قطاع التّعدين.. خَللٌ مُتوارثٌ
تقرير: سارة إبراهيم عباس
حمّل المشاركون في ندوة الأحكام الفقهية لنوازل التعدين والصرف، التي نظمها مجمع الفقه الإسلامي، الحكومة مسؤولية تنظيم قطاع التعدين الأهلي بالبلاد. وتابعوا بإلزامها لشركات التعدين بعقود لصالح البلاد، ولفتوا إلى الخلل المتوارث من العهد السابق في القطاع، وامنوا لأهمية القوانين لحفظ الحقوق، وأن أي تغول على حقوق الآخرين حرام (الظلم العام) حرام على الحاكم والمحكوم، وشددوا على حماية صحة المواطنين والبيئة من الآثار السالبة لاستخدامات الزئبق، وأرجعوا استخراج زكاة الذهب الأصل فيه للمنقبين، واستهجن المشاركون هروب الشباب المنتجين لمناطق التعدين، في الوقت الذي تركوا فيه الإنتاج المُستدام، مُحذِّرين من مغبة التغول على أراضي المواطنين، علاوة على سرقة الآثار والتعامل بها تجارياً، مقرين بحرمة الخطوة، وجددوا أن التعدين يجب أن يكون بأمر السلطان، وقالوا لا توجد إشكالية في تملك مخلفات الكوماج إذا استغنى عنها أهلها.
تصريفات فقهية
ومن جانبه، أقر رئيس مجمع الفقه الإسلامي د. عبد الرحيم آدم محمد بأهمية الندوة، لمناقشتها تقارب وتقريب الصواب في ظل الممارسات التي برزت والمُستجدات التي تحتاج إلى تصرفات فقهية، وقال إن هذه القواعد الكلية تحتاج إلى تشريعات العلماء، واعتبر القواعد الكلية المرجعية في شتى مناحي الحياة، مشدداً بضرورة طلب الفتوى.
أحكام التعدين
وأكد الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي بروفيسور عادل حسن حمزة، أهمية أحكام التعدين والصرف، مشيرا لتناول النوازل والمستجدات حولهما، وقال إنهما من أولى أولويات واختصاصات المجتمع، ورهن الخطوة بأنها تؤسس للاجتهاد الذي أسست من أجله المجامع باعتبار أن العلماء يحتاجون للعقل والاجتهاد الجماعي، مشيراً الى أن العلماء مكثوا قرابة الأشهر الستة في البحث عن أمر التعدين والصرف.
نوازل التعدين
وفي الأثناء، كشف عضو الدائرة الاقتصادية بمجمع الفقه الإسلامي السوداني د. محمد الرشيد سعيد، ورقته نوازل الذهب المتعلقة عن الذهب في السودان، عن ان استخدام الزئبق مع ضرره على البيئة والفرد أمر لا يجوز شرعاً لما فيه من الضرر إلا أن يكون استخداماً آمناً مرخصاً من الجهات الصحية.
وشدد د. حسن، على ضرورة استخدام التنقيب الفني والتقني الذي يقوم على علم ومعرفة وعلى احتياطات عالية للفرد والبيئة، لافتاً إلى أن نوازل التعدين كثيرة تصعب الحصر، وأشهرها ان العاملين في التعدين كثيرٌ منهم يقترض مالاً أو سائل الزئبق من التاجر لأجل أن يبيع عليه إذا حصل على ذهب، وإن هذه المعاملة لا تصح إذا كان البيع مشروطاً لفظاً أو عرفاً. لافتاً الى تعلق بقايا من ذرات الذهب بالزئبق وقد جرى العرف بالعفو عنها فتباح شرعا بناءً على العفو ما لم يتغيّر العرف الجاري.
وفي نظرته التأصيلية لبيع الفكة والعملات الأجنبية، قدم رئيس الدائرة الاقتصادية بمجمع الفقه الإسلامي الدكتور محمد الرشيد عيسى، ورقة تحدثت عن مشروعية عقد الصرف بشروط التقابض قبل الافتراق بالأبدان بين المتعاقدين، والتماثل عند اتحاد الجنس، كبيع الفضة بالفضة أو ذهباً بذهب، أو يكون العقد باتاً في العقد ولا يكون به شرط خيار من المتعاقدين، كذلك يشترط أن يكون عقد الصرف خالياً من الأجل لكل من المتعاقدين وإلا فسد الصرف، لأن الأجل يؤخر القبض. ويجاز طبع النقود إذا خُضعت لضوابط إنزال الضرر بالناس، لذا يمنع إحداث نقود تؤدي الى التضخم والفوضى والتضخم من الأفراد أو السلطة.
زكاة المعدن
وحدّد عضو دائرة الفتوى العامة بمجمع الفقه الإسلامي الشيخ عوض الكريم عثمان العقلي، نصاب الذهب عيار 21ب 85 ديناراً الدينار الواحد يعادل 4/25 جرام, وأشار في ورقته زكاة المعدن الإجماع والخلاف فيما تجب فيه الزكاة وما تجب من المعادن والنصاب والقدر والمخرج أجمعوا على أنه لا زكاة في غير الذهب والفضة من سائر الجواهر على الرغم من وجود معادن أغلى من ذهب.
الدين والمتغيرات
واستعرض رئيس دائرة الفتوى العامة بمجمع الفقه الإسلامي د. قسم الله عبد الغفار قسم الله ورقة بعنوان (المنافع على الدين وأحكامها “الدين المتغيرت”)، وقال إن الرخص والغلاء أن الفلوس قد تهبط فمنها، وقد ترتفع تبعاً للقوة الشرائية لها، فإن ضعفت قوتها الشرائية رخصت، وإن قويت قوتها الشرائية غلت وارتفعت. وحالة الرخص والغلاء تكلم عنها فقهاؤنا بالنسبة للفلوس التي كانت سائدة في زمانهم المعاصر. وهي الحالة التي عليها الأوراق النقدية اليوم.