مقدمة لا بد منها:
المرأة السودانية ظلت على الدوام جزءاً أصيلاً من المجتمع.. وهنالك نساء سودانيات خلدهن التاريخ وفي شتى المجالات الحياتية.. ولكن تظل هناك بعض العلامات والأسماء الكبيرة المحفورة في تاريخ ووجدان الشعب السوداني.. وتظل البصيرة زينب بت بتي واحدة من الأسماء التي اشتهرت على مستوى السودان وليس على نطاق مدينة أم درمان وحدها.. وبحسب الموثق والمؤرخ عثمان الجزولي أن الراحلة (زينب بت بتي) ولدت زينب مصطفى أحمد بتي عام1927 م بود أرو – بحي القلعة بأم درمان وهي من فرع البتياب في قبيلة الجموعية الشهيرة.
أشهر طبيبة شعبية:
عُرفت بأنّها أشهر طبيبة شعبية لعلاج رضوض وكسور العظام في البلاد، وكانت عَلَمًا من أعلام المدينة التاريخية. تعلّمت زينب الطب الشعبي واستمدّت خبرتها في علاج العظام من والدها أحمد ود بتي، الذي كان قبل رحيله أشهر (بصير)، كما يسمي المعالجون الشعبيون للعظام في السودان، وكان أول من عالجته ابنها (صلاح) حين لم يستطع أبوها (جده) جبر كسره لعاطفة وحنان ربطاه بولد ابنته.
كانت زينب بنت بتي تعالج معظم لاعبي الكرة في أندية القمة المريخ والهلال والموردة والنيل والأهلي أو الأندية الصغرى في العاصمة المثلثة.
إصابات الملاعب:
كان اللاعبون والإداريون يتردّدون عليها في حال إصابتهم بالكسور أو إصابات الملاعب الأخرى.
ولم يقتصر علاجها على لاعبي الكرة والرياضيين فقط, فقد عالجت كثيراً من المشاهير ومن الشخصيات الكبيرة التي عالجتها زينب الرئيس الفريق إبراهيم عبود الذي كان يُعاني “فككاً”، كما كان لها شرف علاج الرئيس نميري الذي كان رياضياً معروفاً وقد سقط من حصان فكسر يده، ولم يقتصر على رؤساء البلاد فقط، فقد جاءها الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي الذي كان يُعاني إصابات في الظهر فعالجته.
شخصيات خارجية:
إضافة لبعض الشخصيات العربية من المملكة العربية السعودية والإمارات وآخرين من الدول الأجنبية الأخرى، وهؤلاء الضيوف كانوا يفدون إليها عن طريق السودانيين الذين حدّثوهم عنها, ويشهد لها في برعاتها أن هناك حالات من الكسور والإصابات اعتبرها الأطباء صعبة ويستعصى عليهم علاجها فحوّلت لها من المستشفيات. وكان في وجود زينب البصيرة، قلّ أن يلجأ مصابٌ بكسر في أم درمان القديمة لعلاج خلاف أياديها المبروكة المعالجة.
البيت المفتوح:
ولعقودٍ امتدّت من الزمان ظلّ بيتها مفتوحاً لعلاج الحالات ليل نهار، ولم تكن بنت بتي تبخل بالمُساعدة ولا تشترط مبلغاً مُعيّناً من المال على الشخص، فكل شخص حسب استطاعته المادية، وفي علاجها لجبر الكسور كانت بنت بتي تستخدم مهاراتها التقليدية والموهبة الربانية والخبرة المتوارثة، إضافةً للماء البارد أو الساخن كمكمّدات فقط.
ويعرف عم زينب بنت بتي أنها رفضت أن تفتح عيادة مُتخصِّصة، وذلك حتى تطوير عملها كما طلب منها الرئيس نميري الذي كان كرّمها في (يوم المرأة) بجائزة ثمينة، وكانت حجتها في ذلك أنها كانت ترى في فتح العيادات تكاليف مادية للمرضى لا استطاعة لهم بها، مما يُشكِّل عبئاً عليهم كما أن فيها إضاعة للأجر والثواب.
وفاتها:
وبنت بتي كانت حكيمة وتعرف عملها جيداً، فبمثلما كانت ترد إليها بعض الحالات المُحوّلة من المُستشفيات، كانت هي بدورها تُحوِّل بعض حالات الكسور المُركّبة إلى المستشفى، كما كانت تستقبل أطباءً لعلاجهم وجبر كسورهم. توفيت بنت بتي يوم الثلاثاء 21 فبراير 2006م وقد شيّعتها كل أم درمان رحمها الله رحمةً واسعةً