توسيع الحاضنة.. ضرورة يدعو لها الجميع
تقرير: محجوب عثمان
في ظل التشظي الذي أصاب قوى الحرية والتغيير، والخلافات التي دبت بينها على خلفية الصراعات حول المناصب، والحديث عن استئثار أحزاب على الحاضنة السياسية وابعاد قوى الثورة الحيّة، برزت الى الساحة مطالبات كثيرة تدعو لتوسيع ماعون الحرية والتغيير لاستيعاب كل القوى المشاركة في الثورة حتى ترى نفسها فيها وتستمر حركة الفترة الانتقالية إلى الأمام، خاصة وان الخلافات بين المكونين المدني والعسكري تتطلب ان تتوحد قوى الثورة لمواجهتها.. وقد يرى الكثيرون أن الخلافات داخل الحرية والتغيير برزت في وقت مبكر عقب سقوط النظام نتاج اتفاق الكتلة على سقوط النظام دون التفكير في “ماذا بعد السقوط”، بمعنى ان الحرية والتغيير لم تضع برنامجاً لإدارة ما بعد السقوط، ما رتب وجود خلافات بينها منذ البداية حول ادارة الفترة الانتقالية، خاصة وان الكتلة مكونة من احزاب تختلف ايديولوجياً من أقصى اليمين الى أقصى اليسار.
خروج
محاولات إصلاح قوى الحرية والتغيير لم تقف، لكنها كانت تصطدم دوماً بصخرة المتنفذين على التجمع العريض، فكان ان خرج عن الكتلة حزب الأمة قبل ان يعود مجدداً، كما خرج الحزب الشيوعي في وقت جرى فيه كثير من المياه تحت الجسر لتستبدل الحاضنة حكومة الكفاءات بحكومة محاصصات حزبية فاقمت الصراع نتيجة خلافات اقتسام كيكة السلطة، فأدى ذلك لانشقاق كبير في الحاضنة السياسية جعلها فسطاطين ينظر كل منهما على أنه الأحق، بينما يسيطر المجلس المركزي على مقاليد الأمور.
أزمة
ربما أدى بروز الأزمة الأخيرة التي أعقبت المحاولة الانقلابية الفاشلة لأن تلتفت الكثير من الجهات نحو الحاضنة السياسية، بل ان قوى الحرية والتغيير نفسها لجأت للثوار عندما ادلهم خطبها بسحب المكون العسكري الحراسات من مقار لجنة ازالة التمكين، وفي ذلك يشير خبراء تحدثوا لـ(الصيحة) الى ان الحرية والتغيير لم تجد غير العودة للثوار لطلب الحماية وكأنها تقر بأهمية العودة لمنصة التأسيس وهي الدعوة التي ظل الحزب الشيوعي يدعو لها كل حين، بيد ان اهمية ان تتوسع القاعدة وتظل موحدة، دعا له رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك، الذي شدد على أهمية وحدة قوى الثورة، ودعا لضرورة توسيع قاعدة الانتقال لتشمل كل المناضلين لأجل الديمقراطية والمواطنة المُتساوية، وقال في تصريحات “إنّ الشراكة القائمة هي أداتنا للعبور بشعبنا، وشعبنا يتوقع منّا الإنجاز في أحلك الظروف”.
دعوة حميدتي
ولم تكن الدعوة لتوسعة المشاركة في قوى الحرية والتغيير لإدارة الفترة الانتقالية محصورة على رئيس الوزراء فقط، بل وتعدّتهم للمكون العسكري، فقد طالب النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الفريق اول محمد حمدان دقلو “حميدتي” في خطابه أمام قواته في كرري أمس لتوسيع قاعدة المشاركة اكثر من مرة، فقد قال ابتداءً “طالبنا بتوسيع قاعدة المشاركة، وقلنا لهم شاركوا اخوانكم معاكم عدا المؤتمر الوطني وهذا متفق عليه في الوثيقة الدستورية”، ومضى بالقول “ما عندنا خلاف مع المكون المدني لكن لتصحيح المسار لابد من مشاركة كل الناس”، لافتاً إلى أن المسيرة تحتاج للتصحيح ولرؤية، وأضاف “الفترة الانتقالية تحتاج لبرنامج وكان من المفترض ان تكون فترة محدودة بمهام محددة”.
اتفاق
وربما توافق تلك الدعوات ما ظل كثير من القوى السياسية الثورية تدعو له، فقد قال رئيس الحزب الاتحادي الموحد محمد عصمت، انهم ظلوا ولمدة عامين بعد سقوط النظام ينادون بضرورة إعادة هيكلة قوى الحرية والتغيير، مبيناً أنهم منذ ذلك الوقت كانوا يرون أن مستقبل الحاضنة السياسية اذا ما سارت على ذات النهج الذي تسير عليه في مسيرتها، فحتماً ستدخل في نفق ضيق بسبب المحاصصات والتكسب الحزبي وممارسة الهيمنة داخل قوى الحرية، لافتاً إلى أن ذات رؤاهم حدثت بالفعل، ما جعل قوى الحرية نفسها تنقسم لفريقين كل فريق منهما يرى في الآخر ما يرى، وأشار إلى أن التحديات التي تواجه الحاضنة السياسية أصبحت جسيمة تتطلب من الجميع تقديم التنازلات الوطنية المطلوبة في مثل هذه المحكات، مطالباً الطرفين الرجوع إلى محطة الرشد الوطني والى ساحة الاعتصام في ابريل 2019م، وقال “لا يفوتنا ان نقول للسيد رئيس الوزراء إن وحدة الحرية والتغيير الآن قد أصبحت في يده وعليه ان يدعو الطرفين بالجلوس وتقديم التنازلات وتقديم رؤية جديدة يتم فيها تقييم التجربة خلال ما مضى من زمن ومن ثم تقويم أخطاء تلك التجربة ونلج بعدها لمرحلة جديدة قوامها الاحترام لنصوص الوثيقة الدستورية والاتفاق السياسي والاستمساك بقيم ساحة الاعتصام”.
المشاركة
وإن كان الحزب الاتحادي الموحد ورئيسه محمد عصمت يتوافقان مع ضرورة توسعة قوى الحرية والتغيير، الا انه لا يتوافق مع الاتجاه الذي برز بأن تشمل التوسعة الجميع من واقع ان الثورة قامت ضد احزاب كانت تدير الحكومة السابقة، وقال “مسألة إشراك جميع القوى عدا المؤتمر الوطني غير مقبولة من واقع ان حوار الوثبة ضم بجانب المؤتمر الوطني أكثر من 80 حزباً محصورة وموجود الآن داخل وثائق مجلس الأحزاب، كما ان هناك أحزابا كانت شريكة في الحكم مع المؤتمر الوطني حتى سقوطها، لذلك فإن الحديث عن استيعاب الأحزاب عدا المؤتمر الوطني (فقط) غير مقبول”، وقال اذ يجب عزل المؤتمر الوطني ومن والاه من أحزاب حتى يوم سقوطه في ابريل 12019م، هؤلاء محرم عليهم المشاركة في الفترة الانتقالية ويمكن لهم التوجه الى الشعب من خلال الانتخابات المقبلة ما بعد الانتقال، لكن لا يمكن ان يكون شركاء النظام البائد شركاء في إدارة الفترة الانتقالية لثورة ديسمبر.