الخرطوم: آثار كامل
ارتفعت حمى التشاكس ما بين المكونين المدني والعسكري عقب المحاولة الانقلابية الأخيرة والتي على إثرها دارت المواجهات بين المكونين عبر التصريحات الإعلامية، بجانب البيانات الصحفية، فيما أفرزت تلك المحاولة العديد من التكهنات التي تدور في أذهان الكثيرين، منها اقتراب موعد انتقال السلطة من المكون العسكري إلى المكون المدني وفق الوثيقة الدستورية، فيما دار جدال آخر بأن اتفاق سلام جوبا الأخير قد يُغيِّر في انتقال رئاسة السيادة للمدنيين، إلا أن عضو مجلس السيادة محمد الحسن التعايشي، قال إن الوثيقة الدستورية هي المترجم القانوني للاتفاق السياسي وهي القانون الاعلى الذي يحكم البلاد، الى جانب اتفاقية جوبا للسلام التي تم إدراجها أصلاً في الدستور والتي لم تغير كثيراً في الميثاق السياسي والاستحقاقات الدستورية المرتبطة به، بما في ذلك انتقال رئاسة السيادة للمدنيين وفق ما هو منصوص عليه قبل وبعد اندماج اتفاقية جوبا في الوثيقة الدستورية.
مبادئ الثورة
أي عملية تأتي خصماً على أهداف ومبادئ الثورة لن تصمد كثيراً أمام شعاراتها المتمثلة في الحرية والسلام والعدالة، وكل ما يدور الآن لم يتحقق إلا في ظل نظام ديمقراطي معافى وتقبُّل المكونين بعضهما البعض وتنفيذ ما ورد في بنود الوثيقة الدستورية وسلام جوبا وتحقيق السلام، فعليه ونقل السلطة إلى حكم مدني وفق الترتيبات التي اتفقت عليها الأطراف، والناظر إلى العلاقة بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير سيجد أنها لم تعد عامرة بالثقة، وإن مساحات التوافق تناقصت بدرجة كبيرة خصوصاً بعد ما حدث مؤخراً من محاولة انقلابية, نجد ان قوى الثورة ليست مهتمة بما يدور الآن بين المكونين, بل لديها أساليبها التي تستطيع ان ترد بها على المكونين العسكري والمدني وهي معروفة ظلت تنتهج نهجاً ثورياً سلمياً منذ بداية الثورة في 19 ديسمبر حتى لحظة سقوط الرئيس المعزول عمر البشير في 11 أبريل، وبات من المؤكد أن حالة الغُبن الشعبي تجاه المكونين الحاليين، تبدو أكبر من التي كانت تحرك الجماهير ضد المخلوع، فالشوارع لا تخون.
تصفير العداد
يرى المحلل السياسي د. خالد قنديل محمد أن الوثيقة الدستورية حدث بها لبسٌ بعد التوقيع على اتفاقية سلام جوبا وكان لابد من نشرها في وسائل الإعلام وتمليكها للمواطنين حتى يطلعوا على التعديلات الجديدة، وأضاف في حديثه لـ(الصيحة) بأن هناك كثيراً من المغالطات حول انتهاء فترة المكون العسكري في المجلس السيادي وبدء المرحلة الثانية برئاسة المكون المدني، ونوه قنديل الى ان مصطلح (تصفير العداد) بعد توقيع اتفاقية السلام بجوبا أصبح يروّج له من العديد من الأجسام الداعمة للمكون العسكري، باعتبار أن الوثيقة الدستورية بدأت فترتها بعد التوقيع على اتفاقية السلام, فيما تتمسّك أطراف أخرى بأن فترة المكون العسكري شارفت على النهايات حسب ما هو محدد لها (21) شهراً ويبقى إنهاء الجدل بيد وزارة العدل، فعليها نشر توضيحات بشأن ما تم تعديله بعد اتفاقية السلام وتمليك الشعب السوداني النسخة المعتمدة للوثيقة الدستورية لإنهاء الجدل الذي برز على السطح عقب المحاولة الانقلابية الأخيرة، وأضاف الأمر ليس بهذا التعقيد وفتح الباب للتأويلات متى تبدأ وتنتهي فترة المكونين.
وفق الوثيقة الدستورية
قال الخبير القانوني المحامي نبيل أديب لـ(الصيحة) إن انتقال رئاسة السيادة للمدنيين سوف تتم وفق الوثيقة الدستورية المعدلة والتي تبدأ اعتباراً من تاريخ التوقيع على اتفاقية سلام جوبا (21) شهراً للعسكريين و(18) شهراً للمدنيين، وهي نفس المدة بعد إدراج سلام جوبا، ونوه نبيل الى عدم إجراء انتخابات مبكرة التي تحتاج الى تعداد سكاني ومفوضية وتسجيل دوائر، ولفت الى انه لا يمكن ذلك دون إكمال هياكل السلطة وتنفيذ الترتيبات الأمنية والالتزام بما ما تم الاتفاق عليه لإكمال الفترة الانتقالية.
استكمال الانتقال
واتفق محمد اسماعيل مقرر الجبهة الثورية في حديثه مع نبيل أديب، وقال لـ(الصيحة) إن تم إدخال النصوص في الاتفاق وهي من ضمن الاشياء التي تم لم تغير انتقال السلطة للمدنيين، لافتاً بأنه تم عمل مواءمة، ونوه بأن أي نص يتعارض مع الاتفاق والوثيقة الدستورية يسود النصوص التي جاءت في اتفاق السلام على ما جاء في الوثيقة الدستورية، وأضاف بأنه ما لم يتم تنفيذ الترتيبات الأمنية وعودة النازحين واستكمال هياكل السلطة لن ينجح قيام انتخابات، وإن تمت سوف تكون فاشلة وتدخل قوة غير مرغوب فيها، ولفت الى انهم كأطراف سلام لا يحبذون ذلك وبصورة واضحة لا بد من استكمال الانتقال المدني.