الخرطوم: جمعة
لسنواتٍ خَلت، مثلت شركات الحبوب الزيتية والأقطان والصمغ العربي، مثلثاً حيوياً لتصدير المنتجات كل في مجال تخصصه، بيد أن توقف دور هذه الشركات ادى مع اسباب اخرى، لتدني صادرات السودان، وإلحاق الضرر بالاقتصاد القومي، بيد أن الفرصة لا تزال سانحة لإعادة تشغيلها والاستفادة من الميزات التفضيلية الهائلة التي بها البلاد في هذه المجالات.
وتعتبر شركة السودان للحبوب الزيتية، التي تأسست في أغسطس 1974 برأسمال 6 ملايين جنيه سوداني كانت تعادل 18 مليون دولار فى ذلك الوقت، من الشركات ذات الشهرة عالميًا وتتمتع بعضوية المنظمات الإقليمية والعالمية المتخصصة فى التجارة والتسويق وهي أكبر مُصدِّر للفول السوداني في أفريقيا وأكبر مُصدِّر السمسم في العالم لها فروع ومكاتب منتشرة في معظم ولايات السودان، وكان لها وكلاء ومراسلون عالميون ولها نظام صارم في تصدير الأصناف الممتازة من المحاصيل حسب المواصفات العالمية، وما زالت أصولها باقية ولم يتصرّف فيها ولها ماكينات فرز إلكتروني (للفول السوداني) ولها غرابيل – شهادة الغربلة مُعتمدة عالميًا – للسمسم.
الشركة لها ختم معتمدة دولياً وهي ذات سمعة وشهرة واسعة وتتمتع الشركة بعضوية منظمة العالمية وتخضع كل عقود صادراتها لنصوص اتفاقية العالمية وتتمتع بعضوية مجلس الفول الافريقي والرابطة الإقليمية للتسويق الزراعي الغذائي.
وتمتلك الحكومة 58% من اسهم الشركة والقطاع الخاص الجمهور (المساهمين) 42% وقد حصلت الشركة عند تأسيسها على امتياز احتكار الشراء والبيع والتعامل في الحبوب الزيتية وتصديرها للخارج.
يقول المهتم بقضايا الحبوب الزيتية والذي عمل سابقاً بالشركة، عبد الرازق مأمون، ان غياب الشركة عن السوق العالمي أفقد السودان كثيرا من العملات الصعبة وفقدنا ضمان حصيلة الصادر، مشيرا إلى ان السودان غنيٌّ بالموارد الطبيعية والبشرية وللمحافظة عليها وضبط حركة الصادرات والواردات لا بد من إيجاد قنوات متخصصة ولها تجارب ومعروفة عالميًا، بل معتمدة دوليًا وفقًا للمواصفات المعمول بها عالميًا.
لافتاً إلى ان هذه القنوات دائمَا تكون ملتزمة بعائدات الصادر وفق النظام المصرفي بالسودان، ولها القدرة ولها تجارب سابقة في الاستيراد للاستفادة من حصائل الصادر، وهي ثلاث شركات، شركة السودان للحبوب الزيتية والصمغ العربي، والأقطان.
وقال ان عودة هذه الشركات للعمل يجب أن يكون بتفعيل احتكار الصادر حصريًا او أن يتم التصدير عن طريق هذه الشركات المتخصصة والمعتمدة عالميًا، وتقييد حركة الصادر وحصيلة الصادر حصريًا عن طريق هذه الشركات التي تتيح للدولة التحكم في حركة الصادرات والواردات وبالتالي يتعافى الاقتصاد.
واكد عبد الرازق ان هذه الشركات تعتبر أعمدة الاقتصاد السودانى، حيث أنها تعمل فى مجال المحاصيل النقدية المرغوبة عالمياً، بل معتمدة دوليًا وفقًا للمواصفات المعمول بها عالميًا، وعودتها للعمل يعني ان ملايين الدولارات سوف تعود إلى بنك السودان وخزينة الدولة.
فكيف نرى العائد وقد أصبحت ثرواتنا النقدية تروح في رحلات جوية او بحرية او برية ثم لا تعود حصائل الصادر الى خزينة بنك السودان التي كانت في الانتظار خلال الفترة السابقة.
ويري عبد الرازق انه لا يمكن أن نتحدث عن الدخل القومي وجل صادراتنا الثمينة ومحصولاتنا النقدية والثروة الغابية حتى الفحم تضيع بين التهريب وتجارة الأجانب داخل دولة السودان ولا أحد يعرف شيئاً عن ضوابط الصادر والعقوبات عند المخالفة.
وتساءل قائلًا: كيف نتحدث عن الدخل القومي وليس لدينا نظام صارم للصادر كما كان في السابق عبر الشركات المتخصصة مثل شركة الحبوب الزيتية والأقطان والصمغ العربي، التي تضمن للدولة عائدات الصادر ولا شك أنها كانت تؤدي دورها الوطني من خلال نشاطها التجاري دون عناء او جهد تبذله السلطات المحلية او الاتحادية.
ويقول مختصون ان غياب هذه الشركات المتخصصة يعتبر احد أسباب تدهور الاقتصاد السوداني وتزايد التهريب وتفشي تجارة الأجانب التي افتقدت الدولة عائدات الصادر من النقد الأجنبي، وقد حان الأوان لمحاربة التهريب ومنع تجارة الأجانب وتقنين عمل الصادر مع ضبط حصيلة الصادرات، ولا يكون ذلك ممكنًا إلا بعودة هذه الشركات المتخصصة، والظروف مناسبة لذلك، حيث أصبحت الفرصة مُواتية لعودة شركة السودان للحبوب الزيتية المحدودة وأخواتها إلى العمل مما يتطلب من الدولة تبني سياسة مرنة تجاه هذه الشركات المتخصصة كل في مجالها.