أمرُّ بشارع الجامعة كثيراً.. ويمر غيري أيضاً الذين يعبرونه لأماكن عملهم أو إلى مواصلة أصدقائهم وأحبابهم والذين يتوزّعون على جنباته لأماكن عملهم.
وأماكن العمل في هذا الشارع كثيرة.. به المدارس بدايات المعرفة.. وبه البنوك عصب الحياة الاقتصادي.. وبه محافظة الخرطوم في ثوبها الجديد والجميل الذي ارتدته خصيصاً لتبدو به أكثر جمالاً وروعة في احتفالات إطفاء الشمعة السادسة من عمر ميلادنا الجديد.. به وزارة الزراعة التي تطفح بالأمل وتموج بالثورة.. به البوستة تربطنا ببعضنا وبالمعمورة من حولنا.. وبه أيضاً وزارة الإعلام تحكي للعالم قصة وجودنا وإصرارنا على بلوغ الغايات النبيلة.. به قصر الشعب.. وبه ساحة الشهداء.. ووزارة الصناعة.. والخارجية واتحاد نساء السودان.. واتحاد شباب السودان والاتحاد الاشتراكي.. وبه وزارة التعاون ومعهد الدراسات المصرفية.. وبه جامعة الخرطوم.. كل هذه الأماكن أماكن تفوق دلالات ما يجري داخلها حجم مساحاتها الجغرافية أضعاف.. وأضعاف عدد الحصى والرمل والتراب..
هذه الوقفة ما أردت أن أتجوّل فيها معكم من أجل تسويد هذا البياض من الصفحة، ولكن بالفعل لديّ ما أقوله لكم بكثير من السعادة والفخر.. ذلكم هو قصة واسطة العقد.. العقد الذي تُزيِّن به الخرطوم جِيدها الجميل.. ولتسمح لي باقي حبات العقد.. فالتوسط ليس تمييزاً بقدر ما هو نتاجٌ وتعبيرٌ عن كل الذي يسعى إليه بالجد والجهد أبناء هذا الوطن العزيز، سواء أكانوا هنا أو على مدى امتداد السودان الحبيب.
واسطة العقد هي اللافتة.. واللافتة هي قصة المجلس الوطني للتضامن والصداقة والسلم، والحكاية حكاية ثورة مايو التي حوّلتنا من كم ضائع وتابع في العالم إلى كيف صانع يؤثر ويتأثّر بريادة واعية وندية تامة.
والقصة عميقة وقديمة.. عميقة عمق حركة النضال في السودان، وعميقة عمق علاقة ثورة مايو بذاك النضال.. وقديمة قدم نوازع الخير عند أهل السودان نوازع الشهامة والكرم وحُب المساعدة واحترام الغير.. ومعبرة.. معبرة عن كل ما يكتنف حياتنا من تفاعل إيجابي مع الذين نباركه ومع الذي نرفضه ونلعنه.
ميلاد المجلس الوطني للتضامن والصداقة والسلم كان مع ميلاد الثورة.. كان مع ميلاد الثورة التنظيمية ميثاق العمل الوطني يقول: تسعى ثورة مايو في المجال العالمي لتحقيق:
1. تصفية الاستعمار من جميع أشكاله وآثاره السياسية والاجتماعية والثقافية في زمالة نضالية واسعة على نطاق العالم، مؤيّدة تأييداً مطلقاً وكاملاً حقوق جميع الشعوب المناضلة في سبيل التّحرُّر، ومتلاحمة مع حركة التّحرُّر والتقدم والاشتراكية والسلم العالمي.
2. مقاومة الصهيونية العالمية والدعم الكامل للثورة الفلسطينية والدفاع عن حق الشعب الفلسطيني في استرداد وطنه وتوسيع وتعميق المشاركة المادية والبشرية على المستويين الرسمي والشعبي في معركة دحر العدوان الإمبريالي الصهيوني الاستيطاني التوسعي وتصفية قاعدته، اسرائيل في نضال مجيد مع الشعوب العربية وفي تضامن وثيق مع قِوى التّحرُّر والتقدم والاشتراكية في العالم.
3. تعميق التفاعل والتلاحم الإيجابي بين قِوى الثورة العربية بدعم ميثاق طرابلس مواجهة للاستعمار والصهيونية والرجعية، وإسهاماً مسؤولاً في بناء الوحدة العربية التي تصنعها الإرادة الشعبية لجماهير الأمة العربية.
4. الدعم المادي والمعنوي لحركات التحرير في أفريقيا في مواجهة الاستعمار قديمه وحديثه، والتفرقة العنصرية واللونية، وتنمية التضامن والتعاون بين قِوى التّحرُّر والتقدم الأفريقية.
5. تحقيق التلاحم بين الثورات العربية والأفريقية، انطلاقاً من الأهداف التقدمية لثورة مايو، وتوحيداً لنضال الشعوب العربية والأفريقية.
6. التعاون الفعّال في إطار المنظمات الإقليمية والقارية والعالمية، والالتزام بمباديء وأهداف مواثيقها، تحسيناً لعلاقات الجوار، واحتراماً للسيادة، وبعيداً عن التدخل في الشؤون الداخلية.
والمناضل نميري، أعلن عن قيام المجلس مع إعلان الثورة التنظيمية في العيد الثاني للثورة.. أعلن وعاءً سياسياً نضالياً لخدمة أهداف الثورة على مدى ساحات النضال في العالم.. وتشكّل بالفعل في أكتوبر عام 1973م ليكون أداة التنظيم السياسي الفرد الاتحاد الاشتراكي السوداني في تحقيق أهدافه ومبادئه حيال قضايا التضامن والصداقة والسلم في رفقة نضالية رفيعة مع شعوب العالم.
والذي استوجب هذا الحديث هو تكريم الأخ المناضل نميري لحركة التضامن والصداقة والسلم، وذلك بتخصيص منزل الضيافة رقم (2) ليكون مقراً للمجلس بلجانه الثلاث.. التضامن.. والصداقة.. والسلام.
ونحن في المجلس نقول مثلما كنا نعمل في رحاب الدار الأم دار الاتحاد الاشتراكي السوداني.. الدار التي وسعتنا بحركتنا وأمانينا وآمالنا وما زالت وستظل محل تقديرنا واحترامنا.. نعمل هنا في دارنا الجديدة، ومثلما يموج شارع الجامعة بالحركة الفاعلة.. داخل مؤسسات الدولة.. وداخل المؤسسات السياسية والشعبية ستموج هذه الدار.. التي شهدت جنباتها أحداثاً دامية تحكي البسالة والشجاعة والإقدام بقدر ما تحكي الجبن والغدر والخيانة.. ستموج بنوع آخر من النشاط والفعالية علّه يريح أرواح الذين استشهدوا في جميع ساحات النضال الوطني من أجل السلم والعزة والكرامة.. وستكون مكاناً تنطلق منه اللعنات الساخنة على الاستعمار والصهيونية والتفرقة العنصرية وأي شكل من أشكال الاستغلال أينما كانت.. بالقدر الذي تنبعث به مواكب النضال والتضامن والدعم لأحرار العالم في قضاياهم العادلة.. وستكون مُلتقىً للصداقة والمَوَدّة مع كل شعوب العالم.
المجلس عضوٌ في مؤتمر القِوى المُحِبّة للسَّلام.. والمجلس عضوٌ في هيئة التضامُن الآسيوي الأفريقي وفي إطار احتفال العالم بعام المرأة العالمي سوف تشهد دارنا في سبتمبر القادم، تجمعاً حراً فريداً من نوعه لمناضلات أفريقيا والعالم العربي.. نكرم فيه الدور النضالي المسلح الذي لعبته المرأة وستلعبه على مدى تاريخ النضال السياسي.. وفوق هذا ستكون الدار محل عِناق لحضارات وأدوار الشعوب المناضلة.. تابعة للمجلس جمعيات للصداقة.. مع الشعب السوفيتي.. بكل عظمة نضاله ضد القيصرية والاستعمار ووقفته مع الخير والعدل والمحبة.
مع الشعب اليوغسلافي بإصراره وعمله الدائب من أجل السلام العادل والتضامن الحق بين الشعوب.. مع الشعب البلغاري بكل تراثه النضالي ضد الفاشية ومن أجل السلم.. مع الشعب البريطاني بكل ما خرج به من أعماقه من محبة الخير وشجب للظلم والقهر.. مع الشعب الكوري بنضاله السابق واللاحق والمتصل.. مع الشعب الصيني في مسيرته الجبارة من أجل التقدم والسلام.. مع الشعب الألماني الذي انتصر لإرادة الخير في العالم.. مع الشعب الروماني الذي غير مجرى حياته.. مع الشعب الهندي الذي يعلم الناس كل يوم معنى الصبر والإصرار.. مع الشعب البولندي الذي انتصر وأعاد بناء وارسو بعد أن محتها من الوجود جيوش النازية.. مع الشعب التنزاني الذي يرقص ويعلم شعوب أفريقيا رقصة الحرية والإصرار والصمود.
في هذه الدار ستكون الحيوية كاملة.. حيوية الشعوب وصرامة النضال.. والإصرار على النصر.. هنيئاً لشارع الجامعة.. وهنيئاً لنا في المجلس الوطني يتوسّط هذا العقد الفريد.. وندعو الجميع لمُتابعة نشاط الدار.
• وجهة نظر
حول الأغنية الوطنية
في برنامج سهرة الاثنين التلفزيوني الذي يقدمه الأستاذ ود الريح، والذي اشترك فيه عددٌ من الفنانين والملحنين والشعراء.. برزت نقاط مهمة تستحق العناية والبحث على مستوى كبير، لا سيما وبلادنا تجتاز مرحلة مهمة تتميّز بالتحدي لمقدرات الشعب السوداني ويصنع التحدي.. السؤال الملح التالي: هل تستطيع جماهير الشعب السوداني تحمُّل أعباء التنمية وإنجاح أهدافها الكبيرة أم أنها غير مؤهلة بالمستوى الذي تستدعيه هذه المهمة الكبيرة، وإذا كان الأمر كذلك ما هو السبيل إلى تأهيلها، وما هو دور وسائل الإعلام في عملية التأهيل، وإلى أيِّ حد وكيف يمكنه أن يكون مؤثراً؟ علماً بأن دور الإنسان في عملية التنمية دورٌ أساسيٌّ، إذ لا تنمية بلا جهد إنساني كبير ولما كان الأمر كذلك ما هي الوسيلة الناجعة لإعداد الإنسان لينهض مقتدراً بهذا العبء، ولعل هنا من المفيد أن نروي واقعة حدثت في مشروع الجزيرة في أواخر الخمسينيات، عندما زار الجزيرة وفدٌ من منظمة التغذية العالمية يضم عدداً من العاملين في حقل الزراعة والنشاط الإنساني، وأُعدّت العدّة لاستقبال الوفد، وجُمعت الإحصائيات التي تتعلّق بالإنتاج والمساحة المزروعة قطناً، وكانت المُفاجأة عندما طلب الوفد شيئاً آخر لم تكن العدة قد أُعدّت له تماماً، لقد أشار الوفد إلى أهمية العامل الإنساني في عملية الزراعة وطلب التعرف على هذا الإنسان مَن هو؟ وما هو؟ ومن أين انحدر؟ وما هو مزاجه وتكوينه النفسي وما هو نصيبه من المعرفة وكم نسبة محو الأمية في تجمعاته وما هي أصوله؟ وانطلقت الإدارة تبحث عن الإجابات على هذه الأسئلة الجديدة فجمعت ما جمعت.. والدلالة هنا واضحة، فالإنسان هو حجر الزاوية في عملية التنمية أياً كان نوعها.
ومن هنا تتّضح أهمية الموضوع الذي تناولته الندوة.. لقد تناولت الندوة الأغنية الوطنية في مُحاولةٍ للتعريف بها في البداية، واتّفق المشتركون فيها على أنها هي العمل الفني الذي تتجلى فيه العاطفة الصادقة واللحن المُعبِّر المبُدع وصدق العاطفة الوطنية، يجب أن يكون مرتبطاً ارتباطاً عفوياً بالفكرة الراقية ذات المضمون الأصيل، الذي يحمل في طياته عوامل تجدده واستمراره.
واللحن المعبر الهادئ، عليه أن يبتعد به عن حماس النشيد الصاخب الذي غالباً ما يكون أثره وقتياً ثم ما يلبث أن يزول وينتهي. وبعد التعريف بخصائص الأغنية الوطنية، انصب النقاش حول مهام المرحلة التي يعيشها الشعب السوداني وهي مرحلة تعبئة الجهود واستنفار القوى البشرية لتلعب دورها كاملاً غير منقوص في إنجاح التنمية، وجاء التساؤل عن ما هو دورها ودور الأدب والفكر والفن في هذه المرحلة.. وتأكد بوضوح أن دورها هو تحسس المداخل المقبولة والمؤثرة على نفس الإنسان بهدف تعبئته لينهض بهذا العبء عن قناعة.
لقد ظلّت الأغنية الشعبية ترسخ القيم والصفات البشرية للإنسان السوداني منذ زمنٍ بعيدٍ، وبرزت الأغنية الوطنية في مرحلة ما قبل التحرر تُحرِّض الشعور الوطني وتشحذ الهمم، تعبئةً للشعب لينهض ويتحرّر من نير الاستعمار.. وبرزت في هذا المجال أغنيات خالدة لمهيرة بت عبود وغيرها.. ظل الناس يرددونها إلى أن لاحت في الأفق بوادر ثورة 1924م، فتغنوا بأم ضفائر قودي الرسن.. وزغرتيلو ويحيا الوطن وخلدت الأغنية في صورها الشعرية بهذه الأبيات:
أم رشوم واقفة بتنتظر
للبجري والبنستر
زغرتيلو وزادت شبر
ده البموت في حمانية الخدر
وواصل الشعب، مسيرته وهو يستمع إلى الأغنية الوطنية فيزداد إيماناً بقضيته وحماساً لها، ويأتي صوتها هادئاً واثقاً يردد، في الفؤاد ترعاه العناية، وصه يا كنار، والمجد للوطن وللعلا، وصرخة روت دمي، وبلادي أنا، وفتاة الوطن، وفتاة الاتحاد، وأنا أم درمان، ووطن الجدود، وجنود الوطن وغيرها كثير من الأغنيات الوطنية كلها تتغنّى بموروث البلاد المعنوي وتحث الناس على النهضة والتحرُّر وبناء الوطن.
وبعد الاستقلال خفت صوتها قليلاً.. وطغى طوفان السياسة، ولم يسمع صوتها إلا نادراً، ومن وقتٍ لآخر تتغنّى بالاستقلال ونشيد بحب الوطن وتمجد موروثاته المعنوية الرفيعة.. هذا بإيجاز سريع خط سير الأغنية الوطنية.. وأشارت الندوة إلى أنه آن الأوان لوضعها في مكانها اللائق وتحريرها من قيود الموسمية والمناسبات حتى تلعب دورها بجدارة.
وورد في الندوة أنّ الوقت قد حان للاهتمام بأغاني العمل ومزجها مع عناصر الأغنية الوطنية، وبرز لها بالتأمُّل في تجارب الشعوب الناجحة في مضمار العمل، والإنجاز أن عملاً كهذا لا بد فيه من الرجوع إلى الأصول التي انحدر منها الشعب.. ففي الصين لجأوا إلى “كنفيشوس” فيلسوف الصين وبحثوا في أوراقه فوجدوا قولته المأثورة “إني لا أحفل بالذي يصوغ للناس قوانينهم ولكنني اهتم جداً بالذي يصوغ لهم أغانيهم”. فتعلموا منها أهمية الكلمة المنغمة وأثرها في نفس المتلقي لها، واحرصوا على استخدام هذا السلاح الماضي في تعميق حب العمل وتقديسه وكان لهم ما أرادوا، إذ أمكنهم اعداد القوى البشرية إعداداً أتاح لهم فرصة إنجاز الإعجاز.. ونحن هنا وفي هذه المرحلة نشير إلى أن أغنيات العمل عامل حيوي في عملية الإعداد إذا توفرت لها العناصر المهمة، وأبرزها الابتعاد عن الوعظ والإرشاد. واختيار أدوات الإبداع اللازمة لإخراج عمل خالد بعيد عن التوجيه أو التحريض أو الدفع. فالأغنية الناجحة يجب أن تتسلّل بهدوء وبلا ضجّة.. وبلا افتعال إلى وجدان المتلقي لها فتغمره بالمعاني العظيمة وتجعل لحياته طعماً، وليس من السهل الوصول إلى هذا المستوى ولعل هذا هو التحدي الكبير لشعراء الأغنية وللشعراء عامة، والفنانون عليهم قبول قفاز التحدي وعليهم أيضاً أن يغوصوا في أعماق شعبهم بحثاً عن أوتاره الدفينة ليلعبوا عليها. فتسر الروح وتطلع إلى أعلى ونعرف قيمة العمل وشرف المشاركة.. وإذا كانت الأغنية الشعبية السودانية في الماضي القريب تدور حول شخص بعينه تتمثل فيه المعاني البشرية التي يعتز لها المجتمع، فقد جاءت بعدها الأغنية الوطنية تتغنّى بالوطن وتدعو للتحرر وانطلاقه ليحتل مكانه تحت الشمس، وابتعدت عن قصد ووعي عن محور الأغنية الشعبية الضيق إلى مجال أرحب، وبعد أن انتهت مرحلة التحرُّر، عكفت الأغنية الوطنية على تمجيد الاستقلال وبناء الوطن، والآن وفي هذه المرحلة بالذات مرحلة التنمية جاء دور أغنية العمل وأصبح واضحاً أن الأغنية الوطنية يجب أن تتحوّل إلى مجال العمل، فهو سمة المرحلة اللازمة وعلى الشعراء أن يبدعوا في الدخول إلى هذا المجال ويتفنّنوا في تناول الموضوعات التي تدور حول قيمة العمل وشرفه ومدى التصاقه بحياة الأفراد، ويبدو الموضوع من هذه الزاوية سهلاً وواضحاً، ولكن الإبداع فيه ليس ميسوراً ولا يتسنى لكل فرد تناوله، فالإسفاف والتقريرية أمران واردان في هذا المجال بكثرة، وعلى الشعراء أولاً وقبل كل شيء تفهم الموضوع وتمثله جيداً والإيمان به وبعد ذلك تبدأ عملية الخلق.
صديق مدثر
مقطع شعر:
أغنية لنهر الميكونج
التجاني حسين دفع السيد
جامعة الخرطوم
(1)
يا نهر الميكونج هدير مسموع في نهر النيل
ما حفر ما شئت جبال الأرض
وأغسل من وجه بواديكم ادران الإمبريالية
قاوم كالريح ولا تفتر
وأطلق صيحاتك رائعة في كل حدود المعمورة
يا من سميتك في الأرض العربية نهر الأسطورة
يا نهر الميكونج تدفق كالغضب الرافض وجه الموت
كالرعد البارق في الشرق المتمرد ضد الهمجية
وأمسح في الأرض دموع الحزن وقاتل في زمن الفيضان
من مائك يا نهر الميكونج
اسق العطشى بمياه تحفر جلد الصخر
كالقمر الطالع من المشرق يعشقها أحرار العالم
يا نهر الميكونج هديرك ينقض على الظلم الأسود
وعماله لون نول البشع المشدود بحبل السرطان
وقلاع السفلة في سايجون
فافرد شريانك جنزيراً معقوداً في زمن الثورة
ما صرخ في العالم ما شئت فغداً يتغيّر باسمك تاريخ الدنيا
يا روحي يا نهر الميكونج
(2)
في زمن النجم الراحل عبر جسور الضوء الثورية
تتلوّن كل زهور الشمس بلون الدم
تتردّد في أقصى الدنيا.. في كل حقول الفلاحين
أغنية.. آه.. ما مرت في بال أحد
أغنية رائعة المعنى.. يغمرها عسل الكلمات
موسيقاها يعزفها نهر الميكونج
يتلوها أحرار العالم في كل مكان
أغنية سكرى بالثورة
أدمنت البوح على ظل القمر الطالع في نصف الليل
أدمنت النوم على أهداب رفاقي نزلاء الباستيل
أدمنت السكنى في الأكواخ مع التعساء
والطفح على نهر الميكونج
أغنية.. آه.. لو أني أقدر يوماً أن أحفظها
أن أتلوها كصلاة الحرب.. على أبواب فلسطين
أغنية يخبرنا عنها زمن التحرير
دوّخت الحمقى في كوبا وعُتاة الإمبريالية
حين تلاها في زمن الثورة جيفارا
طوّحت الليل وجاءت برموش الشمس
وانطلقت تحتضن البؤساء
أغنية في النجم أراها.. وأراها في نار الزلزال
في نهر الميكونج أراها
في البانج تسي كيانج أراها
يتلوها لرجال المعمورة ماوتسي تونغ الشمس الحمراء
يحفظها كطقوس الانجيل.. القمر الخالد كيم ايل سونغ
أغنية تدعي يا وطني.. حرب التحرير الشعبية
(3)
يا نهر الميكونج الطافح في أرض فيتنام الثورة
أسقيت عسلاً من عينيك
واسقنا لبناً من كفيك
وأطعمنا يا نهر الزبدة ما شئت فأنت حبيب الغجر
ببنادقنا نأتيك على سرج حصان
من كل بلاد العالم.. من كل مكان
نأتيك من الوطن العربي
من دجلة والنيل الخالد من ضفة نهر الأردن
نتعانق يا نهر الميكونج عناق خناجرنا الحمراء
في سايجون.. في قلب بنوم بنه.