آمال عباس تكتب : وقفات مهمة..كمبوديا عندما ضحكت ضفادع نهر الميكونج على اليانكي
الأسف والاعتذار كله للقُرّاء على غياب لقائنا الحبيب إلى نفسي والذي افتقدتموه كثيراً.. وشكري لكل الذين افتقدوه وسألوا عنه والسبب كان سفري في رحلة عمل خارج السودان.
وقد صادف أن وقع في الأسبوعين الأخيرين من أبريل أكبر حدثين يُمكن لهذا العصر أن يقف عندهما ويعتز بهما كثيراً.. والحدثان إلى جانب أنهما نتيجة حتمية لنضال جاد وعادل وطويل قاده الإنسان الثائر في كمبوديا وفيتنام وأيضاً نتيجة حتمية لانتصار الحق. إلا أنهما كانا بداية رائعة لنهاية غول بشع وكريه ظل يؤمن بأنه قادرٌ على تشويه إرادة الشعوب الحرة.. في الحرية والاستقلال والسلام.
الأخ “د. ي. ب” أعطاني هذا المقال قبل أن أسافر وقبل أن تسقط سايجون تحت أيدي الثوار، وكان قد تنبأ بسقوط سايجون أن سقطت بنوم بنه.. وكان أن تحققت نبؤته قبل أن يعانق مقاله عيونكم.. وها هو المقال.. وها هي حقيقة أن الاستعمار يلفظ أنفاسهالأخيرة والعالم يُسجِّل كل يوم انتصاراً جديداً للثوار.. والعقبى لثوار فلسطين.. والعقبى لحركات التحرير في كل أنحاء العالم.. والتحية والتجلة لكل القوى الخيِّرة المُحِبّة للعدل والسلام.. والخزي والعار والدمار للاستعمار وأعوانه في كل مكان والمجد والخلود للسلم العادل.
كان قبل الانقلاب الذي أقصاه من الحكم قبل خمس سنوات أميراً يحكم باسم الملكية في أقدم مملكة من ممالك جنوب شرق آسيا.. وكان سيهانوك الأمير حاكماً ليبرالياً.. وصديقاً حميماً للغرب.. وكانت أسعد لحظاته حينما احتفل على نهر الميكونج بجائلين كندي بدعوة خاصة منه تعبيراً عن أواصر الصداقة والمودة مع حكم الولايات المتحدة الأمريكية.. ولكنه فوق ذلك كان يحب بلاده ويعلم أن توازن القوى في المنطقة ولدرء الخطر عن بلاده يفرض عليه أن يجعل الحياد الإيجابي مبدأً وعقيدة، ولكن أمريكا التي نصبت من نفسها بوليساً عالمياً لقمع حركات التحرير وثورات الشعوب أرسلت إلى فيتنام أكثر من نصف مليون جندي تُعزِّزهم الطائرات والبوارج وآخر ما أنتجته مصانع الحرب والدمار. لم يعجبها من الأمير الصديق أن يكون مُحايداً، في وقت يخوض معها الأصدقاء بجيش بلغ تعداده المليون ضد ثوار فيتنام، ولكن علمته التجارة بأن الذين يحملون وسام الصداقة مع أمريكا تمنحها الشعوب ألقاب العمالة والخيانة، فرفض أن تتحول مودته إلى عمالة ووقف بجانب شعبه، لكن مخابراتهم ووكالاتهم التي اشتهرت بتدبير الانقلابات والاغتيالات تخلّصت منه بانقلاب دبّروه ونصبوا في مكانه رئيساً صورياً يدعى لون نول رغم أن الأير سيهانوك كان الحاكم الشرعي لكمبوديا وصمت الذين يتحدّثون عن الشرعية كثيراً من سقوط الأمير وبدأ لون نول يُنفِّذ أوامر أمريكا بضرب ثوار فيتنام.
وحينما توحّدت قوى الثوار الكمبوديين تحت قيادة الأمير سيهانوك، وبدأت تخوض المعارك لاسترجاع حكم شرعي اُغتصب، كانت أمريكا ترسل الطائرات لضرب تجمُّع الثوار وتقتلهم بالمئات كل يوم دعماً لحكومة لون نول.
وتمر الأعوام الخمسة لتصل قوات الثوار المُنتصرة إلى أطراف العاصمة بنوم بنه ويفر المارشال لون نول إلى حيث يجب أن يكون، ولإنقاذ حكمه كانت ترسل أمريكا المعونات والعتاد الحربي لمن بقي، ولكن في صبيحة الخميس 17 أبريل 1975م كانت النهاية لحكومة العملاء ويوم الانتصار العظيم لقوات الثوار الكمبوديين وعيداً لكل المناضلين في جميع الأرجاء.
وثورة مايو التي اعترفت بحكومة الأمير نوردوم سيهانوك في المنفى وتضامنت مع شعب لتعتز وتبتهج بهذا الانتصار العظيم. فهو انتصار لمبادئ التضامن بين شعوب آسيا وأفريقيا في كفاحها المتواصل ضد الاستعمار.
أما أمريكا وحلفاؤها فكان يوم النصر فجيعة أليمة لهم، عبر عنها الرئيس فورد وهو يعلن الى أمته التي تعد من أقوى دول العالم نبأ سقوط بنوم بنه على أيدي الثوار رغم الدعم المادي والحربي لحكم كان مفروضاً على شعب ومرفوضاً منه.. بدأوا يُصوِّرون النصر بأنه اغتصاب للحكم بقوة السلاح وإراقة الدماء بعدما صمتوا على جريمتهم خمس سنوات.
وغداً ستسقط سايجون على يد الثوار الذين تؤيدهم وتعترف بحكومتهم، ستسقط سايجون رغم بلايين الدولارات وأطنان القنابل التي لم تشهدها حرب من قبل.
هذا هو مصير الذين يقفون ضد إرادة الشعوب ويتآمرون ضد حكوماتها الشرعية وثوراتها وإن عاد ثوار كمبوديا إلى بنوم بنه أمس، فغداً سيعود الثوار إلى سايجون وسانتياغو.
وفي مساء ذلك الخميس صمتت المدافع بعد خمس سنوات وانتصر السلام وعاد الهدوء على نهر الميكونج، وأمس الضفادع ترسل ضحكاتها وهي تشهد بوارج اليانكي تبتعد نحو الأفق البعيد تاركةً خلفها ذكريات الهزيمة على نهر الميكونج.
د. يوسف بشارة
- وجهة نظر
حول تطبيق الميثاق – الفكر والممارسة (2)
خلال الصراع الطويل الذي شهدته بلادنا بين القوى الثورية التقدمية وبين الرجعية والفئات النفعية والاستغلالية التي انتكست بحركة القوى الثورية.. تمزّقت الإرادة الشعبية وتبدّدت طاقات الجماهير.. خلال ذلك برزت القوى الثورية الوطنية الممثلة لجماهير شعبنا.. ونتيجة لذلك الصراع ولدت قوى ثورة مايو التي واجهتها مسألة السلطة لمن هي؟ والقوى الوطنية الممزقة.
فحسمت الثورة هذه المسألة في أن السلطة للشعب، وعملت على ابتداع الإطار التنظيمي لمُمارسة تلك السلطة بواسطة القوى الوطنية الثورية من خلال تجميع الطاقات الوطنية الذي أمّنت الثورة أنه أقوى منطلق للعمل الوطني, وهو توحيد للإرادة الشعبية من أجل هدف واحد هو ربط التحرر السياسي بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وإننا لنجد ملامح واضحة بارزة كانت في وجدان الثورة وضميرها منذ قيامها بشأن التنظيم السياسي.. إذ أنها أرادت له أن يكون مُعبِّراً عن جماهير الشعب وتطلعاته وأمانيه.. وحدّدت مساره بديمقراطية شعبية جديدة تتحقّق فيها ممارسة الجماهير للسلطة، واختطت الثورة لذلك طريقاً اشتراكياً نابعاً من واقعنا تتحالف وتتوحّد في إطاره كافة قوى الشعب العاملة.
وهكذا خرجت مايو بالممارسة السياسية من إطار المناورات الخفية والمستترة ومن إطار الليالي السياسية إلى آفاق أوسع من أجل التغيير الاجتماعي والتحول الاقتصادي.
وبالنظر إلى واقعنا الجغرافي بشقيه الطبيعي والبشري وما نتج عنه من ظروف وأوضاع اجتماعية خاصة، كانت صيغة التحالف بين قوى الشعب العاملة تمثل مرة أنسب صيغة وأفضل إطار تنظيمي لتوحيد القوى الوطنية تجاوباً مع ذلك الواقع واستجابة لمقتضياته, وتمثل مرةً أخرى مُحاولة ثورية جادّة وأصيلة لفرض التغيير الثوري على ذلك الواقع بهدف التطور والتقدم، فلم تكن الثورة أمام ذلك الواقع تُقدِّم استجابات حتمية مفروضة عليها وكفى.. وإنما تفرض هي من جانبها مُمارسات جديدة تتناسب وإمكانات واقعنا ومُجتمعنا.
وبينما فشلت الأحزاب جميعها في الوصول إلى إطار يؤكد وحدة السودان الجغرافية والسياسية ويجمع الولاء من حول الأرض السودانية إيماناً بها ودفاعاً عنها وعملاً من أجلها.. استطاعت ثورة مايو أن تجمع قوى الثورة على اختلاف مُنطلقاتها الفكرية السابقة وفرضت انتماءً جديداً وأخلاقيات مُعيّنة.. وأعادت الثورة تنظيم هذه القوى في أوعية قادرة على استيعابها ممثلة في منظمات الثورة الجماهيرية أولاً.. ثم في الاتحاد الاشتراكي السوداني مُستوعباً لكل الفصائل الثورية مُمثلاً لاتّحاد كافة القوى الوطنية الثورية ذات المصلحة في الثورة، وعلى ذلك قام الاتحاد الاشتراكي السوداني تنظيماً شمولياً بمعنى أنه يفتح المجال واسعاً أمام القيادات الجماهيرية وأمام كل القادرين على تحمُّل مسؤولية العمل الوطني والإسهام فيه من أجل البناء والتنمية، وهو يفتح المجال ويدفع القوى صاحبة المصلحة في الثورة للوصول الى السلطة والمشاركة فيها مشاركة فعلية لتسهم بدورها في ممارسة حقيقية في تغيير الأبنية والعلاقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
وبنى الاتحاد الاشتراكي السوداني على تحالف قوى الشعب العاملة ممثلة في العُمّال والزُّراع والمهنيين والتجار والقوات النظامية.. تلك القوى الوطنية التي كان الاستقلال السياسي ثمرة نضالها وانتفاضاتها وشاركت فيه جميعها في مُختلف مراحل تاريخنا وفي مختلف جهات بلادنا.
ولقد أدركت الثورة أن القوى صاحبة المصلحة في الثورة متمثلة في تحالف قوى الشعب العاملة لا يمكن أن تُترك هكذا, فعمدت الى ضمان ممارسة السلطة للقطاع الأوفر من هذه القوى الذي يمثله العُمّال والزُّراع، فحددت أن يكون تمثيلهم على كافة المستويات التنظيمية 50% على الأقل “خمسين في المائة” من مجموع عُضويتها، لأنّ العُمّال والزُّراع هم أغلبية الشعب الذي تحمّل طويلاً مَشَقّة الأوضاع المُتخلِّفة المتردية اجتماعياً واقتصادياً، بل وسياسياً وفي ظل النظام الثوري لمايو هم أصحاب المصلحة الحقيقية وهم الذين يتحمّلون عبء إحداث التنمية والتحديث.
وبهذا، يمكن إبراز هدف مشترك نحس أنه ينبغي أن يكون واضحاً وبارزاً، بل ومفهوماً على كافة مستويات العُمّال والزُّراع وهو أن التحالف مع ضمان 50% لهم إنما يعكس هدفاً اجتماعياً واقتصادياً تقدمياً، فإن العُمّال بما أُتيح لهم من فُرص العمل النقابي والاحتكاك في مجال العمل السياسي هم أقرب إلى الزُّراع في شد انتباههم ومشاركتهم في العمل الوطني من خلال تنظيم الثورة السياسي ومنظماته.. والعُمّال بحكم وجودهم في المُدن أو قُربها أنفع في مجالات خلق الصلات بين الريف والحضر وإشاعة الوعي الوطني ونشر فكر الثورة بين جماهير الزُّراع القريبين منهم. وتبرز أهمية ذلك بوضوح إذا ما راعينا خطط الثورة وبرامجها في نشر وتوزيع الصناعات في مختلف جهات بلادنا قرب مواقع الإنتاج الزراعي الذي تعتمد عليه الصناعة.. ففي تلك المواقع يُمكن بالجهد المُخلص بناء كوادر ثورية من العُمّال والمُزارعين في مواقع الإتاج تدفع بالعمل الثوري إلى الأمام وتؤدي التجربة الوطنية في إطار تنظيمنا السياسي الفرد مُؤكدة لصيغة التحالف مدعمة إيّاها.. دافعةً لها لمزيد من الثبات والنمو والتطور.
وكان من الطبيعي أن تدخل قوات الشعب المسلحة ضمن تحالف قوى الشعب العاملة، فإنها درع الثورة الجماهيرية وحاميتها من الأعداء في الداخل والخارج.. وهي حامية التحالف وميثاق عملنا الوطني وديعة لديها.. ثم إن قوات شعبنا المسلحة تمثل فيما تمثل الفئة التي تملك أعلى قدرٍ من الانضباط النظامي ولديها من الإمكانات التكنولوجية والقدرة الفنية ما يجعلها تتفوّق في هذا المجال على كافة الأجهزة والمُؤسّسات الموجودة في بلادنا وعلى ذلك من خلال وجوها ضمن قوى التحالف، وفي ظل ظروف بلادنا الاجتماعية والاقتصادية يمكنها بل ينبغي أن تلعب دوراً بارزاً في الإسهام والمشاركة الفعلية مع جماهير شعبنا في البناء والتنمية والتحديث.. وهو واجبٌ ومسؤولية تتحمّلها بشجاعة وإخلاص وتفانٍ قوات شعبنا المسلحة بحسبانها طليعة ثورية تقدمية، ووفاء بالتزاماتها ومسؤولياتها أمام الشعب في ظل ثورة مايو التقدمية الاشتراكية، ولا يُمكن أن يتحقق ذلك الدور بفعالية ومشاركة حقيقية اذا لم تحمل القيادات الى جانب الضباط والجنود في داخلها نفس ملامح الحركة الجماهيرية وتتقمّص نفس اتجاهاتها الشعبية الأصيلة.. مؤمنة بمباديء الثورة واهدافها طريقاً أساسياً لبناء مستقبل مشرق لبلادنا.
ولطالما كان المهنيون هم الطليعة المثقفة الواعية المعبرة عن الآلام والآمال لهذا الشعب خلال مراحل نضاله الطويل وصراعه مع قوى الرجعية والتخلف والسيطرة الطبقية.. ووقفت ضد محاولات احتواء حركة الجماهير في إطارات ضَيِّقَة واستغلالها لمآرب وأهداف لا تَتّفق ولا تتناسق مع اتّساع وعُمق الحركة الجماهيرية في نموها المُتصاعد ووعيها المُتزايد.
وهذه الفئة وإن عانت من التمزُّق فيما قبل ثورة مايو بين المنطلقات والاتّجاهات الفكرية المختلفة وتجاذبتها تطلعات غربية.. فإنها إنما كانت تُعاني من تمزُّق نفسي وفكري خطير، ولم تستطع الأوضاع السياسية ما قبل مايو أن ترأب تلك الصدوع والشروخ، وإنما مايو استطاعت أن تضع هذه الفئة في موضعها الصحيح من الثورة وتستجمع من حولها طاقاتها المُبدعة، وأن تنهي تمزُّق ذلك الجُزء منها وتضمه إلى القوى الوطنية الأصيلة في احتكاك حقيقي بالمجتمع.
والتجار وأصحاب الأعمال إنما هم قوة وطنية ينبغي تثويرها ودفعها إلى عمق الحركة الجماهيرية لتواكب التغيير الثوري للمجتمع اجتماعياً واقتصادياً.. وتتغيّر خلال ذلك علاقاتها بالجماهير في ظل ثورة تقدمية اشتراكية.. ويجب أن تشارك وتسهم بجهدها الوطني المُخلص في تنفيذ خُطط وبرامج الثورة المُعلنة في الميثاق.
إذن وحدانية التنظيم السياسي استهدفت أساساً توحيد القوى الوطنية والمُحافظة عليها وتجميعها وتنظيمها في حركة مُتّسقة فاعلة قوية لإحداث التغييرات الجوهرية لنقل المُجتمع من التخلُّف إلى الديمقراطية والاشتراكية، وهو ما لا يتحقّق في تعدُّد التنظيمات، حيث تستهلك الجهود والقوى والوقت الصراعات الحزبية التي ينزلق إليها العمل السياسي في مجال تعدُّد الأحزاب.
ووحدانية التنظيم السياسي، أعطت المجال لممارسة الجماهير للسلطة ممارسة حقيقية تتأكّد تماماً من واقع إدراكنا أن التنظيم السياسي الاتحاد الاشتراكي السوداني هو تنظيم جماهيري حاكمٌ، فهو يرسم السياسات ويضع الخُطط والبرامج، ويقوم بتوجيه السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية حسب سياساته، وهو لا يقوم بعمل تلك السلطات الثلاث ولا ينوب عنها. فالأهداف الثورية المُعبِّر عنها في الميثاق ترسم على أساسها خطط التنظيم السياسي وبرامجه في كافة المجالات، وتتولّى السلطة التشريعية إصدار التشريعات اللازمة بما يحقق ضمان تنفيذ تلك الخُطط والبرامج بواسطة الأجهزة التنفيذية، وبما يضع الحدود والضوابط التي تُمكِّن السلطة القضائية من مُمارسة أعمالها واختصاصاتها في إطار تلك السياسة.
وعلى ذلك وفي إطار التنظيم السياسي الذي أرادته الثورة مبنياً وقائماً على جماهيرية وشمولية التنظيم مُمارسته للسلطة على كافة المستويات التنظيمية ودفعه لحركة البناء والتغيير الثوري.
نستطيع القول بأن تنظيمنا حقيقة ليس هو الهياكل التنظيمية من القاعدة إلى القمة، وليس هو تنظيم صفوة، بل هو تنظيم جماهيري يعيش في عُمق الحركة الجماهيرية اليومية أو ينبغي أن يكون وهو يجب أن يكون مُنظّماً بحيث يدفع تلك الحركة اليومية ويرعاها ويُدافع عن مصالحها ومكاسبها الثورية في كل وقت وبشتى الوسائل، لأنّ التنظيم السياسي على كافة المستويات القيادية، لا بد أن يُشارك في العمل اليومي والاهتمامات اليومية للجماهير.. لا بد أن يتمتّع بالحضور الكامل وأن يلعب دوره في التخطيط والإشراف والرقابة بكفاءة في كل ميادين الاقتصاد والسياسة.. ووجوده ضروري لتنشيط ومراقبة وتوجيه كافة نشاطات الجماهير في الوحدات الأساسية والفروع.. وليس المقصود هو مُتابعة ومراقبة وتوجيه الأفراد.
إن الاتحاد الاشتراكي السوداني يغرس جذوره في أعماق الجماهير العريضة ويقود حركتها على كافة المستويات بدءاً من الحي وموقع العمل.. بهذا استطاعت ثورة مايو أن تجسم الثقة في القاعدة العريضة لجماهير شعبنا لأول مرة في تاريخ نضالها، إذ لم تقتصر المسؤولية السياسية للتنظيم على القيادة في مستوياتها العليا، بل استطاعت أن تحقق مسؤولية الإشراف السياسي والرقابة والتوجيه على مستوى قاعدة التنظيم السياسي نفسه.. وهذا ما يُحقِّق للتنظيم السياسي وجوده الكامل المتكامل وقيامه بدوره في كل الميادين الأساسية السياسية والاقتصادية والاجتماعية التخطيطية والتنفيذية.
عادل توفيق عبد النور
مقطع شعر
فيتنام المُناضلة
ملحمة انتصار شعب فيتنام تلك السيمفونية الرائعة النادرة التي ظلت تعزفها جموع مناضلي فيتنام على مدى سنوات نضالهم وبسالتهم لجديرة بالتقدير والاحترام والتقديس.. وأيضاً بمناسبة عام المرأة وبمناسبة الانتصار الكبير نأتي بمقطع لشاعرة فيتنامية مناضلة وبطلة وهي “مثان هاي” ومن ديوان شعرها الذي أسمته “الرفاق المخلصين” إليكم هذا المقطع، أما الشعب الفيتنامي البطل فله منا نحن النساء السودانيات ومن شعب بلادنا إجلالنا واحترامنا وللإمبريالية الأمريكية العار والدمار واحتقار العالم أجمع، والمقطع يقول ويحكي قصة أم حالت قضبان الاستعمار وأسواره دونها وطفلها الذي يحبو باحثاً عنها:
أواه يا صغيري
كيف يُمكنك أن تجدني
لقد كبّلت خطاي
خلف قضبان وأسوار
وسحق الوحوش
سحق المُجرمون
صدر أمك
فلم تعد به قطرة من لبن
فقط أنهار من الدم الأحمر
إنني أحس بقُدُومك
فهل لأنّني سرت طويلاً
وبلا راحة
أحس بك الآن
يا أغنيات من دروب القرى
وشوارع المدن
يا أمواج أقدام
عبرت الجداول والأنهار
لنهزم العدو
ولنعيد ما سُلب
يا أغنيات
من أجزاء بلادي
من تلك التي حرّرت
مع رياح الحقول الشاسعة
وتربة الجبال الحمراء
ضوء النهار
مربع شعر:
قال الشاعر الشعبي يوسف الشامي متغزلاً:
يا ود حمّيد جيت ماشي العصر بالنيم محل الرادي
لاقتني العناق عبل جات قادلة بالعراقي
أنا بقول يا ست العروض والله حارقة فؤادي
أنا في الأسف نامن المنادي ينادي
من أمثالنا:
كل شوكة يسلوها بدربها.