المتابع للحراك الذي صاحب الثورة، يجد أن القوى الفاعلة فيها مرت بعدد من المراحل، أولها كان الاتفاق على إسقاط النظام، وثانيها مرحلة التفاوض بين المدنيين والعسكريين، ثم جاءت مرحلة الوثيقة الدستورية وما صاحبها من شدٍ وجذبٍ، والكل يُريد أن يحقق مبتغاه ومراده، ولكن في الختام اتفقت الأطراف على الحد الأدنى الذي يقود البلاد إلى آفاق الديمقراطية والحرية وتشكّلت الحكومة الأولى التي بلغت فيها مرحلة التشاكس مبلغاً عظيماً إلى أن تمّ حل تلك الحكومة وتشكيل حكومة استحقاق السلام الذي وُقِّع في جوبا ومضت الحكومة على الرغم من المنعطفات الخطيرة التي كادت أن تكون سبباً في انقسام المكون العسكري الذي عانى من الشائعات التي تقول بوجود صراع خفي بين الجيش والدعم السريع، ولكن حنكة القيادات منعت الذين يصطادون في المياه العكرة، وتم التأكيد بأنّ القوات المسلحة والدعم السريع على قلب رجل واحد، وأعتقد أن قمة الانسجام بين المدنيين والعسكريين كانت أمس الأول، عندما زار رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك مقر قيادة الدعم السريع بمعية عدد من الوزراء، وكان في استقبالهم الفريق أول محمد حمدان دقلو وقادة قواته، وقد أصابت هذا الزيارة أعداء التقارُب بين المدنيين والعسكريين في مقتل، فقد كانت خطتهم اللعب على التناقُضات والنفخ في كل صغيرة وتصويرها بأنها النهاية، وعلى كل مكونات الثورة أن تعمل على وحدة الصف بين كل السودانيين، وعلى الفريق أول حميدتي أن يلعب دوره في تقريب وجهات النظر بين الإخوة شركاء السلام، خاصةً الفريق أول مالك عقار والفريق إسماعيل خميس جلاب، فإن أمانة تسليم السلطة للشعب تقع على عاتق الجميع مدنيين وعسكريين وقوى الثورة مُجتمعةً، فليس من صالح السودان وأهله أن تتّسع رقعة الخلافات وتقل مساحة الانسجام والتناغم.
إنّ زيارة أمس الأول نزلت برداً وسلاماً على الشعب السوداني الطيِّب الذي يَهمّه أن يقضي يومه آمناً في سربه وليس له كثير اهتمام بما يدور في دهاليز السياسة وتعرُّجاتها.
شكراً رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك، شكراً الفريق أول محمد حمدان دقلو، شكراً لكل من وضع الوطن في حدقات العيون.