سراج الدين مصطفى يكتب : نقر الأصابع
مسامرات الجمعة الجامعة والدعوة السامعة
كلام مُباشر لا يقبل التأويل!!
للمعلومية أنّ الكاشف لم يكن يقرأ أو يكتب، فهو كان “أميّاً” ولم يتلقَ أدنى تأهيل أكاديمي وهذا معلومٌ بالضرورة لكل الشعب السوداني.. ولكن هل ذلك منع من أن يكون هو الفنان الأسطوري الذي لن يتكرّر.. الكاشف هو “الأمي” الذي علّم الفنانين.. وحتى من يحملون درجة الدكتوراه في الموسيقى والغناء لم يقتربوا منه ولن يقتربوا.. لأن المسافة شاسعة وواسعة ولا تحكمها قيود الأكاديمية.. ولو كان الأمر محكوما بتلك المفاهيم لما كان عثمان حسين وعائشة الفلاتية وكل جيل الكبار.
الطيب عبد الله.. الصدق يمشي على قدمين
الصدق والواقعية كانا سبباً في أن تكون كل أغنيات الفنان الطيب عبدالله جزءا من الحياة اليومية السودانية، وحزاينية الطيب عبد الله أكثر ما تتّضح في أغنيته الكبيرة “السنين” ويتجلى في “يا غالية يا نبع الحنان” ويمتد الى “فتاتي”، ولكن غياب الطيب عبد الله الطويل عن أرض الوطن جعل غنائيته في حدود ضيِّقة ولا تجد مثل ذلك الانتشار القديم.. أسهم الطيب عبد الله كثيراً في تغييب اسمه الجميل عن الأجيال الحالية والتي بالكاد تعرف بعض أغنياته.. وعودة الرجل نتمنى أن تكون ذات بعد خاص ومتجدد لأنه سيجد أرضا غير تلك التي هجرها وسيجد جيلا عجيبا جداً جداً.
أحمد الصادق وجمرة النقد:
لماذا يجد الفنان الشاب أحمد الصادق كل هذا الهجوم الكاسح؟ ولماذا هو دون غيره من الفنانين الشباب تتحسر الأقلام الصحفية على الحال المزري الذي وصل إليه؟ وكيف ينهض أحمد الصادق بتجربته الفنية ويدفعها للأمام وهو الذي يملك كل الاشتراطات والمطلوبات في الفنان الواعد الذي يمكن أن يشكل إضافة حقيقية؟ كلها أسئلة لا نحتاج أن نجيب عليها.. لأن الإجابة هنا حصرياً على أحمد الصادق.. فهو الأقدر على فهم وتفهم سياط النقد الحارقة التي تلهب ظهره في صبيحة كل يوم.. لأن (الجمرة بتحرق الواطيها)!!
لقاء العباقرة في أغنية جديدة!!
عبقرية هاشم صديق الكتابية هي ليست وليدة الصدفة أو اليوم، فهي تجلت منذ زمن باكر في أغنية المشهورة (قصة ثورة) التي عُرفت باسم الملحمة والتي كتبها وهو لم يبلغ بعد التاسعة عشر من عمره.. والمُتأمِّل للملحمة يلحظ فيها الشكل الكتابي المدهش والروح الثائرة والمتمردة لصبي مازال غضاً وصغيراً على التفاعل مع الثورات ومطلوباتها، ولكنها العبقرية والقدرات الخارقة التي استطالت وتطاولت فوق مفاهيم العمر واتجهت بناحية الإحساس بالقضايا والوطن.
إنها فرصة سانحة لمحمد الأمين في استثمار عودة العلاقة لقراءة حال الأغاني السابقة خصوصاً على مستوى المفردة الشعرية.. فهي كانت هشة وضعيفة ولا تحمل أدنى مضامين جديدة.. لأنه بالمقارنة مع الأشعار التي تغنيت بها للحلنقي وفضل محمد وهاشم صديق كانت مفردات لا تشبه المجهود الموسيقي الذي تبذله فيها.