تقرير- أبو ذر مسعود
على مدى ثلاثة أيام متتالية دخل حاكم إقليم دارفور وولاة ولايات الإقليم الخمس في مباحثات متواصلة بمدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور، للتباحث عن الفرصة الأخيرة للنهوض بالإقليم، والتشاور حول قضاياه الملحة، والعمل على صياغة اتفاقيات حول عدد من المجالات المختلفة بغية إيجاد حلول مثمرة للقضايا الأمنية وتوسيع التعاون الأمني والاقتصادي والتجاري بين الولايات، فضلاً عن بذل جهود في سبيل تهدئة حدة التوتر في المنطقة ودفع العلاقات إلى تحقيق تطور أكبر في ظل الظروف الجديدة للإقليم.
الاجتماعات المتتالية بحثت أيضاً عن سبل محاربة الظواهر السالبة والجريمة العبارة ومكافحة الإرهاب وضبط الحدود بين الولايات والحد من النزاعات المُسلّحة وانتشار السلاح، وصولاً للتعاون في محور الخدمات، في مقدمتها الكهرباء والمياه والصحة والطرق القومية ومشروعات البنية التحتية.
تداعيات
بغير شك مَن ينظر الى منطقة دارفور ككل يجد أنها مرت بالكثير من التداعيات المختلفة خلال حرب الـ(17) عاماً التي مرت بها، فبعد ان كانت تتكون من 3 ولايات تم تقسيمها الى 5 ولايات، وشهدت توقيع عدد من اتفاقيات السلام، مروراً باتفاقية ابوجا، ثم اتفاقية الدوحة، ثم اخيرا اتفاق جوبا، غير ان كل تلك التداعيات لم تفلح في إنهاء الصراع بالإقليم والذي صاحبه انهيارٌ كبيرٌ في البنى التحيتية ومئات الآلاف من النازحين واللاجئين، فضلاً عن تمزق كبير أصاب النسيج الاجتماعي، ما جعل كل الآمال تنعقد على الإجراءات التي تتم حالياً في المنطقة بتحويلها لإقليم، اذ يرى الكثيرون ان تلك هي الفرصة الأخيرة لإخراج دارفور من وهدتها.
تطوير الإقليم
ذكر الولاة في بيان مشترك في ختام المؤتمر التشاوري الثاني، أن المشاركين ناقشوا خلال الاجتماع كل من شأنه الارتقاء بالإقليم وأهمية تطويره في مختلف المجالات الأمنية والاقتصادية والتنموية، سيما فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب وضبط الحدود بين الولايات والجريمة العابرة.
وأضاف البيان الختامي أنّ الأطراف بحثوا كذلك إمكانية تبادل الخبرات الأمنية بين جميع الولايات، إلى جانب كل ما من شأنه أن يسهم في تحقيق أمن الإقليم واستقراره.
حجر الزواية
شدد حاكم الإقليم مني أركو مناوي، على قضية الأمن وتحقيق الاستقرار الأمني بإقليم دارفور والتي لا تزال تؤرق حكومات الولايات الخمس، وجدد قوله بأن تحقيق الاستقرار يمثل حجر الزواية نحو الانطلاق في بناء الإقليم، وطالب مناوي خلال مخاطبته ختام الاجتماع التشاوري الثاني لولاة دارفور والذي اختتم أعماله، الأحد، بالفاشر، طالب الحكومة الاتحادية بالإسراع في معالجة قضايا الأمن والنزاعات القبلية والمضي قُدُماً في تنفيذ بروتوكول الترتيبات الأمنية وعقد المصالحات بين مكونات المجتمع وإنجاز ملف العدالة الانتقالية بصورة شاملة ونشر وتعزيز قوات الشرطة والنيابات والمحاكم، ودعا لضرورة عقد اجتماع مشترك للجان الامن بالولايات في أسرع وقت ممكن للتباحث حول التعاون الأمني والاستخباراتي.
أصول يوناميد
وفي سياق آخر، كشف مناوي أن الأصول المتبقية من يوناميد تقدر بأقل (1%)، مؤكداً أهمية أن تؤول تلك الأصول لأهالي دارفور بشكل قاطع لتقديم المساعدات الممكنة والخدمات.
وتطرّق مناوي إلى الأدوار التي تقوم بها الإدارات الأهلية، ووصف تلك الأدوار بأنها كبيرة ومهمة وستساهم في استتباب الأمن بالإقليم، مؤكداً أهمية دعمها وتطويرها لتواصل القيام بدورها الطليعي وسط المجتمات.
تعاون استخباري
وفي السياق ذاته، عقد الأستاذ موسى مهدي والي جنوب دارفور على هامش الاجتماع لقاءً مع نظيره والي شرق دارفور، في مباحثات ثنائية تضمنت ملفات عدة، بينها أمن الحدود والتعاون الاستخباري ومكافحة المخدرات.
واشار موسى مهدي الى أن المباحثات ركّزت على تطوير العلاقات الثنائية بين الولايتين والتنسيق في مختلف المجالات، من بينها العمل الاستخباري ومكافحة المخدرات وأمن الحدود والأدلة الجنائية والتدريب، وأوضح أن الطرفين اتفقا كذلك على تبادل الزيارات واللقاءات بين المسؤولين في الولايتين بما يعزز المصالح المشتركة وأمن المنطقة.
توطيد علاقات الاقتصاد
بدوره، اعتبر والي ولايه شرق دارفور محمد عيسى عليو، أن توطيد العلاقات بين ولايات الإقليم ينعكس إيجاباً على استقرار المنطقة، فضلاً عن تحقيق الشراكات الاستراتيجية والاقتصادية.
فيما حثّ أمين عام حكومة غرب دارفور الوالي بالإنابة، ولاة الولايات للعمل من أجل تسهيل عملية التكامل الاقتصادي والتعاون الأمني المشترك وبناء وتنمية العلاقات بينهم.
قوة مشتركة
وكشف نمر محمد عبد الرحمن والي ولاية شمال دارفور في تصريح صحفي نيابةً عن ولاة الإقليم عقب الاجتماع، عن عزم الولاة على تشكيل قوة أمنيه مشتركة لتساهم في توفير الأمن وتُساعد المواطنين، بجانب دعم الترتيبات الأمنية وتنفيذ بروتوكولاتها، مشيراً إلى أن الاتفاق الذي تم مع بعثة يوناميد في ترتيبات خروجها النهائية هو أن يتم تسخير كافة الأصول التي تؤول للإقليم لصالح خدمات المواطنين ليتم من خلالها تقديم المساعدات الممكنة لهم وتقوية الحكومات المحلية للقيام بدورها في التنمية والتطوير، وقال إن الدلالة التي تنوي يوناميد إقامتها تعد فرصة مواتية لولاة الولايات لشراء العربات والآليات والمعدات للمساهمة في تدعيم بنياتها التحتية واللوجستية.
قرارات مشتركة
وأكد والي ولايه وسط دارفور د. أديب عبد الرحمن، حرص حكومته على بناء أفضل العلاقات بين الولايات والتنسيق التام بين الولاة لاستصدار قرارات مشتركة لكبح جماح التفلتات الأمنية وتوحيد القرارات المتعلقة بالأمن والاقتصاد والتجارة، مع انتهاج سياسة الحوار والتهدئة لضمان استقرار المنطقة، ومحاربة النزاعات القلبية التي تهدد أمن المنطقة بأسرها.