تقرير- حسن حامد
تحتل ولاية جنوب دارفور المرتبة الثانية بعد الخرطوم من حيث التعداد السكاني، وتعتبر حاضرتها نيالا مركزاً تجارياً لغربي السودان ودول الجوار الأفريقي لموقعها الجغرافي الذي يشكل ملتقىً للطرق التي تربط ولايات دارفور الخمس المكونة للإقليم وينتهي عند حاضرتها خط سكك حديد السودان، بالإضافة للثروة الحيوانية والزراعية والمعدنية التي تزخر بها بجانب الصناعة، ورغم تلك المقومات.
إلا أنّه يلاحظ الضعف في الخدمات الصحية بالولاية حيث تعاني مؤسسات من نقص كبير في الخدمات والأجهزة التشخيصية والتخصصات النادرة والدقيقة التي مازالت تجبر العديد من المرضى على السفر إلى الخرطوم ومنها للخارج طلباً للعلاج الذي فاقم أوضاع المواطنين في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية الراهنة بالبلاد.
مُخيّم علاجي
وكشف مختصون في مُخيّم جراحة العمود الفقري الذي أقامته جمعية اختصاصيي جراحة العمود الفقري وجراحة العظام السودانية بنيالا الأسبوع الماضي، عن حاجة الولاية للتخصُّصات النادرة والدقيقة من واقع العمليات التي أُجريت والمُواطنين الذين تمّت مُعاينتهم وتجاوز عددهم الـ(٧٠٠) مريض، بدعم من الصندوق القومي للتأمين الصحي بالتعاون مع وزارة الصحة بولاية جنوب دارفور.
تخصصات مهمة
وقال اختصاصي جراحة العظام والإصابات بمستشفى نيالا التخصصي أشرف محمد يوسف، إن تخصص جراحة السلسلة الفقرية يُعتبر من التخصُّصات الدقيقة والمهمة التي تفتقرها الولاية، ومعظم التحويلات التي تتم إلى الخرطوم في جراحة العظام والسلسلة الفقرية.
وتابع: (زيارة وفد من الاستشاريين والاختصاصيين في هذا التخصص يعتبر من اللبنات الأساسية لتوطين هذا التخصص في الولاية).
وأضاف أن جنوب دارفور من الولايات الكبيرة التي تحتاج لمثل هذه الخدمة، مشيراً إلى أن المُخيّم تم من خلاله مُعاينة أكثر من (٧٠٠) مريض خلال أيام المُخيّم الأربعة، بجانب إجراء (١١) عملية كبيرة ومُعقّدة في السلسلة الفقرية لأول مرة تُجرى في دارفور في تخصص دقيق ونادر بالسودان، معرباً عن أمله في تحقيق حلم توطين العلاج، وتابع: (كون مريض يذهب للخرطوم وتكاليف السفر الباهظة والمُعاناة بالإضافة لتكاليف عمليات السلسلة الفقرية بالخرطوم باهظة التكلفة وتوفيرها في نيالا محمدة كبيرة وانتصارٌ للمواطنين).
وأكد أن المُخيّم يقدم خدمة بالمجان، وقال إنّ من بين الذين أُجريت لهم عمليات مَن يصعب عليه المشي، والبعض الآخر تصعب عليه الحركة والوقوف، والآن استعادوا الحركة من خلال العمليات التي أجريت في مجالات الانزلاق القضروفي وإصابات الكسور في السلسلة الفقرية وإصابات النخاع الشوكي.
مبادرة اجتماعية
وقال رئيس مبادرة جمعية اختصاصيي جراحة العمود الفقري وجراحة العظام بالسودان الأستاذ المحاضر بجامعة الخرطوم، الاستشاري أحمد شاكر، قال إن المخيم شارك فيه كل الاستشاريين والاختصاصيين في المجال، مبيناً أن المُخيّم يأتي ضمن رحلات الجمعية لولايات السودان وهي مبادرة اجتماعية من بوابة حق المواطن عليهم ولنقل الخدمة إلى المواطنين في مواقعهم ومشاركتهم في تخفيف العناء عنهم، وأضاف: الهدف الأساسي من المُبادرة توعية المُواطنين وتعزيز الثقة في الخدمة الموجودة في الولايات، بحيث أن الكوادر الطبية التي تقدم الخدمة ليست أقل من الموجودة في الخرطوم، بجانب مُشاركة الكوادر الموجودة في مناطق نائية وبعيدة عن المركز، وتقليل تكاليف السفر على المواطن، وتبادل الخبرات، علاوةً على تقديم خدمة غير موجودة في الخرطوم دخلت حديثاً، لكنها تطوّرت، وقال إنهم يسعون لنقلها إلى الولايات حتى لا يحتاج المواطن للسفر، وتابع: “الحكاية دي ساهلة جداً وتحتاج لجهدٍ بسيطٍ من حكومات الولايات والإمكانيات البشرية الموجودة في نيالا مُمتازة، وأجرينا عمليات كبيرة وبأقل مجهود وهي نفس التي تتم في الخرطوم”.
توطين التخصُّص
ووجدت المُبادرة، ارتياحاً كبيراً وسط المواطنين الذين استفادوا من خدمة المخيم وتمزيق فواتير السفر ومشقته وتكاليف العلاج بالخرطوم والخارج.
وتقدّمت المواطنة هاجر إبراهيم صالح بالشكر إنابةً عن المُواطنين لوفد الجمعية ورسالته الإنسانية لأهل الولاية، مُطالبةً الحكومة بضرورة توفير مثل هذه التخصُّصات في جنوب دارفور، وقالت إنّها ظلّت تُعاني من الإصابة بالقضروف وتم تحويلها بواسطة اختصاصي جراحة العظام والإصابات إلى الخرطوم ومنها إلى القاهرة، وقرر لها الأطباء إجراء عملية، لكن لم يكن معها مرافق وعادت مرة أخرى إلى نيالا تعاني من الإصابة، إلى أن وصل إختصاصيي المُخيّم الذي وجدوا فيه التعامُل الراقي والخدمة المجّانيّة، وتابعت: “بدل نعاني من السفر للخرطوم وخارج السودان والتكاليف الباهظة، لماذا لا تتم هذه التخصُّصات هنا في نيالا، لأن هنالك مساكين لا يملكون حق العلاج، والبعض الآخر يضطر لبيع ما يملك من أثاثات منزله وقُوت أبنائه لكي يقوم بتوفير تكاليف العلاج”، وناشدت هاجر، حكومة الفترة الانتقالية بمجلسيها السيادي والوزراء بتوفير التخصُّصات النادرة والاهتمام بأمر الصّحة في الولايات.