عبد الله مسار يكتب : كذبة اسمها المُجتمع الدولي
هنالك مصطلحان مستعملان في الدوائر السياسية العالمية. هما المجتمع الدولي والنظام الدولي، وهي مُسمّيات تستعمل لتسهل عملية الاستعمار الجديد عبر منظومات ومنظمات عالمية تمتطيها الدول الكبرى لتحقق أغراضها في استعمار واستعباد الدول الفقيرة ودول العالم الثالث، وسرقة مواردها وإخضاعها لبيت الطاعة العالمي، وهي بذلك تستغل كل الأساليب، بعضها ترغيب وآخر ترهيب، والسائد في العالم الترغيب، والمجتمع الدولي كذبة كبيرة وهي تعني السماح للدول الكبرى بأخذ موارد تلك الدول لصالحها وترك هذه الدول فقيرة وتابعة وهزيلة وتكثر فيها الصراعات والفاقة والعوز، وتستمتع دول الاستكبار بخيرات هذه البلاد، ولذلك المجتمع الدولي في ممارسته لا يطبق معايير عالمية لصالح العالم، وهي دول همّها السيطرة على البلاد موارد وموقعاً، لذلك المجتمع الدولي هو الدول الغربية والتي تسعى عبر استعمال عملاء من ابناء هذه الدول يعطون برنامجاً محدداً ويُكلّفون بتنفيذه أو تدخل مباشر كما حدث في العراق وأفغانستان من أمريكا وحلفائها الغربيين، ولكن بمقاومة الشعوب لدول الاستكبار العالمي وجود تيار دولي آخر، ركيزته الصين وروسيا صارت هيمنة أمريكا ودول الغرب موجودة ولكن بحذر، وما زال تمكين عملاء من أبناء البلاد هو العمل السائد، وأمريكا صنعت كرزايات كثرا في العالم ولكنها تخلت عنهم عاجلاً لما قاومتها شعوب هذه الدول وخرجت وتركت عملاءها كما حدث في الصومال وأفغانستان.
لذلك المجتمع الدولي كذبة كبيرة، تستغلها امريكا والغرب في تخويف الشعوب لاستعبادهم ولكن بالطريقة الناعمة عبر شئ من الصداقة الإجبارية والتي يغطي بها العميل دوره في خدمة مصالحها، وتغطي به هي عورتها في الاستعمار المباشر.
ولذلك الكلام عن المجتمع الدولي يقدم خدمات أو يرفع ويساعد دولاً هو كلام لذر الرماد في العيون.
أيضاً المجتمع الدولي يستعمل كثيراً من الشعارات والمصطلحات، ولكن عملياً لا يعمل بها في داخله ولكن يرفعها خارج منظومته ليركع بها قادة وشعوب الدول المقهورة، ولذلك قضية المجتمع الدولي هي قضية للاستهلاك السياسي (ربا سياسي لا يربي العلاقات).
أمريكا ليست لها علاقة بالديمقراطية ولا بالحكم المدني، ولكن علاقتها بمصالحها وحتى حلفائها من نفس المنوال، ولذلك الكلام عن أن أمريكا صديقة لنا هذا كلام عملياً غير موجود وهي متخوفة جدًا من المواطنين السودانيين، وكذلك هي تسعى للسيطرة على السودان لتستفيد من موقعه الحاكم والرابط كل افريقيا، بل تخوفها من حركات الإرهاب التي يمكن أن تجد حاضنة في السودان. تنتشر في افريقيا وبذرتها موجودة في اربعة مواقع حول السودان ولو دخلت السودان قطعاً اثر بالغ لأمريكا والغرب.
ولذلك الكلام عن أمريكا من المدنية في السودان هي موقف تابع ومتبوع، ولكن ليس موقف الندية، ولذلك يفرح حكامنا لمجرد تلفون من موظف في دوائر السلطة بأمريكا، وفي كثير من الأحايين هي حركة سمسرة سياسية ليس منها عائد وهنالك مكاتب تسهل مثل هذه الأمور!
أعتقد أن الشعوب الحرة والتي حاكمها من الوطنيين من الطراز الرفيع يتعاملون مع أمريكا والغرب بجدية وندية ومصالح مشتركة، أما (غبيش كتف) فهم المقهورون نفسيًا وداخليًا يتعاملون معها والغرب كأنهم الله في الأرض لأنهم مرعوبون وليست لديهم ثقة في أنفسهم ولا سند شعبي لهم فيمن يحكمونهم، ولذلك يعملون حراساً لهذه البوابة.
أعتقد أن كذبة المجتمع الدولي كذبة عرفها كثير من الشعوب الحرة وبعض القادة الراكزين والذين لديهم تفويض شعبي وجماهيري كبير.
أيضاً هذا المجتمع الدولي لديه مصالح يجتهد للحفاظ عليها، خاصةً وان الصين وروسيا هما بالمرصاد لدول الغرب وأمريكا، في كثير من الأحايين يعتمد المجتمع الدولي على الشجب والعقوبات لفترة محدودة.
مثلاً في موقف انقلاب مالي قامت فرنسا وقعدت، ولكن لما توجه قائد الانقلاب إلى الصين جرت فرنسا وقلبت الصفحَة وتركت الديمقراطية وبحثت عن مصالحها.
نحن في السودان، أعتقد أنّ كرت أمريكا والغرب تستغله الحكومة المدنية وحاضنتها كوسيلة تخويفية للعساكر، لأن الحكومة والحاضنة ليست لديهما جماهيرية ولا شعبية، ولذلك يتّكلون على حيطة المجتمع الدولي وهذا نفسه يتنافى مع مباديء الديمقراطية التي تعتمد على الشعب.
على العموم، هذه الكذبة لن تستمر في السودان ولن تستمر في العالم، خاصةً وأن الغرب وأمريكا اكتشفوا انهم كلما تجبّروا وطغوا في الخارج، كما تأزّم أمرهم في الداخل ونشأت حركات احتجاجية وأدت بالديمقراطية في داخل هذه الدول، وقامت حركات مناهضة للوضع في داخل المجتمع الدولي كحركة حياة السود مهمة في أمريكا، ولذلك أظن أن إخوتنا العساكر مدركون لهذا الامر، وارجو ألا يُخيفهم تصريح نُسب لمستشار الأمن القومي الأمريكي، وتجربة أمريكا مع طالبان جعلت كل حر في العالم يعرف أن النصر ليس بالقوة المادية وحدها، ولكن بالعقيدة والمبادئ اقوى، وهذا ما اعترف به بايدن، ويجب أن يفهم ساستنا أنّ المُتغطِّي بأمريكا عريانٌ، لأنها في أول لفة تترك ما يسمون حلفاءها من الدول البعيدة، لأنّ لديها مصالح لا صداقات، ولذلك العاقل يتعامل معها بقانونها.
أعتقد أنّ الكذبة التي تسمى المجتمع الدولي لا تنطلي على أي لبيب، هي (تجارة وسمسرة لصالح تُجّار غاسلي أموال في السياسة الدولية)..!