العنوان أعلاه ربما تكون أكثر جُملةً اُستخدمت واُستهلكت من قِبل المسؤولين من لدن قادة المجلس السيادي، مروراً بمجلس الوزراء، وانتهاءً بالمديرين التنفيذيين للمحليات، ولكن إذا أعدت النظر كرتين لن تجد لهيبة الدولة أثراً، فلا أحد يتوقع ما يحدث له في دولة أصابها الوهن والانحلال، ومَن تقلّد السلطة يغط في نومٍ عميقٍ وكأن الأمر لا يعنيهم، وحتى لا يتّهمنا البعض بأننا لا نرى إلا المسالب، نقول لهم إنّ لم نبصركم بالمسالب ونحدِّد لكم مَواطِن الخلل نكون قد خنا أمانة الكلمة، فبالأمس القريب تعرّضت سيارة تقل عدداً من المُعدِّنين قادمين من منطقة سنقو للاعتداء من قِبل مجموعة مُسلّحة قتلت 4 أفراد وجرحت آخرين، ووقع الحادث في منطقة (أم بربتا) في ضواحي تلس. وفي الخرطوم شاب سائق ركشة وُجد مقتولاً ومقطع الأوصال وغيرها من الحوادث التي يصعب حصرها والسبب غياب الدولة وليس هيبتها فقط!!!
في ظل وجود هذه الجيوش، القوات المسلحة، الدعم السريع، الشرطة، جهاز المخابرات العامة وجيوش الحركات المنتشرة على طول البلاد وعرضها، إلا أننا لا نشعر بالأمن في بيوتنا وفي أماكن عملنا وفي حلّنا وترحالنا!! إذن كيف الخروج من هذه الدوامة التي ظللنا ندور في فلكها من زمن بعيد..؟!
أصبحنا هدفاً سهلاً للعصابات والشفوت واللصوص وقاطعي الطرق، وما زال أولو الأمر يصكون آذاننا في أحاديثهم ببسط هيبة الدولة، ولكن هيهات، فإن الأمر قد صعب عليهم وانفرط العقد، ونتيجةً لذلك سعى كل إنسان إلى حماية نفسه، وتسابقوا نحو شراء الأسلحة النارية والبيضاء، وإذا سألت أحدهم لماذا فعلت ذلك يقول لك ومَن يحميني من المُجرمين؟! إجابة تلجمك وتعطيك مؤشرات واضحة إلى حالة اللا أمن التي نعيشها!!!
السيد رئيس الوزراء، عندما طالب الثُّوّار بحكومة كفاءات غير حزبية، كانوا يدركون عواقب الحكومات الحزبية في مراحل الانتقال، وأمامك الدليل، فهنالك حزب مُشارك في الحكومة ويسعى لإسقاطها في نفس الوقت، ويعمل الآن للخروج إلى الشارع وأنت لا تُحرِّك ساكناً بإقالة المقصرين من الوزراء والمسؤولين وخاصةً الذين يقع الأمن تحت مسؤولياتهم المباشرة.
أما مسألة بسط هيبة الدولة، فقد سقطت الهيبة وسوف تسقط الدولة إذا كان التعاطي مع أمن وحماية الناس بهذه الطريقة.
عزيزي القارئ إذا تحدّث إليك مسؤولٌ عن بسط هيبة الدولة، فاعلم أنك تضيع زمنك الغالي في الاستماع إلى سفاسف أمور لا تقدمِّ ولا تُؤخِّر.
مَن يشتري هيبة الدولة بدرهمٍ..؟