على الحكومة أن تضع أزمة الشرق أولوية حتى لا تندم على التأخير
الأوضاع الحالية تغري أي مُغامر للانقلاب على الحكم
الذين يعتبرون تِرِك “مؤتمر وطني”.. فلماذا اُختير لآلية لحل كافة قضايا السودان؟!
الساحة السياسية تعج بكثير من الأحداث الساخنة من إغلاق للشرق من قبل جماعات التنسيقية العليا لكيانات شرق السودان، ثم المحاولة الانقلابية الفاشلة الثلاثاء الماضي، تلك المحاولة التي لم يعرف أحدٌ حتى الآن من يقف وراءها, فقط اتهامات هنا وهناك للجماعات الإسلامية تارة ولتنظيم حزب البعث تارة أخرى, وقبل ذلك مبادرة حمدوك وما تلاها من ردود فعل وتكوينه أي رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك لآلية لتنفيذها من نظارات ورموز مجتمعية وجدت مُعارضة من قبل كثيرين ..
“الصيحة” جلست إلى الأستاذ التيجاني مصطفى رئيس حزب البعث العربي الاشتراكي وعضو مركزية الحرية والتغيير، ووضعت أمامه كل تلك الأحداث الساخنة .
حيث أشار الى عدم قدرة حزب البعث على القيام بانقلاب، وتطرّق إلى كثير من القضايا.. تطالعونها في المساحة التالية :
حوار/ مدير التحرير
تمّ اتهام حزب البعث صراحةً بأنه وراء المحاولة الانقلابية؟
بالتأكيد هم لا يقصدون ضلوع حزبنا في المُحاولة الانقلابية الفاشلة، لأنهم يعرفون بأننا لم يحدث أن قمنا بأي انقلاب على مَر التاريخ، وإنما المقصود هو حزب البعث الآخر والذي كانت له سابقة في انقلاب رمضان بمشاركة عدد من الضباط معروفين بانتمائهم لحزب البعث، ولهذا فإنهم حينما اتهموا البعث استندوا إلى تاريخه .
هل يملك البعث كتائب ظل كما اتّهموه؟
قد يكون لهم كوادر في الجيش، لكنه لا يملك قُدرة على تنفيذ انقلاب، ولا أعتقد أن قياداته يمكن ان تفكر في الانقلاب على الحكم ولهم دورٌ كبيرٌ في التغيير الذي تم .
لماذا اتهامه إذن؟
اتهام البعث او غيره كمحاولة لإبعاد التهمة عن الإسلاميين، لأن قائد الانقلاب وضح بأنه ينتمي للجماعة الإسلامية، كما أن الضباط الذين وردت اسماؤهم ينتمون للحركة الإسلامية، وأي انقلاب يحتاج إلى تخطيط ولمجموعات تحميه من الفشل، وكل ذلك غير متوفر إلا في الحركة الإسلامية التي لن تتوانى متى ما سنحت لها فرصة في أن تنقلب على الفترة الانتقالية وتعمل على إجهاضها بالانقلاب او بغيره .
ولكن هل الوضع الحالي مُناسبٌ للقيام بانقلابات؟
نعم بالتأكيد الأوضاع الحالية تغري أي مُغامر للانقلاب على الحكم, بوجود كثير من الخلافات بين مكونات الحكومة، إضافةً للأوضاع المعيشية القاسية التي يُعانيها المواطنون، كل ذلك يدفع للقيام بالانقلاب.
الشرق اشتعل، كيف تنظرون إلى قضية الشرق؟
مشكلة الشرق يجب أن تُحظى بأولوية، لأن الشرق منطقة تداخلات وتدخلات خارجية، وهنالك دول لها مطامع في الموانئ والبحر الأحمر في شرق السودان، والحل في تقديري ينبغي أن يكون سياسياً لا عسكرياً عبر مؤتمر عام لمواطني الشرق الحقيقيين وبمشاركة الأحزاب السياسية الأخرى، لأن اي حل أمني من شأنه أن يُعقِّد المشكلة أكثر .
ولكن من يقود الصراع؟ يقول البعض إنه من فلول النظام البائد وهنالك لجنة إزالة تمكين كُوِّنت لأجل تفكيك النظام البائد؟
ظل محمد الأمين تِرِك ناظر الهدندوة، ناظراً للهدندوة ولم يتعرض لأي مساءلة من الحكومة، واذا قلنا إنّه من النظام البائد، كيف يتم اختياره في آلية حمدوك لحل كافة قضايا السودان ولا نسمح له بحل قضيته الأساسية، في تقديري الخاص أن للشرق قضية عادلة ومواطنه عانى من التهميش، وحُرم كثيراً من حقوقه ويستحق أن يجد الاهتمام .
وتِرِك كما له مؤيدون هنالك من لا يوافقونه الرأي، لكنهم ساروا معه في اتجاه القضية المشتركة، ونجد أن تِرِك ركب الموجة واصبح المتحدث باسمهم.. والمشكلة الخطيرة ان يحدث صدامٌ بين الجماعات التي تناصر مسار الشرق والجماعات التي تُطالب بإلغائه، ولهذا على الحكومة أن تُسارع في طي الخلاف بأسرع ما يمكن حتى لا يقع السودان في براثن الفرقة والشتات، وحتى لا يتضرر المواطن بإغلاق الشرق، والقضية تتطلب الاهتمام من قِبل الحكومة لا تجاهلها كما يحدث الآن، لأن تجاهلها يُعقِّد المشكلة ويفاقم منها.. لهذا المطلوب مؤتمر عام يُشارك فيه أبناء الشرق الحقيقيون والأحزاب السياسية الأخرى، لأن الشرق يهم كل السودان.
هنالك مطالبات بضرورة اللجوء للحل العسكري في قضية الشرق باعتبار أن الإغلاق مُهدِّدٌ أمنيٌّ؟
الحل الأمني او العسكري يُعقِّد القضية ويفاقم المشكلة، ويؤدي الى كارثة لن تنتهي، ولهذا المطلوب حل سياسي عبر المؤتمر العام، مع الأخذ في الاعتبار أن الرافضين لمسار الشرق لهم رؤية ويجب الاستماع إليهم، والمؤيدين له لهم رؤية ويجب الاستماع اليهم كذلك في إطار حل توافقي ترتضيه كل الأطراف.. هنالك مناطق لها خصوصيتها ولا يُمكن ان تتجاهل كل مكوناتها في الولايات وتذهب إلى تكوينات مُعيّنة تتجاهل الأغلبية وتركز على أقلية .
أين الحرية والتغيير من كل هذا الصراع؟
ذهبنا في اتجاه توسعة الحرية والتغيير ووضعنا ميثاقا مشتركا لتوحيد الجبهة الداخلية لتقديم برنامج سياسي واضح لاجتياز المرحلة الانتقالية بسهولة.
الناس تحتاج الى وحدة، لأن المرحلة فيها تعقيدات نقابلها بالتوافق لإنجاز مهام الفترة الانتقالية التي لم ننجز فيها أي شئ، ونجد ان النجاح على المستوى السياسي ضعيفٌ، وعلى المستوى الاقتصادي ضعيفٌ، حتى مبادرة رئيس الوزراء مع أنها مُحتاجة الى دراسة وتطوير كنا نجدها فيها إيجابيات لتقييم المرحلة ومحاولة البناء عليها لتعزيزها ودعمها لتتحوّل إلى برنامج وطني شامل.
ولكن الآلية التي كوّنها السيد رئيس الوزراء مؤخراً لتنفيذ المبادرة وضمت الإدارات الاهلية والطرق الصوفية، وعزلت الحرية والتغيير أضعفت المبادرة، كما أجد أن تخطيها للشباب الذين قاموا بالثورة أضعفها أكثر، والشباب يفترض يكونوا جزءاً من الحل، ولكن تركيبة الآلية خصمت من رصيد المُبادرة.