بهاء الدين قمرالدين يكتب : إفراغ وطن!
غريبٌ جداً ومحزن للحد البعيد ما يحدث في وطننا السودان اليوم!
فقد أضحت حياتنا جحيماً لا يُطاق ونار جهنم حمراء ومعاناة لا تنتهي وظروفاً اقتصادية قاهرة, وشظفاً في العيش, واسعار السلع والمواد الاستهلاكية تقفز كل يوم قفزات خيالية, وصارت حياة الشعب السوداني أوجاعاً واحزاناً ومآسِ ودموعا!
الحُزن استوطن القلوب, واليأس ضرب علينا سياجاً حديدياً مُحكماً حتى اننا لم نعد نرى بارقة أمل او فألاً حسناً!
لقد طمر الوطن ودفن الشعب في جب الإفقار والمسغبة, وصار الوطن طارداً وقاتلاً وسجناً كبيراً!
واصاب الكثيرين سعار مادي وجائحة كورونا أخلاقية, واستشرى سرطان قيمي في جسد المجتمع وضرب بقوة المنظومة الاجتماعية والأسرة التي كانت خط الدفاع الاول والحاضنة الاجتماعية والملاذ والجنة الواقية!
فقلّت الرحمة بين الناس, وانعدمت المحبة والمودّة بين الإخوة والأهل والأقارب, وتقاتل الإخوان من أجل لعاعة دنيا فانية وحفنة ملاليم لا تغني ولا تثمن من جوع!
لقد تبدلت القيم وتغيّرت المفاهيم وحلت محلها أخرى وافدة لا تشبه طينة هذا الشعب الأصيل والنقي والصادق!
والسؤال الذي يثور في هذا المشهد الكارثي والمفجع ترى ماذا أصابنا, ما الذي حلّ بنا واستجد على حياتنا!؟
إن ما يحدث اليوم في السودان هو (تفريغ) وتنظيف وطن من ناسه وثرواته وإمكاناته، لصالح جهات ودول معينة لا علاقة لها ببلادنا لا من قريب او بعيد!
هي جهات ودول تطمع في ثروات السودان وإمكانياته وخيراته وناسه!
فبعد أن (شاخت) هذه الدول وأصابها الهرم ونضبت ثرواتها وجفّت مواردها, (وشرد الدم من عروقها), واصبحت أرضاً صحراء جرداء وقاحلة وبوراً بلقعاً, ينعق فوقها البوم وغراب الشوم, ففكرت في مصدر بديل ومعين لا ينضب وارض بكر وسواعد شابة وقوية؛ فوجدت كل تلك المواصفات تنطبق على السودان!
فحاكت مؤامراتها ورمت شباكها فيه, واستولت على قدراته وإمكانياته وثرواته, وصارت (تحلب) ضرع الوطن, وتسرق خيراته وتنهب ثرواته الضخمة نهاراً جهاراً وأمام الجميع بلا خجل أو خوف!
ثم رسم أولئك اللصوص والسارقون، سيناريو المعاناة والتعذيب والإلهاء للشعب, واغرقوا البلاد في دوامة الأزمات المصطنعة، من انعدام في الخبز والدقيق والكهرباء والماء والوقود، والإفقار وشظف العيش حتى لا ينتبه الشعب لمُخطّطاتهم المُدمِّرة للوطن والتي ينفذها (للأسف) بعض من بني جلدتنا حرفاً حرفاً!
وأصدق دليل على ما ذهبنا إليه، إنه لا يوجد مبرر مقنع يُفسِّر مُعاناتنا اليوم, فنحن قطر حباه الله بإمكانيات ضخمة وثروات كثيرة, وارض زراعية خصبة وممتدة شاسعة، وأنهار جارية, بل ما نملكه نحن لا يوجد عند الآخرين وتفتقده كثير من الدول, بيد أننا رغم ذلك فنحن جوعى وفقراء واقتصادنا منهار تماماً!
ألم أقل لكم، إنها سياسة التفريغ وتطفيش الشعب إلى خارج السودان, وها هي الأعداد الكبيرة من أهلنا وناسنا هاجرت بأسرها وأبنائها الى خارج السودان واستوطنت في دول الجوار والمهجر، ونقلت إليها ثرواتها ومالها واشترت فيها القصور والشقق والفلل، وأصبحوا من ضمن رعاياها ومواطنيها!
والدول أو الجهات التي تفرغ السودان من شعبه وثرواته، أصابتها أضرار اقتصادية كبيرة جرّاء جائحة كورونا التي ضربت كل العالم مؤخراً، فكان لا بد أن تعوض هذه الخسائر الضخمة من خيرات وثروات أرض السودان بعد إشعال نيران الخلافات والفتن, و(تكريه) ناسه فيه!
وكما أسلفنا، فإن الذي ينفذ تلك السياسات القاتلة والمُدمِّرة؛ هم من بني جلدتنا (ظاهرياً وشكلاً)، بيد أن قلوبهم وعقولهم (أجنبية) وهم اذرع وأيدٍ مدمرة وسارقة تُنفِّذ أجندات النظام العالم الجديد والماسونية واليهودية العالمية, ولا علاقة لهم بوجع الشعب وجرح الوطن!
وآهـ يا وطني العزيز!