رئيس البنك الدولي في الخرطوم.. (أجندة ومكاسب الزيارة)
تقرير- سنهوري عيسى
العلاقات بين السودان والبنك الدولي قديمة ومتطورة رغم انها مرة بحالة من (المد والجزر) طيلة فترة الحكم الوطني منذ الاستقلال وحتي الان، وبلغت العلاقات ذروة نجاحها في السبعينات، كما توقفت تماما في العام 1984م أبان حكم المشير جعفر نميري، لتعود العلاقات بين السودان والبنك الدولي في النصف الثاني من تسعينات القرن الماضي أبان حكم المشير عمر البشير لتبلغ ذروة نجاحها ايضا في فترة تطبيق اتفاقية نيفاشا للسلام والتي مول خلالها البنك الدولي العديد من المشاريع التنموية وبناء القدرات والتنمية البشرية استفادت منها جهات عديدة في القطاعين العام والخاص والصحافة السودانية ايضا بتدريب الكوادر الصحفية المتخصصة في الشؤون الاقتصادية بالصحف السودانية.
ومن المقرر أن يبدأ ديفيد مالباس رئيس البنك الدولي ، زيارة تاريخية الى الخرطوم غدٍ الخميس على رأس وفد رفيع المستوي، في زيارة تعتبر الاولي من نوعها لرئيس البنك الدولي للسودان منذ انقطاع العلاقات بين السودان والبنك الدولي في بداية ثمانينات القرن الماضي ، بينما يتوقع ان تشهد الزيارة طرح اجندة عديدة على طاولة المباحثات بين الطرفين في مقدمتها تمويل البنك الدولي لمشاريع التنمية الاجتماعية والاقتصادية بالبلاد بقطاعات الكهرباء والصحة والتعليم ، وتوسيع مظلة الدعم الاجتماعي للأسر عبر برنامج (ثمرات) لامتصاص الاثار الاجتماعية لسياسات الاصلاح الاقتصادي، بجانب استمرار دعم البنك الدولي لجهود الحكومة لمواجهة جائحة كورونا ، بينما يتوقع ان ترسل زيارة رئيس البنك الدولي للسودان رسائل للمستثمرين والمانحين بان السودان مهيأ لاستقبال تدفق المنح والقروض والاستثمارات الاجنبية المباشرة.
لقاء البرهان وحمدوك
وأكدت مصادر مطلعة بوزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، ان رئيس البنك الدولي سيلتقي خلال زيارته للخرطوم بالفريق اول عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة ، كما سيجري مباحثات مع د.عبدالله حمدوك رئيس مجلس الوزراء من أجل دفع افاق التعاون بين السودان والبنك الدولي ، بجانب الوقوف على المشاريع التي ينفذها ويمولها البنك الدولي بالسودان وفى مقدمتها برنامج (ثمرات) لدعم الاسر الرامي لامتصاص الاثار الاجتماعية لسياسات الاصلاح الاقتصادي التي تطبقها الحكومة بالتعاون مع صندوق النقد الدولي.
كلمة مفتوحة من الخرطوم
وأكدت المصادر أن زيارة رئيس البنك الدولي تشمل عقد لقاءات بقاعة الصداقة غدٍ الخميس من بينها لقاء مع وزير المالية ، بجانب وتوجيه رئيس البنك الدولي الى رسالة وكلمة مفتوحة من العاصمة السودانية الخرطوم الى جميع الدول الاعضاء في البنك الدولي.
وتفيد المتابعات بان وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي بالتعاون مع مكتب البنك الدولي بالخرطوم يعكفان على وضع الترتيبات اللازمة لإنجاح زيارة رئيس البلاد الدولي للخرطوم.
واستبعدت المصادر ان تؤثر حالة التوتر والخلافات بين المكونين العسكري والمدني في حكومة الفترة الانتقالية على زيارة المسؤول الرفيع للبنك الدولي للسودان، وأكدت المصادر أن برنامج رئيس البنك الدولي الى الخرطوم يتضمن لقاءات مع رئيس مجلس السيادة ورئيس مجلس الوزراء ووزير المالية والاقتصادي التخطيط لتعزيز العلاقات بين السودان والبنك الدولي.
خبراء اقتصاديون: متفاؤلون بزيارة رئيس البنك الدولي للسودان و(الغريق) يتمسك بـ(قشة)
تفاؤل بنجاح الزيارة
وأبدي خبراء اقتصاديون تفاؤلهم بالزيادة التاريخية لرئيس البنك الدولي الى السودان ، وتوقعوا ان تحدث اختراقا كبيرا في الاوضاع الاقتصادية بالبلاد عبر ارسال الزيارة برسائل للعالم اجمع بان السودان مهيأ لاستقبال رؤوس الاموال والاستثمارات الاجنبية، بجانب تدفق الدعم من البنك الدولي للسودان عبر منح وقروض لتمويل مشاريع التنمية والبنيات الاساسية وفى مقدمتها تمويل مشاريع الكهرباء والصحة خاصة مواجهة جائحة كورونا ، ودعم قطاع التعليم والدعم الاجتماعي للأسر عبر برنامج (ثمرات) الذى يموله البنك الدولي والمانحين لامتصاص التداعيات الاجتماعية لسياسات الاصلاح الاقتصادي التي طبقتها الحكومة بالتعاون مع صندوق النقد الدولي.
مكاسب الزيارة
وأعرب د.أحمد التجاني صالح الخبير الاقتصادي، عن تفاؤله بالزيادة التاريخية لرئيس البنك الدولي الى السودان في احداث اختراق في الاوضاع الاقتصادية بالسودان بما يقدمه البنك الدولي من دعم للسودان لتحسين السيولة النقدية بالعملات الاجنبية ، ودعم الموازنة العامة للدولة للعام 2022م بتقديم القروض وسد عجز الميزانية، وتمويل مشاريع التنمية بالبلاد ، بجانب اعفاء ديونه على السودان وتكثيف جهوده مع صندوق النقد الدولي لإقناع الدائنين للسودان لإعفاء فوائد ديونهم على السودان خاصة مجموعة نادي باريس ودول (الهيبك) فضلا عن ان توجيه رئيس البنك الدولي كلمته من الخرطوم الى كل دول العالم تحمل رسائل ايجابية للسودان وتخدم الاقتصاد السوداني.
قشة النجاة من الغرق
واضاف د.احمد التجاني: (أنا متفائل بزيارة رئيس البنك الدولي للسودان كالغريق الذي يتمسك بـ(قشة)، ونحن في السودان (غرقانين) ولازم نتمسك بـ(قشة) وهذه الزيارة التاريخية والمهمة لنجاة من (الغرق) وإيجاد حل لمشكلة عجز الموازنة وكيف نخرج من دائرة العجز الى جانب ضرورة التناغم بين وزراء القطاع الاقتصادي ).
واعرب التجاني عن ترحيبه بزيارة رئيس البنك الدولي للسودان والتي قال انها تحمل توقعات ومطلوبات من البنك الدولي كما ان السودان بحاجة لإدخال (رجليه) في مؤسسات التمويل الدولية خاصة البنك والصندوق النقد الدوليين لإيجاد دعم دولي بجانب اعفاء ديون السودان الخارجية وتدفق المنح والقروض لدعم الموازنة الجديدة للعام 2022م.
فوائد عامة وخاصة
وفى ذات السياق أعرب د.عزالدين ابراهيم الخبير الاقتصادي، عن تفاؤله بزيارة رئيس البنك الدولي للسودان والتي قال انها تنطوي على فوائد عامة وخاصة ، حيث تكمن الفوائد العامة في الرسالة التي توجهها الزيارة للمستثمرين بضرورة تدفق الاستثمارات ورؤوس الاموال للاستثمار بالسودان، أما الفوائد الخاصة فتكمن في وفاء البنك الدولي بتعهدات لمنح السودان قروض بمبلغ (2) مليار دولار لدعم الاقتصاد السوداني بتنفيذ مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية بجانب دعم الاسر السودانية عبر برنامج (ثمرات) لامتصاص الاثار الاجتماعية لهذه السياسات الصلاحية القاسية والتي قفزت بمعدلات الفقر والبطالة والتضخم.
نتائج الدعم
وأكد د.عزالدين ابراهيم، ان نتائج الدعم المقدم من البنك الدولي للسودان لتمويل مشاريع التنمية والبنية التحتيات ستظهر على المديين المتوسط والطويل نتيجة لحاجة تنفيذ هذه المشاريع لوقت خاصة مشروعات الكهرباء بإنشاء محطات كهرباء جديدة وخطوط ناقلة للكهرباء الى جانب المشاريع الخدمية بقطاعات الصحة والتعليم مياه الشرب وتابع: ( عموما زيارة رئيس البنك الدولي للسودان مفيدة كون البنك جهة متخصصة في تقديم القروض الميسرة للسودان والذى هو بحاجة لمثل هذه المشاريع خاصة تمويل مشاريع التنمية الكبرى).
المطلوب من الحكومة
حول المطلوب من الحكومة للاستفادة من الزيارة التاريخية لرئيس البنك الدولي السودان طالب د.عزالدين ابراهيم، الحكومة بتقديم مشاريع تنموية جاهزة وقابلة للتنفيذ في مجال الكهرباء لحل المشكلة القائمة الآن كأولوية قصوي، الى جانب تقديم مشاريع التنمية والخدمات بقطاعات التعليم والصحة والمياه والطرق والجسور،والزراعة بتأهيل المشاريع المروية القومية والولائية خاصة مشاريع (الجزيرة والرهد وحلف وخشم القربة وطوكر والقاش) وتأهيل بنيات الري والكهرباء بهذه المشاريع لزيادة الانتاج الزراعي ، بجانب ادخال التقانات الزراعية الحديثة بهذه المشاريع لزيادة الانتاج والانتاجية وتدريب الكوادر السودانية على نقل التقانات الحديثة وتأهيل العنصر البشري لإحداث النهضة الشاملة).
تسويق النموذج السوداني للاصلاح
وفى سياق متصل قال محمد نور كرم الله كركساوى الخبير الاقتصادي ، ان البنك الدولي يغطى نشاطه معظم دول العالم بحدود اكثر من ١٧٠ دولة تقريبا، واضاف: اما في السودان فقد بدأ علاقته به منذ عام ١٩٥٧ وتطورت في عام ١٩٧٥ ثم انقطعت العلاقات وعادت اخيرا في ٢٠٠٥م .
وقال كركساوي، أن زيارة المدير العام للبنك الدولي للسودان تأتي باعتباره من احد الدول التي طبقت السياسات المتفق عليها حتى وصل مرحلة اتخاذ القرار في ان يكون من ضمن مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون (الهيبك).
واضاف كركساوي: السودان من النمازج التي يريد البنك الدولي تسويقها لبقية المنطقة والعالم.
طرح الحكومة
ونوه كركساوي الى أن ما تطرحه الحكومة السودانية ممثلة في وزارة المالية والبنك المركزي هو أولاً: تكملة مشروع اعفاء ديون نادى باريس والدول الدائنة من خارج نادى باريس وعلى رأسها دول الخليج والصين وغيرها ، وثانيا: البحث عن تمويل إما قروض تجسيرية او تنموية وبتسهيلات طويلة الأمد ، وثالثا: السعي الى زيادة سقوفات المنح النقدية والعينية المتمثلة في التدريب ، اعادة تأهيل الخدمة المدنية وبرنامج مكافحة الفساد، ورابعاً: تحريك مؤسسة النقد الدولية للإيفاء بما طرحته من المساعدات في تقديم برامج تخفيف الضائقة على الشعب السوداني من جراء تطبيق سياسات تحرير الاقتصاد ورفع الدعم السلعي مثل زيادة منحة برنامج ثمرات من ٥ دولارات الى ١٠ دولارات مثلا للفرد في الشهر مع زيادة حجم مظلة التغطية الاجتماعية.
* نقلاً عن صحيفة (العهد أونلاين) الإلكترونية