سلسلة زيارات العسكر والمدنيين.. قُوّتنا في وحدتنا وضعفنا في تفرُّقنا
الخرطوم: آثار كامل
يشوب المشهد السياسي الآن حالة من الارتباك والتوتر والخلافات والضبابية، بجانب اختلافات وجهات النظر بين القوى السياسية كافة، زيادة على جدال العسكر والمدنيين، الذي يشي بعدم الاتفاق بينهما في كثير من النقاط، والذي لاح بوضوح في عدم التناغم بين المكونين المدني والعسكري.
خالفت تلك الشائعات سلسلة اللقاءات ما بين المكون العسكري العسكري، والمكون المدني العسكري، وآخرها زيارة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك أمس لقيادة قوات الدعم السريع ولقاء قياداتها.
انقلاب الموازين
ربما سلسلة اللقاءات تلك بين المكونين المدني والعسكري، ساهمت بقدر ما في حل أكبر النقاط العالقة، منها معاش الناس خصوصاً بعد ان واجهت الشراكة بينهم صعوبات لاسباب مختلفة رغم الايمان والاعتراف الكامل بالثورة بالرغم من تدخل بعض الأيادي المضادة لزيادة المسافات بينهم. او ربما تغيّرت المفاهيم والتفاهمات بين المكونين.. ليسلما ان التلاقي والاتفاق هو العاصم من اي تعقيدات قد تواجه الفترة الانتقالية.. ليكون شعارهما معاً قوتنا في وحدتنا وضعفنا في تفرُّقنا.
شراكة وتناغُم
السفير والمحلل السياسي الرشيد أبو شامة قال لـ(الصيحة): ما لم يتحقق ذلك التناغُم ستخسر البلاد كل مكتسبات الثورة والفترة الانتقالية، وأضاف: للمضي قدماً والظهور المتسق بين مكونات السلطة الانتقالية هو المحفز للنجاح مستقبلاً وخلق القبول الإقليمي والدولي، وقال على كل مكون من مكونات السلطة الاضطلاع بمسؤولياته، وأضاف لو لا مُشاركة المؤسسة العسكرية ما كان للنظام البائد أن يذهب ويسقط بهذه السرعة، وإنجاح مهمة الثوار كانت بهذا التدخل وعلى الكل القبول بهذه الشراكة لإنجاح الفترة الانتقالية حتى الوصول بالمرحلة الانتقالية إلى استحقاق الانتخابات، وقال على جميع مكونات الحكومة الحالية من مدنيين وعسكريين وقوى ثورية وحركات الكفاح المسلح وضع مصلحة الوطن نصب أعينهم والعمل على إنجاح الفترة الانتقالية بكسر شوكة الثورة المضادة.
القضايا الأساسية
دعا المحلل السياسي أحمد الجيلي إلى إجراء حوار مع كل القوى السياسية لضمان التماسك ووحدة الصف دون تفرقة، ومواصلة سلسلة اللقاءات والزيارات بين المكونين المدني والعسكري، وأضاف الجيلي: لا بُدّ من حدوث اتفاق وتفاهم سياسي بين المدنيين والعسكر، لأن ما يجمعهم أكثر مما يُفرِّقهم، خصوصاً أن الخلافات القائمة تتمحور حول مسائل تُصب في مصلحة الإصلاح الداخلي، وقال لـ(الصيحة) إن الأولوية في الدولة لحل لضائقة المعيشية ومعاش الناس ثم مناقشة السياسة، مشيراً إلى أن الشارع الآن أصبح كل تركيزه على قُفة الملاح لسد الرمق، ولفت إلى أن المشاكل والخلافات السياسية طافية على السطح، وأصبح تأثيرها على المواطن الذي يريد من السلطة الحاكمة الانتباه إلى مطالبه الأساسية التي من أهمها تحقيق العدالة، ومعالجة الاقتصاد المتدهور وتحقيق السلام، مطالباً المكونين المدني والعسكري بمناقشة ومعالجة القضايا من خلال الحوار الشفاف والوضوح.
تعقيداتٌ وانقساماتٌ
وكان النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، اقر في حديثه خلال زيارة رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك لقيادة الدعم السريع بمعاناة المواطن الذي يعيش ظروفاً قاسية بحثاً عن لقمة العيش، مُشيراً إلى أن كل ذلك يحدث في ظل تعقيدات وانقسامات كبيرة في المشهد السياسي وهشاشة في الأوضاع الأمنية وتنامي خطاب الكراهية والعنصرية والجهوية والقبلية، ودعا للتكاتف وتوحيد الجهود لتجاوز الخلافات الحزبية والجهوية والقبلية، ومواجهة الأخطاء بشجاعة لبناء مستقبل أجيال قادمة، والانتقال من الخوف من بعضنا البعض، إلى الثقة في بعضنا البعض, وقال حميدتي إن زيارته حمدوك تجسد بشكل واضح وصريح معاني ومضامين الشراكة بين طرفي الوثيقة الدستورية عسكريين ومدنيين، وأضاف لا شك أن الظروف المعقّدة والحسّاسة التي تمر بها بلادنا وهذه التحديات الجسيمة التي تواجهها بلادنا تتطلب منا جميعاً دون تركيز على تقسيم (عسكريين ومدنيين)، العمل معاً للقيام بعملية إصلاح شاملة وعميقة، بالتركيز على أهم الأولويات، وفي مقدمتها تحسين الخدمات الضرورية والاهتمام بمعاش المواطن، ولكن الدكتور عبد الله حمدوك بأن الزيارة هي مواصلة لسلسلة زيارات مماثلة قام بها للمؤسسات ذات الطابع العسكري والأمني، وهي تأتي في إطار دعم الانتقال المدني الديمقراطي، وللتأكيد على الأسس والأهداف التي توافقت عليها كل أطراف السلطة الانتقالية وكانت الوثيقة الدستورية نتاجاً لها.