الخرطوم: محمد موسى
اتهمت المحكمة أمس، الشاب محمد صديق، بتحرير (6) صكوك مصرفية لشركة شاي كوفتي بمبلغ (26) تريليوناً و(440) مليار جنيه، ارتدت من البنك لعدم كفاية الرصيد.
وحررت محكمة جنايات الخرطوم شمال برئاسة القاضي المشرف عمر محمد عبد الله، ورقة اتهام بمخالفة نص المادة (179) المتعلقة بتحرير شيك مرتد من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991م.
واشارت المحكمة في حيثيات قرارها إلى ان المتهم محمد صديق ، قام بتحرير(6) صكوك مرتدة لصالح شركة شاي كوفتي وذلك مقابل تحصيل حصائل صادر وذهب – إلا انه ووقت تقديمها بواسطة الشركة الشاكية للبنك ارتدت لعدم كفاية الرصيد.
غير مذنب ومستندات دفاع
فيما دفع المتهم التهمة عنه بعدم الذنب ، ورد محامي الدفاع يوسف إبراهيم عبد الله – عن مكتب المحامي د. عادل عبد الغني بأن موكله المتهم غير مذنب وان خط دفاعهم بان المتهم لم يقم بتحرير الصكوك محل القضية ، كما ان القيمة المذكوره فيها غير مستحقة وذلك لانعدام المقابل. في المقابل تقدم ممثل الدفاع عن المتهم بـ(15) عبارة عن تحاويل بملايين الدراهم الإماراتية قامت بها شركتا القربة للتجارة والهبيكة إلى حسابات شركة كوفتي ببنك النيل فرع أبوظبي، اضافة إلى خطاب مرابحة اجرتها شركة كوفتي ببنك الخرطوم مع شركة أفريكانو ، بجانب كشف حساب للمتهم ببنك النيل ابتداءً من 1 يوليو 2020م وحتى 5 مارس 2021م، إلى جانب خطابات من بنك السودان المركزي بإيقاف حسابات خارجية من بينها حساب شركة شاي كوفتي الشاكية في الدعوى الجنائية ومديرها وشقيقه، فيما اعترض ممثل الاتهام عن الشركة الشاكية على جميع مستندات الدفاع والتمس من المحكمة استبعادها، مبرراً ذلك بأن محتوى المستندات شرحها المتهم خلال استجوابه امام المحكمة، اضافة إلى ان المتهم لا علاقة له بالمستندات المقدمة – وانما هي تخص شركات يمكن استدعاء اصحابها كشهود حتى يتسنى لهم مناقشتها حول محتواها – لا سيما وانهم لا يسمح لهم بمناقشة المتهم حول ما جاء في مستندات دفاعه، بالاضافة إلى ان المستندات لا علاقة لها بموضوع الدعوى الجنائية ، فيما تمسك محامي الدفاع عن المتهم بالمستندات ، ملتمساً من المحكمة قبولها وذلك بحجة ان المستندات لها علاقة بالقضية محل المحاكمة – لا سيما وان اسماء الاعمال التي وردت فيها جاءت في صحيفة الاتهام بانها تخص المتهم ويمكن للمحكمة استدعاء اي شاهد حول محتواها ومناقشته فيه، من جهتها حسمت المحكمة الجدال القانوني بين الطرفين وقررت قبول المستندات كمستندات دفاع مع ارجاء تقييمها في مرحلة وزن البينة لاحقاً.
في وقت دفع فيه الدفاع للمحكمة بكشف يحتوي على (6) شهود للدفاع عن المتهم من ابرزهم مندوب من بنك الخرطوم فرع الرئاسة ، ومندوب من بنك النيل الرئاسة، ومندوب الحسابات الخارجية ببنك النيلين ، ومندوب من المسجل التجاري ، فيما امرت المحكمة بإعلان جميع شهود الدفاع للمثول امام المحكمة وسماع افاداتهم في القضية في الثاني عشر من اكتوبر القادم.
حساب الشركة بأبوظبي
من جهته، واصل المتهم في الادلاء بأقواله للمحكمة، وقال ان تعاملاته مع شركة شاي كوفتي الشاكية بدأت مع مديرها العام صديق محمد صالح، عبر شراء دولار لهم من السوق يتراوح ما بين مليون إلى مليوني دولار امريكي، لافتاً الى ان مدير عام شركة كوفتي بعدها افاده بأن لديه حسابا خارج البلاد ببنك النيلين في الإمارات العربية المتحدة، واكد له حوجتهم الكبيرة لعملة صعبة درهم اماراتي، مبينًا للمحكمة بان مدير شركة كوفتي طلب منه البحث له عن تجار العملات حتى يوفرون له كميات العملة الصعبة التي في حاجتها مقابل تسليمهم مقابلها بالعملة المحلية، منوها إلى انه احضر مجموعة التجار أصحاب الأعمال وجمعهم في لقاء مع مدير شركة شاي كوفتي صالح، واخطرهم بان لديه حسابا خارجيا ببنك النيلين ابوظبي، موضحا بأنه وبعد ذلك بدأت التعاملات واصحاب الاعمال التجار والشركة، مشدداً على ان دوره فقط كان وسيطا بين التجار والشركة الشاكية بموجب اتفاقه مع مدير الشركة بحصوله على (1%) من كل معاملة يجريها مع تلك الاعمال والتجار لصالح الشركة ، موضحاً بأن شركتي الهبيكة والقربة للتجارة قامتا بتحويل مبالغ مالية بالدرهم الإماراتي من حساباتهما بذات البنك الخارجي إلى فرع حساب شركة كوفتي التجارية بأبوظبي ، مشيراً إلى ان مدير شركة كوفتي اشترط له نزول اشعار له يوضح ورود الدراهم الإماراتية بحسابه بالبنك الخارجي في كل عملية ومن ثم تسليم تلك الاعمال مقابلها بالعملة المحلية ، وابان المتهم محمد صديق في استجوابه للمحكمة بأن التحويلات كانت مستمرة بسلاسة ودون مشاكل بموجبها وردت مبالغ وصفها بالضخمة لحساب الشركة الشاكية (شاي كوفتي) ، ونوه المتهم إلى انه وبتاريخ 28 مارس 2020م، اصدر بنك السودان المركزي قرارا بتجميد (6) شركات وأسماء اعمال من ضمن (10) حسابات كانت تتعامل معه في توريد الدراهم الاماراتية للشركة الشاكية ، وبرر المركزي تجميد حسابات تلك الشركات لضخها لحركة تحويل مبالغ كبيرة فيها ، كما نبه المتهم إلى إجراء مدير عام شركة كوفتي مرابحة على بنك الخرطوم مع شركة افريكانو لشراء سكر بمبلغ تريليون و(500) مليار جنيه ،مشدداً على ان مدير شركة كوفتي ظل يطلب ورقة مروسة فارغة من (4) اسماء من الذين تعاملوا معه في تحاويل العملات الصعبة وذلك لإجراء مرابحات مع البنوك بالعملة السودانية لشراء عملات اجنبية له، مؤكداً أن مدير شركة كوفتي اخبره بان المرابحات التي يجريها مع البنوك يقوم بشراء عملات اجنبية بمقابلها جني من خلالها ارباحا بلغت مليون درهم إماراتي، موضحاً للمحكمة بأن المرابحات التي اجراها مدير شركة شاي كوفتي لم تكن لشراء السكر والاغراض التي دوّن فيها – وانما لشراء العملات الاجنبية بحد قوله.
قصة تعويضات وخطاب سيادي
وأماط المتهم، اللثام للمحكمة وكشف لها في استجوابه عن زيارة مدير شركة كوفتي له بمنزله وافاده بان جهة حكومية كلفته بشراء عملات اجنبية ضخمة لها دون ان يحدد له تلك الجهة وكمية المبلغ، موضحاً بأن مدير الشركة آنذاك طلب منه البحث عن اسماء اعمال اخرى غير الاربعة التي يتعامل معها في التحاويل الصعبة وذلك لجمع المبالغ التي تحتاجها الجهة الحكومية التي لم يسمها له – وذلك لاستخدامها في تعويض ضحايا المدمرة الامريكية (كول)، وشدد المتهم على ان شركة كوفتي اخبره حينها بأن لديه خطاباً من مجلس السيادة الانتقالي بذلك الامر – كما اكد له ضخ بنك السودان المركزي مبلغ (4) تريليونات و(522) مليون جنيه وذلك لشراء المبالغ المطلوبة لتعويض المدمرة الأمريكية كول.
زيارة مدير كوفتي
وقال المتهم في استجوابه للمحكمة إنه وبتاريخ 28/2/2021م، اصدر بنك السودان المركزي خطابا جمّد بموجبه جميع تلك الحسابات للاعمال التجارية التي تتعامل معها شركة كوفتي، اضافة إلى تجميد حساب الشركة ببنك النيلين بأبوظبي وحساب مديرها العام وشقيقه، مبيناً بأن مدير شركة كوفتي اجرى محادثة هاتفية معه عبر تطبيق الواتساب أخبره خلاله بانه تم القبض عليه بواسطة مباحث التموين وتحريك اجراءات ضده بمخالفة نص المادة (57/أ) من القانون الجنائي السوداني التي تتعلق بتخريب الاقتصاد القومي للبلاد، وطلب منه اخطار أسماء الأعمال التي يتعامل معها بعدم اقحام سيرته او الشركة حال تم استدعاؤها بواسطة السلطات، وكشف المتهم في استجوابه بانه اتصل به هاتفيا مدير عام شركة كوفتي ابان تواجده خارج البلاد في رحلة استشفاء طالباً منه العودة إلى الخرطوم وذلك لحاجته اليه في عمل بحد تعبيره، مبيناً بانه وبتاريخ 4 ابريل 2021م عاد الى الخرطوم وقابل مدير عام شركة كوفتي وحينها أخطره بان لديه اموالا ضخمة بالعملة السودانية لدى عملاء وتجار طالبه بإعطائه رقم حسابه البنكي حتى يتسنى له تحويل المبالغ في حسابه لشراء عملات صعبة بها، مشيراً إلى ان مدير الشركة وقتها اشترط عليه تسليمه دفتر شيكاته المصرفية لضخ تلك الاموال في حسابه، وبرر له بان ذلك هو ديدن وتعامل الشركة مع كافة عملائها وعرض عليه نماذج دفاتر شيكات لشركات ضخ اموال في حساباتها لصالح الشركة، موضحاً بانه وفي اليوم التالي سلم المدير المالي لشركة شاي كوفتي دفتر شيكاته – الا انه اكد للمحكمة عدم ضخ اي اموال في حسابه المصرفي، منبها إلى انه وفي يوم 7 / 4/ 2021م حضر اليه مدير شركة كوفتي اليه بشقة يستأجرها ويقيم فيها بالصافية شمال بحري حوالي الساعة الحادية عشرة مساءً واحتسى معه كوباً من القهوة واخبره بان الشركة ستضخ في حسابه الأموال ابتداءً من الأسبوع المقبل.
لم أحرر صكوكاً لكوفتي
واوضح المتهم في الاستجواب للمحكمة بأنه وفي فجر اليوم الثاني لزيارة مدير شركة شاي كوفتي له وعقب خروجه من المسجد لأداء صلاة الصبح، حضرت اليه قوة من مباحث التموين بقيادة نقيب والقت القبض عليه واقتادته إلى قسم الخرطوم شمال ودونت ضده بلاغا بتخريب الاقتصاد القومي، وذلك بعد ان اخبرته السلطات بوجود فاقد ايراد من عمارة الذهب قدره طن من الذهب ومبلغ (20) مليون دولار ، وطالبوه بإحضارها، في الوقت الذي نفى وجود اي ذهب وعملات اجنبية بحوزته ، كاشفا بانه ولاحقا علم بان مدير عام شركة كوفتي ومديرها المالي ادليا باقوالهما كشاهدين في القضية المدونة ضده، مؤكدا للمحكمة نفيه بالتحريات وعلاقته بالشركات الاربع التي تتعامل مالياً مع كوفتي وانما علاقته بها كوسيط مع الشاكية ولا يتحمل اي مسؤولية حيال ما قامت به تلك الشركات، موضحا بان وكيل النيابة الاعلى صدّق له ضمانة بكفالة مالية، الا انه وقبل خروجه من القسم دونت شركة كوفتي اجراءات البلاغ وطالبته بتعويضها مبلغ (26) تريليونا و(440) مليار جنيه، وذلك عبارة عن حصائل صادر وشراء ذهب بمقابل (6) صكوك حررها للشركة – الا ان المتهم نفي للمحكمة تحريره اي شيكات لمدير شركة كوفتي ، مشددا على انه لم يوقع اي صكوك للشركة الشاكية وانما قام بتسليمها دفتر شيكاته فقط.