هذا التوقيت!!
*فما من جهة ومؤسسة إلا ولها مطالب، فماذا لو دخل الجميع إلى ماراثون الاعتصامات والإضرابات، فعندئذٍ من سيستجيب لمن؟! أليس من العقل والحكمة والرشد أن تُؤجّل كل المطالب والمظالم إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة، إن لم تكن هذه الإضرابات لصالح انتزاع مطالب مزدوجة، جزء منها مهني وكثير منها ذو طابع سياسي، وأن تغلف وتُعنون بعناوين أخرى.
*أتصوّر أنّ من مصلحة تجمُّع الحُرية والتّغيير، الحزب الحاكم، أو الذي في طريقه إلى مَنَصّات الحكم، من مصلحته أن يحد من استخدام أسلحة الإضرابات والاضطرابات حتى يستطيع أن يُقدِّم نفسه بصورةٍ جيدةٍ.. وليس هذا كلما هناك…