تعالت الأصوات المُنادية بتكوين حكومة كفاءات وطنية منذ سقوط النظام البائد، وما زالت هذه الأصوات إلى اليوم تطالب بحكومة كفاءات ذات برنامج سياسي واقتصادي واضح يقودها الدكتور عبد الله حمدوك، وذلك لأن الدكتور حمدوك أجمع عليه أهل السودان كشخصية يُمكن أن تقود البلاد إلى بر الأمان، وقد حاول دكتور حمدوك كثيراً في أن يجد صيغة يتعامل بها مع الأحزاب والتنظيمات التي تكون الحاضنة السياسية لحكومة الفترة الانتقالية المتمثلة في قوى إعلان الحرية والتغيير، وقد سبق الثوار في طرح حكومة الكفاءات الوطنية، لأنهم يدركون خطورة تكوين حكومة من أحزاب خاصة في فترات الانتقال الديمقراطي، لأن كل حزب سوف يعمل جاهداً لتثبيت أرجله في مفاصل السلطة وقد حدث ما حذّر عنه الثوار، فكلما أراد رئيس الوزراء أن يمضي في أي مشروع أو فكرة إلا ووجد أحزاب الحكومة له بالمرصاد، ولذلك على الدكتور حمدوك أن يسمع رأي الشعب في الحكومة وأدائها، وكيف أنها أقل من طموح وتطلُّعات الشعب والثوار، حكومة عاجزة عن توفير أبسط مقومات الحياة، لا رقيب ولا حسيب، كل إنسان يفعل ما يحلو له ويملأ جيوبه من شقاء وعرق الغلابة دُون رحمةٍ أو شفقةٍ، الدواء معدومٌ، والخُبز كل يضع السعر الذي يجعله غنياً في موسم الفشل الحكومي، والتعليم بلا وزير، فصار الآباء لا يعلمون ماذا يفعلون أمام الرسوم الدراسية التي أقل ما تُوصف به أنها خرافية بمعنى الكلمة، لا تقل لي لماذا لم يسجلوا أبناءهم في المدارس الحكومية؟ وسوف أجيبك بسؤال هل هنالك مدارس حكومية؟
ونحن عندما نصر على حكومة الكفاءات، فإننا نعلم أنها تعمل بعيداً عن ضغط الأحزاب، وتملك الرؤية المتكاملة لإخراج البلد من هذه الأزمات والكوارث عبر خُطة علمية مُحكمة الصياغة وواضحة في التنفيذ، وعلي الدكتور حمدوك أن يختار بين إرضاء الشعب أو إرضاء الأحزاب، لقد عانى الشعب خلال الأعوام التي تلت سقوط النظام البائد في كل شيءٍ، ولكنه صبر على أمل في الغد، ولكن تبخّرت الآمال والأحلام وصحى الشعب على واقع أليمٍ ومريرٍ، ولا زال العشم معقوداً على رئيس الوزراء أن ينحاز للشعب ويُشكِّل حكومة كفاءات تُسلِّم السلطة للشعب عبر الانتخابات، وإلا فإن غضبة الشعب ليس هنالك من يقف في وجهها، والشعب الذي أزاح الديكتاتور قادرٌ على إزاحة أحزاب الغفلة وسارقي الثورات!!!
السودان يزخر بالرجال الوطنيين الذين يصنعون التاريخ.. فقط امنحوهم الفُرصة.