ثلاثة أحزاب..
اختطفت (ق ح ت)… واختطفت الثورة نفسها..
واختطفت الآمال… والأحلام… والأشواق..
ثلاثة أحزاب فقط… ورابعها مريم؛ ولا نقول حزب الأمة..
ولأنها بلا سندٍ جماهيري فهي لا تريد انتخابات..
لا تذكر صناديق الاقتراع أبداً..
ولا ترد محض إشارة لها في ثنايا ثرثرة رموزها الطويلة… المملة..
وحتى أمد الفترة الانتقالية لا يذكرونه إلا همسا..
وفي طي الهمس هذا يكمن بعضٌ من حياء؛ لأنه أمدٌ طويلٌ جداً..
ففي رواية عشر سنوات… وفي أخرى أكثر..
لماذا؟… لأن الانتخابات تعني أنهم – وامتيازاتهم – راحوا في الرجلين..
فهذه فرصتهم الذهبية التي قد لا تتكرر..
أن يحظوا بالمناصب… والوزارات… والمخصصات… والفارهات..
أن يحظوا بها عبر اختطاف ق ح ت… فالثورة..
فإن أُجريت انتخابات عامة فسوف يُختطف منهم كل ذلك..
ثلاثة أحزاب… ورابعها مريم..
يتكلم ممثلوها في كل شيء… وعن كل شيء… وحول كل شيء؛ إلا الانتخابات..
ثم البرلمان… والدستورية… وأجل فترة الانتقال..
ومنتسبوها هم الذين يصرخون الآن في المنابر… والأسافير… والفضاءات..
ولو جمعناهم لما ملأوا مثل حافلة أداء القسم..
وهم الذين يهاجمون بعنف – هذه الأيام – كل من يحسبونه عدواً لهم..
أو بالأحرى؛ من يظنونه عدواً لانفرادهم بالأمر..
والانفراد هذا بلغ حد بتنا نشهد معه تمكيناً جديداً… على أنقاض القديم..
ثم احتكروا حتى صكوك الثورية..
فهذا ثوري… وتلك كنداكة… وهذه نسيبة… وذاك كوز… وأولئك فلول..
وعند المحك ظهر حجمهم الطبيعي..
فلا أحد لبى نداء (هبوا) يوم الانقلاب… ويوم القاعة لم (يهب) سوى قلة..
قلة لا تملأ حافلة أداء القسم..
فغالبية الأحزاب بعيدة… أو مستبعدة؛ وكذلك لجان المقاومة الثورية..
وهي اللجان التي ووجهت بالعنف أمام مجلس الوزراء..
وذلك حين خرجت تدعو إلى تقويم الأداء… وتصحيح المسار..
والشيء نفسه يُفعل بالصحافيين الآن..
فإما أن يعتقلوا… أو توقف صحفهم… أو يُسلط عليهم من ينبش في خصوصياتهم..
والقانون الذي يحتكمون إليه هو قانون الفلول..
الفلول هؤلاء أنفسهم الذين يسعون إلى تفكيكهم يعاقبون الصحفي بقوانينهم..
وأعني قانون الصحافة الذي فُككت عناصره..
ولكن قانونه لا يفككونه أبداً… ويحاسبوننا – كصحافيين – بموجبه..
ثلاثة أحزاب صغيرة… ورابعها مريم..
هي التي قادتها يحكمون الآن… ويهيمنون… ويسيطرون… ويفشلون..
ثم يسعون إلى تمديد فترة الانتقال إلى أجل غير مسمى..
ولا يحرصون على تكوين البرلمان… ولا المفوضيات… ولا المحكمة الدستورية..
وقبضوا قبضة من أثر الثورة فنبذوها..
ثم قالوا لمشايعيهم هذا إلهكم وإله الثورة فنسوا… نسوا كل شيء..
نسوا حتى الثورة التي صنعوا منها عجلاً له خوار..
ولقد قال لهم وراق من قبل يا قوم إنما فُتنتم به؛ ثم امتنع عن القول..
أو امتنع – الحاج وراق – عن الكتابة..
ومما كان قاله لهم إنه ينصحهم لوجه الله – والثورة – لا يريد أجرا..
لا يريد منصباً… ولا امتيازاً… ولا تمكينا..
ولعله إن واصل في نصحه هذا لاتُهم – هو ذاته – بأنه من الفلول..
ثلاثة أحزاب… تحتويهم حافلة أداء القسم..
رابعها مريم!!.