يتسبب في كارثة سنوية.. الصرف الصحي في الخرطوم .. سلوك بشري ام اخفاقات ادارية
خبير : ادارة الصرف الصحي تضخ مخلفات مياه الصرف في النيل الابيض
مشرف شبكات : نعمل في ظروف صعبة ونجد “ملابس ” داخل توصيلات الشبكة
تناكر “السابتك ” تعمل بدون لوحات وتفرغ داخل مناهولات الصرف الصحي
تعرضت كل اغطية المناهولات ببحري للسرقة والكسر والمنطقة الصناعية كارثة
تحقيق : انتصار فضل الله
في بحري شمال العاصمة السودانية الخرطوم ، التي يفوق عدد سكانها 4.000. نسمة ، يقضي مشرفين ومهندسين الصرف الصحي نهارهم في الشارع تحت اشعة الشمس الحارقة لاصلاح عطل جراء إنفجار اكبر خط صرف صحي عمقه 10 “عشرة ” امتار يمتد من شمال شارع مستشفى الامل حتى تقاطع الصناعات ويربط محطة الصرف الصحي ومستشفى الامل.
الخميس الماضي عاشت المدينة كارثة بيئة واضرار صحية وغطت اجوائها الروائح الكريهة المنبعثة من تسرب مياه الصرف الصحي جراء الكسورات التي تسببت في هزة عنيفة كادت ان تؤدي بحياة بعض السكان وما زالت اللجان العليا بالولاية تقف على معالجة الازمة وغيرها من الازمات المتعلقة بالصرف .
ابرز مواقع الازمة والاضرار
لم يقف طفح الصرف الصحي على منطقة واحدة في الولاية ، فهناك الكثير من المناطق المركزية تتاثر سنويا جراء المشكلة ، منها “وسط السوق العربي ـ الاستاد ـ الخرطوم 2 ـ تقاطع السيد عبدالرحمن مع الحرية ـ شارع الحرية جنوب جامع فاروق ـ تقاطع شارع عطبرة مع الطيار زلفوا ” وغيرها .
ترتبط مصالح واعمال مايفوق مليون مواطن بهذه المناطق ، وتنتشر فيها نساء يعملن في بيع الشاي يحلمن بممارسة المهنة وإستقبال الزبائن في اجواء امنة ، غير ان إستنشاق الهواء الملوث بمخلفات وفضلات دورات المياه “المراحيض ” يعرقل سير الحياة .
تحرص الخالة ” سعدية ” على تغطية “انفها” باستمرار وتظل تطلق “البخور” طول مدة بقائها في الشارع حتى لا يتاثر الزبائن بالبيئة الضارة ، تقول لـ”الصيحة ” : الوضع سيئ جدا وغير محتمل فهي تعاني اشد المعاناة بسبب الطفح السنوي فقد حاولت اكثر من مرة الانتقال الى موقع اخر لكنها لم تتمكن وتساءلت عن المعالجات ، فيما تشير الخالة “ز” الى خطورة الموقف وإنعكاسه على صحة المواطنين المرتبطين برقعة المشكلة التي يبدو لاحلول لها .
مشاكل متعددة
يعتبر الصرف الصحي من اهم مجالات البنى التحتية التي ادخلها الانجليز في السودان ، وهو يواجه مشاكل كبيرة تتمثل في “الطفح الدائم ” بحسب المختصين والخبراء ، وتغطي الشبكة وسط الخرطوم والعمارات 2.3 وكذلك المقرن واجزاء من مدينة اركويت ومناطق الوسط في مدينة بحري ومنطقة السلاح الطبي في امدرمان.
يقول المهندس النور صالح مشرف شبكات الصرف الصحي ببحري ، تواجه الشبكة مشاكل كبيرة جدا استعصى معالجتها لانها تتعلق بسلوك المواطنين الى جانب مشاكل اخرى خلفها الخريف والتصريف العشوائي للتناكر التابعة للسوق الحر التي تعمل دون لوحات حيث انها تحمل مياه الامطار ومياه “السابتك “بالمنازل وتفرغها في منهولات الصرف الصحي دون التوجه الى مجرى “الكونيكا ” مما يعد تحدي وتجاوز للقانون ، اضف الى ان السائقين لايتجاوبون مع اعتراض الناس او مشرفي الصرف على هذا السلوك الذي يزداد ليلا الامر الذي يغلق مواسير الصرف .
سرقات بالجملة للمنهولات
وكشف النورعن سرقة كل الاغطية الحديدية ببحري وتعرض الاغطية الخرسانية التي يفوق عددها 1.000″الف ” غطا للخطوط الكبيرة للكسربغرض سرقة السيخ ، وذكر : يوجد بالمنطقة الصناعية اليات ثقيلة جدا دائما ما تقع في المناهولات قتصيبها وتتسبب في اغلاق المجاري وهي كارثة ماثلة عجزت امامها الاجهزة الرقابية والتفتيشية
حول عطل خط الصرف ببحري افاد النور “الصيحة ” تمت معالجة العطل بنسبة 89% حتى امس حيث انتهى العمل في خط طوله 15 متر وهو يعالج مشكلة كوبر وبحري ، وجاري العمل في خط اخر ممتد من مستشفى احمد قاسم فيه اشكالية ومسافته طويلة حيث تم احضار الاليات لاقامة مناهول لتقسيم المسافة بالنصف لمعالجة الاشكالية لانه مغلق من نصف الخط على بعد 75 متر ، واضاف جاري البحث عن خط بديل لحل الاشكالية نهائيا.
انعدام مصاريف للامطار
تابع صالح ” الهزة التي شهدتها المدينة الخميس الماضي لان الحفر تم في ارض تحتوي مياه عمقها 8 امتار في بعض المناطق وهذه من المشاكل الكبيرة مما تتطلب عمل تنفيس لعمق تراوح بين 7 ـ8 امتار ، مشيرا الى انهم يعملون في ظروف صعبة جدا ، ويرى ان حلول اشكالية الشبكة في الضبط الرقابي والامني للاليات من جانب الولاية والجهاز ومكافحة ظاهرة سرقة الاغطية وتشديد الرقابة والتوسعة الخطوط وانشاء خطوط موازية وخطوط نظافة بالاشارة الى ان كل ابار منطقة الواحة منتهية الصلاحية ويسعون حاليا للدخول في الشبكة .
وشدد المسؤول في الصرف الصحي على ضرورة التوعية داخل المنازل قائلا: في كثير من الاحيان نجد الملابس” الداخلية “وغيرها من الملابس داخل توصيلات الشبكة مما يتطلب توعية المواطنين لخطورة ذلك على الشبكة خاصة الذين يستخدمون الغسالات
واشار صالح الى افتقار مناطق كوبر والواحة الى مصارف امطار والموجودة مغلقة تماما ففي الخريف يرفع السكان اغطية المناهولات لتصريف مياه الامطار المتجمعة داخل “البيوت” والميادين في المناهولات بالتالي فان الرحمة التي تنزل من السماء يستقبلها الصرف الصحي بفعل الانسان.
وحدات صرف عديدة
يحمل كبري النيل الابيض الحديد مواسير الصرف الصحي من السلاح الطبي لتلتقي مع تجميع صرف الخرطوم وفقا لافادة مهندس علي عبد الحليم محجوب الخبير في الصرف الصحي ، الذي ذكر من اهم وحدات الصرف الصحي شبكات ثانوية داخل المدن وتحتوي على مانهولات بغرض سحب فضلات المشتركين ، وابار تجميع مجهزة بمضخات لابار تصريف ، وشبكات ناقلة ذات سعة عريضة للضخ من ابار التجميع لنقاط المعالجة بالاضافة لمناطق معالجة الصرف الصحي
قال محجوب لـ”الصيحة ” ، تتجمع حمولة الشبكات الثانوية في ابار ثم تتجمع في ابار دفع اساسية ، مثلا تتجمع كل فضلات مدينة وسط الخرطوم في البئر التي تقع جنوب مستشفى الشعب ومن ثم يتم ضخ الحمولة الى منطقة المجاري شرق منطقة القوز وكانت في السابق منطقة معالجة نهائية
انتهاك ومياه ملوثة
كان يتم ضخ المياه المعالجة الى منطقة الحزام الاخضر بالخرطوم جنوب لعمل مصدات رياح وتكوين غطاء نباتي بارد ايام نميري والحديث للخبير في الصرف الصحي ، تم التخلص من منطقة الحزام وتم توزيع اراضيه ضمن خطط اسكانية واستثمارية ايام الانقاذ .
بذلك انتقلت معالجة مياه الصرف لمنطقة ما بين مايو وسوبا وبدلا من توسيع فكرة الحزام حول الخرطوم بالتالي اصبحت ادارة الصرف الصحي تضخ مياه الصرف بعد معالجات غير كافية مباشرة الى النيل الابيض عبر ترعة مكشوفة ما بين العزوزاب ومدينة ابو ادم مما يعني ان الخرطوم تنغوط في النيل الابيض وهو يعد انتهاكا صريحا لصحة من يشرب مياه النيل الابيض شمال منطقة العزوزاب
منهولات تحت الارض
يقول الخبير وهو صاحب مقترح مشروع “مسارات الشبكات المختلفة في المنطقة المراد حفرها ” ، كان خريف العام الماضي كارثيا حينما انفجرت الترعة لتغرق مياه الصرف الصحي بكل موادها الضارة مساحات واسعة من منطقتي الدباسين ابو ادم ، وكانت مدة الفيضانات طويلة تعرض خلالها كل ساكني المنازل المحاصرة بمياه الصرف الى معاناة وجروح وهدم جزئي واخر كامل للمنازل ، مؤكدا وجود منهولات منسية بنيت تحت سطح الارض مصابة باعطال نظرا للتراكم المستمر دون اجراء صيانات وتعديلات مناسبة.
يواصل محدث الصحيفة ، نسبة لازدياد كوارث الصرف الصحي يتطلب الامر انشاء جسم لادارة معلومات وشبكات ارضية مختلفة من “صرف وكوابل كهرباء واتصالات ، اشارة مرور وجداول امطار والطرق والجسور ” على ان يتولى الجسم ادارة المعلومات وان يتمتع بسلطات واسعة تحظر بموجبها قيام اي نوع من الحفريات بما فيها قطع شوارع الظلط الا بموافقة هذا الجسم ، والعمل على جمع المعلومات عن مسارات ومواقع المانهولات وعمل رسم للشبكة بالاستعانة ب”لوك بوك ” الذي تركه الانجليز وابدى استعداده لتقديم العون الفني للتنفيذ
ليس بعد
إتضح من خلال العرض ثمة عقبات كثيرة تعترض سلامة شبكة الصرف الصحي في ولاية الخرطوم ، اسئلة كثيرة ومخيفة عن امدرمان تمثل في اين تذهب وحدات الصرف الصحي لمجمع ما يسمى بداخلية على عبد الفتاح ومستشفيات الدايات وامدرمان ؟ وهل يوجد قانون يحكم عمل الصرف الصحي ؟ وما المعالجات التي تقف عليها الادارة في الخرطوم وغيرها من الاستفهامات التي اجاب عليها بالتفصيل دكتور مهندس منتصر مامون مصطفى مدير هيئة الصرف الصحي بوزارة البنى التحتية والمواصلات ولاية الخرطوم في حوار ينشر لاحقا