منذ اندلاع أزمة دارفور في عام ٢٠٠٣ وحتى الآن، لا تزال المؤتمرات والندوات والورش تُعقد بشأنها في الداخل والخارج، إلا أنها لا تزال تراوح مكانها، وفي عام ٢٠٠٥ شاركت في مؤتمر أهل دارفور الجامع تحت شعار “وحدة.. سلام.. تنمية”، وكنت وقتها في صحيفة “ألوان”، وأقنعنا بالمشاركة في المؤتمر الأستاذ يوسف آدم بكر حقار المحامي، وهو يعتبر كبيرنا في المدينة لا يُرد له طلب، وكان المؤتمر بمدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور وحاضرة سلطنة دارفور التاريخية، ودخلت لجنة الإعلام مسؤولاً عن الصحافة، واكتملت الاستعدادات لاستقبال الحدث الكبير، وكُتبت اللافتات القماشية الكبيرة على مداخل المدينة وشوارعها الرئيسية ووزّعت البوسترات في الخرطوم والفاشر ونيالا والجنينة، وكانت دارفور ثلاث ولايات، وبلغ عدد العضوية المشاركة ١٣٠٠ عضو بما فيهم القادمون من أوروبا ناس الداموكي، ومن الخليج وتشاد وليبيا وأمريكا وبلدان أخرى، وتم تفويج العضوية جوّاً تحت إشراف الأستاذة حياة الدقيل القيادية بحزب الأمة والأستاذ الرشيد ضو البيت، وفي اليوم الأخير خصّصت طائرة لنقل وفود البعثات الدبلوماسية ومراقبي الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وجامعة الدول العربية، وشارك في تغطية فعالياته ما يزيد عن ثلاثين مراسلاً صحفياً يمثلون وكالة الأنباء العالمية وبعض الصحف الأجنبية والعربية بالإضافة إلى بعثة الإعلام الاتحادية التي تمثل الإذاعة والتلفزيون وكل الصحف الاتحادية وبعض الجرائد أكثر من صحفي وكاتب عامود، وقفت شخصياً على متابعتهم، وكُوِّنت لجانٌ وقُدِّمت أوراقٌ ممتازة جداً من أصحاب الخبرات والتأهيل الأكاديمي العالي، وكان معنا في اللجنة الإعلامية الأستاذ النجيب آدم قمر الدين نقيب الصحفيين الأسبق والأستاذ الطيب ابراهيم عيسى رئيس تحرير “رأي الشعب” الأسبق والأستاذة أسماء محمد جمعة رئيس تحرير “الديمقراطي” الحالي، وللحقيقة هم أفضل من يصيغ الأخبار والتقارير، والنجيب والطيب من الرعيل الأول في الإعلام السوداني وأسسوا وكالة السودان للأنباء وكانت السكرتارية تؤدي عملاً ممتازاً أذكر فيها مرتضى شطة والدكتور حذيفة أبو نوبة كان أصغر واحد في المؤتمر بعد إبراهيم بقال ممثل طلاب الحركات يومها، فقضية دارفور شخصّت منذ أمد بعيدٍ، إلا أن الإرادة في التنفيذ والأمس القريب أقامت إحدى المنظمات التي تقف وراءها إحدى الحركات الموقعة على اتفاق السلام، إلا أنها خاطبت ذاتها، والمشهد الآن في دارفور يحتاج إلى انفتاح أكثر ومشاركة أهل الخبرة والدراية، دارفور كإقليم الآن لا يُمكن أن تديره حركة مهما امتلكت من السيارات رباعية الدفع، والتجارب أمامنا ماثلة وتفصح عن نفسها ولا تبوح، وكنت أتحدّث مع مدير تجارة الحدود الأسبق بولاية شمال دارفور عن البلد، وسألني عن الإقليم وحاله، قلت له أفضل أن يستفيدوا من خبرات صاحبك عوض الدحيش في الإعداد والحشد وإدارة التنوع، فالدحيش كان مسؤولاً رفيعاً في ولاية شمال دارفور في عهد النظام البائد، إلا أن له مقدرة فائقة في مثل هذه المؤتمرات، وقد ظهرت في مؤتمر الفاشر مع التجاني سنين، وفي آلية شباب دارفور وغيرها، وأضفت له “هو ذاتو ما عندو قشّة مُرة مع الكيزان”، من كانوا بحزب عوض الدحيش اليوم معهم في حكومتهم ومستشاريهم وحركتهم معاً على دارفور جديدة تقوم على أنقاض الماضي لا مكان فيه لدعاة الإقصاء، دارفور جديدة لا تعرف الحواكير، تؤمن بالمُواطنة المُتساوية بين جميع مواطنيها.